كلود بورجيكس Claude Bourgeyx - لوسيان.. قصة قصيرة - ترجمة: عبدالقادر وساط

كان لوسيان يشعر بالغبطة وهو متكور على نفسه. تلك كانت وضعيته المفضلة. بيد أنه لم يشعر قط بمثل هذه السكينة ولا بمثل هذه الرغبة في الحياة. كان جسده مسترخيا، خفيفا، كأنه خارج الجاذبية. كان يحس أنه يطفو، مع أنه لم يتناول أي مخدر لبلوغ تلك السعادة الغامرة. كلا. لقد كان هادئا ورائق المزاج، بكيفية طبيعية. ويمكن القول ان سعادته تلك كانت سعادة أنانية.
غير أنه سرعان ما داهمه ألم شديد، في تلك الليلة بالذات. كان ألما يفوق الاحتمال. شعر البائس كأن آلة ضاغطة تهصره هصرا، وبدا له أنّ جسده يُطحن بين الفكين الرهيبين لمدقة فولاذية. أيّ ألم هذا الذي باغته بتلك الكيفية؟ ولماذا انتابه هو دون سواه؟ وأي عقاب حاق به؟
" هي النهاية إذن" قال لوسيان لنفسه.
استسلم للألم مغمضا عينيه وعاجزا تماما عن الصمود لذلك السيل الذي غمره من كل جانب وابتعد به عن الضفاف المألوفة. كان قد فقد كل قدرة على الحركة، كأنَّ قيدا حديديا يشده ويشله من أعلى رأسه حتى أخمص قدميه. كان يشعر أنه يُساق إلى مكان مجهول ومخيف. وخُيِّلَ إليه في لحظة ما أنه يسمع موسيقى تنبعث من أغوار سحيقة. كانت مقاومته تتلاشى، بينما العدم يجذبه إليه.
إثر ذلك غمره شعور بالوحدة. ولقد كان وحيدا بالفعل في محنته تلك. ما من أحد هناك ليسعفه أو يساعده. لم يكن ثمة أمامه من خيار سوى أن يجتاز ذلك المعْبرَ وحيدا.
"هي النهاية إذن"، قال لنفسه من جديد.
بقي الألم يتفاقم حتى أوشك أن يفقده صوابه. داهمه إحساس بأن يدي الخالق تمزقانه إربا إربا. إثر ذلك انبثق ضوء كثيف أعماه عما حوله، ثم أحس بما يشبه اندلاع النار في رئتيه. وعندئذ أطلق صرخة حادة.
وإذ سحبَتْه القابلة من قدميه، صرخَتْ بصوت راعد:" إنه طفل ذكَر."
كان لوسيان قد وُلد.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى