عبد الله البقالي - ممر الفقد

مع تقدمه الى الامام، توارت معالم الحقيقة مفسحة المجال لغموض لا يجد ما يبدد به سطوته غير كومة من الغموض زاد ت الموقف رهبة حين تناسل ليصبح كظلمة اصرت على ابطال مفعول الحواس.
داخل المتبقى من العمر الذي صار لا يعرف فيه المستقبل الا حين يصبح ماضيا، صار كل شئ قائم على الافتراض. و لهذا يجزم ان الزمن ان كان يشبه المكان حين يمتد كبساط تخترقه المسالك و الممرات، فهو يستطيع ان يؤكد حد اليقين انه مد اول خطوة له داخل الممر الذي تبخرت فيه حياة جل اقربائه، حتى انه صار يجول ببصره الجنبات باحثا عن جماجم و بقايا هياكل لاؤلئك الذين نفقوا هناك.
يتوقف فجاة كما يحدث في اللحطات الرهيبة حين ترسل الحواس اشعارات الاستنفار منبهة الى لحظة تحول اللامتوقع لعنوان فجيعة. ينظر مستبقا ما يمكن ان يحدث من اجل ابطال مفعول المباغتة. مستدعيا اطرافه و كل جسده للانكماش و التكاثف لتخفيف وقع الضربة القاتلة. و في الحيز المتناهي في الضيق المنفتح على قوى عقله، فكر في مهرب. انطفات الومضة على مراى من لحظة توقدها، ليدرك حينها انه حتى القدر نفسه لا خيار له الا الامتثال لقدره. و حين ارتطمت امنيته بسمك و غلظة المستحيل، افرز حرجه كنها لم يع سوى انه يتدفق عبر مسام حواسه كحبات من جمر تنطفئ على صفحة احاسيسه العميقة التي نفخت في خوفه الذي تحول فجاة الى شراسة اقتضت وجود خصم او هيكل يتوجب ان تصوب نحوه تلك الشراسة التي ولدت فيه فجاة. و حين لم يعثر على احد. تمنى لو يتجسد الموت او الحياة في صورة او رمز كي يبصق في وجهيهما. و لما ادرك ان صور المستحيل هي كل ما يتبقى حين تتهاوى دعائم الممكن، تبول على ما اعتقده طيفا للحقيقة. و اندفع بكل قوة متوغلا داخل الممر.


عبدالله البقالي, ‏2/1/15

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى