سمير الفيل - حسين البلتاجي..

كان يكسب كثيراً ، وينفق كثيراً ، ما يهمه أن يضع رأسه علي الوسادة ، وينام فى هدوء بدون مليم واحد فى جيبه ، معجون بماء الورد وشقاء الدنيا .
الكتابة عنده حالة .. يكتب عن الطبقة الريفية التى عاشرها وعاش فى كنفها فقيراً إلا من موهبته .
عمل صحفياً بالقطعة ، وعامل يومية بالفرن ، واستقر علي مهنة توائم جريان القلم فى يده ( عرضحالجي ) أمام مكتب السجل المدني. يشمر أكمام قميصه ، ويكتب قبل أن ينطق الزبون . إنه عرضحالجي محترف ، يعرف كيف يخاطب الدوائر الحكومية ، المهم الامضاء أو البصمة على الطلب .
فى عودته من عمله ـ وكم رافقته فى العودة ـ ينفح الحوذي عشرة جنيهات مرة واحدة ، ويقابل أي صديق ليعزمه علي حاجه ساقعه وهو يقهقه :
- " ملعون أبو الدنيا "
يدخن كثيراً ، وحين يعكف علي الشراب طويلاً ، ينفلت لسانه ، ليشتم المتلونين والمنافقين وأنصاف الموهوبين ، ممن يعطلون أصحاب الموهبة الحقيقية والأصيلة .
يحب " شرباص "، قريته كثيراً ، وبيته المتواضع منقوع فى بركة المساكن الشعبية. يطل مباشرة علي الجبانة ، لقد حن إليها بعد مطاردة مستحيلة فدفن بدون قطعة رخام أو لوح خشبي يحمل الاسم ، فيما مئات القبور من حوله تضج بعلامات الثراء والأبهة والفخامة .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى