ثقافة شعبية جعفر الديري . الختم.. حجر شذبه "الدلموني" وعبر به عن حياته

منذ بدأ التنقيب عن الآثار في البحرين على يد منقبين من أمثال "بيبي" عثر في مناطق مختلفة على أختام دلمونية كانت عبارة عن كتلة من الصدف أو الحجر شذبت الى أن اتخذت الشكل المطلوب ومن ثم قام الانسان البحريني قبل ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد بالحفر عليها معبرا بذلك عن جملة من اعتقاداته وطقوسه الدينية وجوانب من حياته العامة. هذه الأختام والتي وجدها المنقبون مع اكتشاف كل قبر في مستوطنات عالي، الشاخورة، الحجر، سار وباربار كان لها ما يميزها اذ على رغم المساحة الصغيرة للبحرين الا أنها تعتبر أكبر مقبرة في العالم.
وبحسب الآثاري البحريني خالد السندي، فان البحرين حاضرة دلمون كانت مركز صناعة الاختام الدلمونية، ولقد عثر على ما يزيد على 550 ختما دلمونيا في مملكة البحرين فيما تم العثور على 400 ختم دلموني بجزيرة فيلكا، وهذا ما يدل على أن الدلمونيين ركبوا البحر وتركوا آثارا هنا وهناك، وتم اكتشاف مجموعة من الاختام الدلمونية في مواقع اثرية مختلفة في جنوب العراق في "اور" وفي "لوثار" ببلاد الهند، وفي "سوسه" بعيلام و"مزياد" بعمان ودولة الامارات.
ويوضح السندي أن الأشكال البدائية للختم الدلموني تعطي انطباعاً واضحاً على انه كان يؤدي غرض التعويذة او التميمة، والاعتقاد ان الختم له قوة سحرية لدرء الشر وجلب الخير والسعادة، وهذه الاشياء في مجملها عبارة عن قطع غير منتظمة سواء من الخشب او الحجارة او المعدن او الصدف او غير ذلك، ورغم قدم هذه العادة فانها ما تزال الى يومنا هذا، حيث نشاهد بعض الناس يعلقون قطعا من الحجارة الكريمة او من المواد الاخرى حول رقابهم وعند المداخل في اماكن اخرى، وانتقل هذا الانسان ليجسد وينحت هذا الاعتقاد بصورة صريحة مباشرة متعددة المواضيع والمشاهد التي اصبحت تعبر عن الخصوصية، واصبح الختم يحمل المفهومين الختم والتميمة معاً.
أما الفنان البحريني راشد العريفي، فيعتبر الختم الدلموني ظاهرة من ظواهر التعبير الانساني عن مأثورات وموجودات كانت قبل ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد، وهو تحرير للشيء بواسطة الرمز الذي يرمز فيه الى هويته على أنه راع أو صياد أو تاجر، اذ كان الختم الدلموني بمثابة التعريف لشخصية كل فرد لذلك نجده يعلقة على صدره ويضعه في قبره عند مماته كرمز له وتحقيق لذاته. والحقيقة أن في هذا الرمز قبل ثلاثة ألاف عام قبل الميلاد تعريفا ربما حمل شيء من الاسقاط في الفترة المعاصرة. فهو يحمل قيمة وجانبا انسانيا حضاريا حين يكون بمثابة الشعار الذي يفصح عن شخصية صاحبه وتكون له قيمته سواء عند الأسرة أو القبيلة أو الفرد. ففي العصر الحديث الذي نعيش فيه اليوم نجد ذلك التطاحن بين الشركات على الماركات العالمية وذلك الجري وراء الاعلان التلفزيوني. فتحقيق هوية الانسان الدلموني شيء كبير وبين الانسان الدلموني قبل ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد وبين اليوم فترة طويلة ودراسة هذه الفترة سيضيف جانبا مهما من حياة الانسان الدلموني ويساهم في شعور الانسان البحريني بأن له هوية وكيانا.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى