محمد الأمين جوب - آخر مقامات التجلي...

في مدح النبي صلى الله عليه وسلم


بِقَدْرِ مَا أنَا أمْشي أَو أَشِي قَدَرَا
"يَا نَارُ كُوني" فَكَانَتْ رُوحُهُ قَمَرَا
بقَدْرِ مَا جِئْتُ مُغْمًى لِلحَنين دَمي
مُبَعْثَرٌ وفُؤَادِي لَا يُرَى وَيَرَى
يَا بَيْدَرَ المُدُنِ الجَوْعَى وَيَا مَدَدًا
لِلحَائِرِينَ وَيَا مَن فَيْضُهُ انفَجَرَا
أَنَا المُذَبَّحُ في نَجْوَاكَ يَسْكُنُني
مَا يَسْكُنُ المَوسمُ القَمْحِيُّ إن عَثَرَا
فالأبْجَديَّاتُ في صَحْراءِ أخْيِلَتي
صَرْعَى وقَافيَتي المُزْجَاةُ طيْفُ كَرَى
مُحَلِّقًا في مَهَبِّ الشَّوْقِ مُتّقِدًا
فَمَن سَيُطْفئُ فِيَّ النّارَ والشَّرَرَا
مُغَامِرًا في بِطَاحِ الوَجْدِ مُغْتَرِبًا
كَأيِّ مُوسَى تَشَظَّى يَتْبعُ الخَضِرَا
مُسَافرًا فِي اتّجَاه الشَّرْق مُنهَمِكًا
مِقْدَارَ مَا ظلَّ دَمعُ الشّوْق مُنهَمرَا
وقدْ وَصلْتُ بلاَ سَاق ولاَ جَسد
طعْمي السُّهَادُ وميعَادُ السُّرَى حَضَرَا
بِي مَا لِكُلِّ بِلاَلٍ عِندَ لَوْعتِهِ
في الجَمْر يَسْمُو بِذِكْرِ اللهِ مُنصَهِرَا
بِي مَا لِأُمّي فَمُذْ وَدَّعْتُها شَجَنًا
تَحْكي وتَبْكي وتَعْدُو صَوْبَ غَارِ حِرَا
قَالتْ: جَعلتُكَ في يَومِ الذَّبيحِ فِدًى
خُذِ الوُرُودَ وَوَزِّعْهَا هُنَاكَ ثَرَى
خُذِ اليَنابِيعَ وَانثُرْهَا عَلَى مَهَلٍ
في مَوْضِعٍ ضَمَّهُ جِبريلُ حينَ قَرَا
ميمُ اسمكَ العَذب مجْدٌ حَاؤُهُ حِكَمٌ
وآخَرُ المِيمِ ماءٌ يُنعِشُ البَشَرَا
والدّالُ دأبُكَ في لُطِفٍ وفي كَرَمٍ
أَنّى اتَّجَهْتَ وجَدْتَ الحَقْلَ مُزْدهرَا
مُحمّدٌ وَجهَاتُ الأرضِ شَاخِصَةٌ
أَبصَارُهَا ثُمّ يَزْهُو العِطْرُ مُنتشِرَا
مُحَمّدٌ يا مِدَادَ العَاشِقِينَ لَقَدْ
فُقْتَ البَريّةَ لَمَّا جُبْتَ كُلَّ ذُرَى
صَنَعْتَ جَنَّةَ عَدْلٍ مُذْ دَعَوْتَ إلَى
سِلْمٍ وَمُذْ جَرَتِ الأَنهَارُ فِيكَ قِرَى
لَقَدْ أَقَمْتَ جِدَارًا لا انهيَارَ لَهَا
من بعد مَا طُفْتَ في الأقْدَارِ مُصْطَبرَا
فَأَيْنَ شَرْعُ "حَمُورَابِي" وحِكْمَتهُ
مِن بَعْدِ مَا أَظْهرَ المَكِّيُّ مَا اسْتَتَرَا
هَذَا المُرَصَّعُ بِالأَسْرَارِ كَيْفَ سَعَى
كَالبَرْقِ في مُدُنِ الآيَاتِ مُبْتَدِرَا
حَتَّى دَنَا فَتَدَلَّى قَابَ مَنزِلَةٍ
رفيعَةٍ فَرَنَا في الحُجْبِ وانكَسَرَا
فَرْدٌ وَلاَ نَجْمَ في الآفَاقِ يُشْبِهُهُ
رَاهَنتُ في مَدْحِهِ الأشْكَالَ وَالصُّوَرَا
كَمْ شَيّعَتْهُ المَجَرَّاتُ الأَنِيقَةُ إذْ
يَمْشِي ولاَ حَرَّ في أَنحَائه عَبَرَا
إن قِيلَ: أَحْمَدُ يُصْغِي الكَوْنُ أَحْرُفَهُ
وحَيْثُ نَادَى تُلَبِّي أمَّةٌ وَقُرَى
مُحَمَّلاً بِهُمُومِ الآخَرِينَ لَهُ
قَلبٌ إذَا نَامَ يَغفُو يَحْضنُ السُّوَرَا
سَعَى إلَى الله مُنذُ المَهْد يحملُ في
صحْرَاء مكّةَ قَلْبًا أبيضًا نَضرَا
يَمضي كَكُلّ اليَتَامَى في بَسَاطَته
حَيْثُ الخريفُ ربيعٌ كسْرُهُ انجَبَرَا
يَا أيُّهَا السَّنَدُ العَالي فَمِي ظَمَأٌ
وأَنتَ تُعْطِي لِكُلِّ الظَّامئينَ عُرَى
آوِي إليكَ وَرُوحي قَرْيَةٌ سَجَدَتْ
فِي مَسْجِدِ الحُبِّ، قَلْبِي يُعْشِبُ الشَّجَرَا
آتِيكَ مِن قَلقِي الصُّوفِيِّ من شَغَفِي
الزِّنجِيِّ مِن دَمْعيَ العُذْريِّ حِينَ جَرَى
فَفِي دَمِي زَمْزَمٌ فِي رَاحَتِي عَسَلُ
وبَيْنَ جَنبَيَّ نَهْرٌ أخْضَرٌ نُثِرَا
أَنَا قتيلُكَ في حَرْبِ الغَرَامِ وَمَن
يَمُتْ بحُبِّ رَسُولِ اللهِ قَدْ ظَفِرَا

محمد الأمين جوب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى