نزار حسين راشد - رحلة حب..

مرّت السنوات وكأنها طرفة عين، تجدّدت مياه النهر، وبقي النهر على حاله، النّهر هو النهر، يواصل سفره الأبدي، لعله يعانق البحر،في لحظة شوق، أبّدها السفر الطويل، كَسَهمٍ مشدودةٍ إلى قوسها، ويرخي قبضته في نشوة اللقاء، فتنطلق عابرةً أُفُق الخلود وتنداح مسلمةً جسدها لسرير الموج الوثير في نوبة سخاءٍ لا يُقاوم!

ظللتُ أسير اللحظة الأولى، حريتي بين جدران سجني، كنذرٍ ينتظر لحظة الوفاء! أرسل قصائدي وحكاياتي لعالم يتسلّى بالحكايات!

وهكذا التقينا أخيرأً على بوابة أحد المطارات، ملفوحين بعطش الإنتظار ومجدولَين على حبال الصبر، ملحمةٌ طويلة تفككت حروفها في زلزلة اللقاء، واحترقت أعوادها في ألسنة لهبه العارمة!

روابط الحياة تٌحررُك منها يد الزمن، لا يدُك، أنت ،فهي أرملة بعد زواجٍ طويل،و أنا خريج زيجاتٍ فاشلة، ربما تواطئتُ مع لا وعييي على إفشالها!

وهكذا جلّينا برهان الله، أن الحُبّ لا يموت، تذكّرتُ لقاءاتنا الأولى ، قبل أن تستقلّ هي قطار الزواج، وتعيش أيّاماُ سعيدة استأنسَتْ فيها بالخلفة، وعزّت أنوثتها بالأمومة ورعاية الأولاد والإخلاص للزوج ودفء العائلة!

ولكن الحُبّ صمد كُلّ تلك السنين، استكنّ وراء مشاغل الحياة، واختبأ تحت ركامها وهمومها، تنفّس من خلال شقوقها ولم يمت!

لم يكن لجوؤها إلي، لتملأ الفراغ الذي أحدثه موت زوجها، ولكن وفاءً بالنذر،وعودة إلى الهيكل، تلك القداسة التي لا تخبو نارها في الصدر، فالحبُّ كالدين تماماً نفي به في أيّ حين، فنحن نحجٌّ بعد ان تمضي سنوات العمر، وعلى أبواب ختام الرحلة، ومع ذلك لا ينقص ذلك من فرحتنا شيئاً، ولا يقلل من بهحتنا، ونلقي أرواحنا في أحضان القداسة، في هيامٍ لا يُحد،وهكذا نفعل في الحُب تماماً، فحالي أنا وهي كحال حاجّين يقيمان شعائرهما!

فإلى أي مدى سنمضي معاً وإلى أي ملجإٍ سنعود؟

في الحُب هذا سؤالٌ زائد عن الحاجة، وحتى لو استوقفتنا الظروف فسنعرف كيف نتحايل عليها!

نزار حسين راشد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى