سمية بوغاشيش - الطبخ الجزائري

يمتاز المطبخ الجزائري بتنوع الأطعمة و الحلويات التي هي نتاج امتزاج حضارات ببعضها البعض كالحضارة البربرية و العربية و الأندلسية و التركية ، ولاشك أن العرب الفاتحين قد حملوا إلى المغرب العربي تقاليدهم الغذائية في بداية القرن الثامن ميلادي اثروا و تأثروا بالطبخ الامازيغي واغنوه بأكلات عديدة كالعصيدة و الثريدة و أنواع الخبز المختلفة، وبوادر التأثير حصلت عندما جاءت نخبة من العلماء العرب مع أسرهم في أعقاب الخلافة العباسية ولقد كان اثر العهد العباسي واضحا من خلال القطايف العباسية و الفطاير و الكنافة و الزلابية و لقم القاضي و الهريسة و كعب غزال و الرشته التي نقلت من المطبخ البغدادي إلى الأندلس في القرن التاسع ميلادي وينسب الفضل في نقلها الموسيقى زرياب الذي هاجر للأندلس كذلك هجرة بعد البربر الذين نقلوا بعض من أطعمتهم كالطواجن المحشوة باللحم والشواء المشوي على الفحم و المرقاز والكرشة المحشية و القديد ، إن هذا التشابك الحضاري بين الناس من خلال الهجرة و الانتقال أدى إلى ظهور أكلات جديدة في الأندلس منها البركوكس الذي يعرفه الأندلسيون بالزبزين و البسطيلة و الاسفنج و المسمن بالعسل و المرمز و المعسل و المقروض بنوعيه المحشو باللوز و مقروض المقله و اللحم لحلو مصنوع من اللحم و الفواكه المجففة و ماء الورد ، ولا ننسى أن هذه الأطعمة يضاف لها توابل متنوعة جاءت من شرق أسيا ذات نكهات خاصة تطيب الطعام وتغير من طعمه و لونه وتزيل الروائح من اللحوم و الأسماك وتكسبها نكهة طيبة ، بالإضافة إلى خاصية الفواكه المجففة كالمشمش و التين و الخوخ و العنب هذه الخصائص وفنيات الأكل نقلها المسلمون و اليهود الذين طردهم ملوك الكاثوليك من اسبانيا إلى بلاد المغرب العربي وقد طور البربر تلك الوصفات وأضافوا أنواع جديدة الكسكسي والكسرة بنوعيها المطلوع و لخسيس و القرصة العادية و قرصة التمر، و إذا كان المغاربة حافظوا عقب سقوط الأندلس على التراث الغذائي الأندلسي فهذا لا يعني انه بقي في معزل عن المؤثرات الخارجية فقد وفد التأثير العثماني التركي جالبا معه البقلاوة سلطانة المايدة القسنطينية ففي رواية انه كان هناك طباخة للسلطان العثماني عبد الحميد تدعى لاوة وهي من ابتكرت هذه الحلوى وعندما تذوقها السلطان لأول مرة قال لضيف عنده " باق لاوة نه بايدي" أي انظر ماذا صنعت لاوة ، بالإضافة إلى أكلات أخرى تتمثل في ورق عنب أو يبرق التي تعني بالتركية ورق العنب ، وشيش طاووق شيش معناها سيخ و طاووق معناها لحم الدجاج ويرجع الاسم إلى طريقة وضع الدجاج في أسياخ ، و البسبوسة التي سميت بهذا الاسم لان إعدادها يتطلب بس الدقيق بالسمن ليمتزج جيدا ، وهناك العديد من الأكلات في عاميتنا القسنطينية أصلها من اللغة العربية الفصحى اذكر منها الرفيس من الرفس و فعله رفس و هو دق الطعام و طاجين بونارين ومعناه أن الطعام يطبخ على نارين واحدة من أسفل و أخرى من فوق ومصطلح الطاجين أي "المقلى الذي تطيب فيه أنواع الكسور قد يكون من الحديد أو الفخار" دخيل على اللغة العربية من اللغة الفارسية وفد إلى الجزائر مع الفاتحين الأوائل وبقي مستعملا على السنة الناس ليومنا هذا واخذ مدلول أخر وبالتالي أصبح يطلق على أصناف من الأطعمة كالطاجين العين و طاجين الشواء و طاجين التفاح وطاجين شباح السفرة هذا الأخير المكون من كلمتين "شباح" كلمة جزائرية محلية تعني "التجميل" أصلها من فعل "شبح" الشيء أي ظهر، و"السفرة" هي "المائدة" أي أن الطبق مخصّص لتجميل الموائد وتزيينها
القليان هذا اللفظ مأخوذ من الكلمة العربية الفصيحة القلية و هو ما يعد من اللحوم و الأكباد و الرئة و الحمص و بعض التوابل ولقد عمم هذا المصطلح فأصبح يطلق على ما يقلى من فلفل وطماطم ولقد اشتهرت العائلات اليهودية بقلي الفلفل وتقطيعه وغمسه في الخل وتحميضه مع تحميضات أخرى كالباذنجان و الجزر فهذا كان مألوفا في أطعمة اليهود قبل انتقاله لأطعمة الأسر المسلمة
البسيسة نوع من الحلوى يقدم للمرأة النفساء بتلمسان يطلقون عليها لمبسس و في الاوراس معروفة بالزرير ومصطلح البسيسة عربي خالص يقول ابو عبيد القاسم بن سلام في الغريب المصنف "البسيسة كل شيء خلطته بغيره مثل السويق بالاقط ثم تبل بالسمن"
جاري فريك حساء يتخذ من دشيش القمح عندما يكون فريكا أي قبل أن ينضج وكلمة فريك عربي فصيح يؤكده النص التالي الوارد في اللسان "و افرك الحبك حان له أن يفرك "
إن استمرار تراث فن الطبخ حيا إلى يومنا هذا يرجع الفضل فيه بالدرجة الأولى للمرأة التي ناضلت من اجل اغنائه وحفظه من الضياع بالرغم من أن المجتمع تعرض لتيار الحداثة وهذا كفيل بان يعرض الطبخ لاضمحلال في هويته الغذائية إلا أنني أرى أن الكثير من البرامج على اليوتيوب التي تدعى بالشهيوات لها الفضل في إبقاء شعلة الطبخ حية

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى