فوزى يوسف إسماعيل - رحلة إلى النفس البشرية

(1)
الطمع

هناك أنواع عديدة للنفس البشرية، فمنها الطماعة ومنها القنوعة ومنها الغرورة ومنها الطيبة ومنها الشريرة، والمتشبعة والجحودة وغيرها وغيرها من الصفات الحميدة والخبيثة.
وإذا بحثنا فى كل منها أو عرفنا خصائص كل نوع من هذا لنجد الكثير من الأسرار والعجائب التى تبهر العين وتحير العقول.
والنفس البشرية متقلبة بطبيعتها تكره وتحب، وتنسى وتتذكر وهناك من تراها غاضبة ومن تراها فرحة ومستبشرة، والطماعة وهو حديثنا اليوم عنها، هى من لا تمتلئ قناعة الإنسان بما يقسمه الله له، فهى ميوله للطمع والجشع دائما، فى حب السيطرة على مجريات الأمور، ومحاولة فرض الذات، فالطمع من أسوأ رذائل الإنسان فتلصق به عند نظراته لما فى أيد غيره، لأن الطمع يجعل غرائز الإنسان تتجه إلى غرورة فى جمع المال مثلا، فلو كان للإنسان جبل من ذهب لتمنى الثانى، وأيضا هناك مقولة يعلمها الكثير، وهى الطمع يقل ما جمع، فطمع الإنسان للأشياء تجعل النظرة إليه شهوة وبعدها حقدا وبعدها كراهية ونبذ الذات، ولم تهدأ غريزته إلا بتملك هذا الشئ.
وهناك مقولة أخرى وهى : لا يملأ عين أبن آدم إلا التراب.
والطمع ليست صفة، ولكنه رذيلة سيئة عند الإنسان، فلا يخلو الإنسان على وجه الأرض إلا وفيه غريزة الطمع، ولا تزول هذه الرذيلة إلا بالقناعة، والطمع يطمث القلوب، وهو من بُعدّ عن الله عز وجل، فالطمع يكتسح قلب الإنسان لأن لا مكانة للضمير، فالضمير الحى يمنع غزيزة الطمع أن تطغى على أفعاله، لكن الطمع يطرد الرحمة من القلب، لأن الطمع والرحمة لا يجتمعان فى قلب البشر، فإذا وجدت الرحمة أو الضمير، لا تجد للطمع مكانا، وكأن الحسنات تطارد السيئات، فكم من طامع جمع مالا وعدده لكنه لم يفلح، وكم من مُطمع ذهبت ثرواته سُدى، مثلما حدث لقارون، جمع ثرواته ولما طلبوا منه الأنفاق قال أنه هو الذى جمع هذا المال، فقد نسى قدرة الله عليه، لذلك خسف به الله وبداره الأرض.
فالطمع عادة سيئة إذا أصيب بها الإنسان كان له وباء فى حياته وفى معاملاته مع الآخرين، وكان منبوذا من رحمة الله.
فالنفس البشرية لا تخلوا من هذه الرذيلة السيئة، وكثيرا ما نراها الآن فى واقعنا الحاضر، نراها فى الأخ الأكبر الذى يريد السيطرة، نراها فى عائلات ترفض أن ترث الأنثى حتى ولو ملكوا مال قارون.
وعادة الطمع والجشع نراها أيضا فى كثير من الحياة المختلفة، ناهيك عن تعامل السائقين بين بعضهم البعض، والصراع اليومى الدائر بين السائق والراكب، فى رفع الأجرة إجبارى، فى ركوب الزبائن دون العدد المحدد للسيارة، السطو على دور غيره، تحصيل الأموال عنوة من السيارات تحت التهديد، الإتاوات فى المواقف وخروج ودخول السيارات من المدينة، والكثير والكثير.
فكلما طمثت قلوبهم بالطمع والجهالة ازدادوا أكثر فى تفشيها بين الناس، بجهالة مفرطة، وملفته للنظر، إن الطمع داء هذا العصر، وداء خبيث يصعب التخلص منه، علينا وعلى كل البشر مهما اختلفت أجناسهم، وعلينا أن نتخلص منه بالطرق العلمية، والطرق الشرعية، بالرجوع إلى الله وإلى الصلاة وامتلاء المساجد بعمارها، والإسراع إلى نهج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، واتجاه نيتنا إلى الله عز وجل فيزيل الطمع من قلوبنا.
فإذا ظهر الطمع بين الناس زالت رائحتهم، وإذا زال الطمع بين الناس كانت رائحتهم كرائحة المسك، فصفوا قلوبكم أولا من الضغينة تتخلصون من الطمع، ومن تخلص منه تعيشون بسلام، ومن لا يرضى بقضاء الله وقدره فيعيش عمره تعيسا إلى يوم الدين.
وإذا كان الطمع قد بدل الإنسان الذى بفطرته يسير على نهج الإسلام وتعاليمه إلى الطمع فى الأخرين، فلا يمكن أن يصف هذا الإنسان بالفضيلة، بل يصف بالرذيلة التى تؤهله لمقعد فى النار، والطمع ليس من سمات المسلم الحق، فالمسلم الحق هو الذى يتخلص من هذا الداء كما يتخلص الثوب الأبيض من الدنس بالماء والبرد، فالقلب محله التقوى، ولا بد للإنسان أن يحب لأخيه كما يحب لنفسه.
فاللهم أزل من قلوبنا الطمع والغل والضغينة وأحسن خاتمتنا، وتوفنا مع الأبرار والشهداء.. يا رب العالمين.

* *
رحلة إلى النفس البشرية (2)
القناعة
القناعة كنز لا يفنى.
نعم هذه المقولة فى محلها، ونادرا ما نراها فى زمننا الحالى، فزمننا الحالى انعدم فيه صفة القناعة، لشتياه الإنسان للثروة والسيارة والعروسة، الثلاثية الملتصقة بالإنسان منذ ولادته.
والقناعة تنبع من إشباع الإنسان بما قدر الله فى رزقه، فالقانعة والطمع لا يجتمعان فى إنسان واحد، بل إن القناعة تطرد الطمع إذا وجدت، والقناعة تطرد الطمع إذا وجدت، ونرى القناعة فى مظهره، وفى نظرته للواقع والمحيطين به، لأنه إذا كان الإنسان ينظر لأعلى منه فإننا نقول بلا تردد هو طماع، وإذا قُنعّ بما قدر الله له فى رزقه نقول عنه قنوع.
وغريزة القناعة تبدو عند الإنسان ضعيفة، لأن الإنسان تطغوا غريزة الطمع على غريزة القناعة بمقدار أعلى، فالقناعة كنز لا يفنى كما تقول الحكمة، وهى أيضا إشباع رغباته بعدم التطلع إلى من هو أعلى منه فى الغنى، ولقد كان الإنسان قنوعا عندما يرضى بحياته الوقعية حتى ولو كان فقرا، لأن القناعة هى من سمة الإنسان الطيب الذى يعلم بأن الرزق من الله عز وجل، ولأن الإنسان مهما ضرب الأرض ضربا وفجر الينابيع أو وصل إلى عنان السماء فلا ينال إلا ما قد قتبه الله له، فإن كان يتميز بالقناعة أعطاه الله من حيث لا يدرى، وإن كانت خصلة الطمع فيه فتطمث أعينه حتى لا ينال رضا الله.
وعندما نبحث ونغول فى قلب الإنسان، نجده بعيدا بعيدا عن القناعة إلا فى فيئة قليلة ممن ترضى بقاء الله وقدره، وفى عالمنا هذا كثيرا ما نجد الصراع على امتلاك المال بأى طريقة، أو أى حيلة كانت، حتى ولو راح من أجلها ضحايا بالآلاف، لأنهم يملكون السلاح، وهنا السلاح آله من الشيطان، مسخرة لسطو الإنسان على ما لا حق فيه بالقوة، وقد نهى عن ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم، ونهى عن مجرد التوجيه بالآلة أو السلاح فى وجه المسلم أو غير المسلم.
وطمث العين لا تجعل للإنسان مجالا فى التحلى بالقناعة، إلا الذين عرفوا وعلموا أن الله وحده هو المتحكم فى مصير الإنسان، فيترك رزقه لله ولقدره.
والغرب معدومى منهم هذه الصفة، لأن هناك صراعات خطيرة تواجه الإنسان، وحب السيطرة تطغوا على الجماعات هناك.
لذلك كانت هناك آراء فى مسألة القناعة، مما أكد كثيرا من الناس بأن هذه الصفة تجدها فى الشعب المصرى بنسبة 40% وفى دول الوطن العربى 30% وفى الغرب شرقة وغربه من 10 – 20% ، وهذه نسبة تقديرية غير وافية الدراسة، ولكن الشكل العام يدل على ذلك، وما نجده حولنا الآن، النتيجة صفرا، لأن قلب الإنسان تطبع على حب الطمع، أو بالأحرى ميوله دائما للطمع، وحب البقاء، فالصراع الدائم إلى يوم القيامة هو الصراع من أجل البقاء، أنا وولدى والطوفان.
والناظر للقناعة يجد منبعها الأول من القلب الصافى الذى يتحلى بروح الفضيلة، والقنوع هو الإنسان الخلوق الذى لا ينظر لما عند غيره، فالإنسان الذى ينظر بعين الرضا، يقول الحمد لله، هو إنسان غير انتهازى، آبى ورافض الحرام بكل أنواعة، يتنصل إلى الحلال آتى أو لم يأتى، لم يطمع بذرة من حرام على الإنفاق على أولاده، لا يطعمهم من سُحت حتى لا يكون جزاءهم النار.
نعم ففى عالمنا هذا نجد أوناس تنبت أحسادهم من سُحت، كفرض الأتاوات على الطرق مثلا، وهم ليس لهم حق فى ذلك.
فالمسلم الحق عليه أن يتحلى بصفة القناعة، لأن القناعة فعلا كنز لا يفنى، فى باقية عند الله، باقية فى ميزانه إلى يوم الدين.

* *

رحلة إلى النفس البشرية (3)
الرغبة
الرغبة هى الشعور الداخلى للإنسان بإمتلاك الأشياء النفيسة عنده على اختلاف أنواعها، ولم يخلو إنسان على وجه الأرض إلا وبداخله صفة الرغبة، والرغبة جاءت من الراغب، والراغب هو ما يتمنى الإنسان لنفسه، فالرغبة تقال عند أشياء كثيرة، مثل الرغبة فى النجاح، الرغبة فى تحقيق الذات ومراتب عُليا، الرغبة فى التقدم إلى الأفضل دائما، فالرغبة لدى الانسان هى من محاسن الصفات التى تجعل الإنسان يتجه إلى التطلع دائما إلى عالم أفضل فى الوصول لذاته، حتى اشباع نفسه مما يشتهيه، فالإنسان الذى يقبل على التعليم مثلا تحقيق لرغبته فى الحصول على أعلى مراتب العلم، فرغبته فى حصوله على مؤهل عال، ورغبته فى حصوله على الماجستير ومن بعدها رغبته على الدكتوراه وهكذا.
والإنسان لديه رغبة كائنة فى ذاته، عندما يجد مايسره تخرج الرغبة المكبوته بداخله إلى التفكير فى كيف يصل إليها، لتحقيقها مشبعا نفسه الداخلية فيتولد عنده إشباع ذاتى مواتى لرغبته التى يرغب أن تحقق
فالإنسان بذاته يتطلع إلى ما هو أفضل فى حياته وإلى الأمل، وهنا تتحقق الرغبة فى الوصول إليها، فمن يشتهى الزوجة الصالحة، والفتاة الجميلة ذو الحسب والنسب، فيرغب أن تتحقق رغبه لها، وهكذ فى تطلع الإنسان إلى الأشياء الأخرى.
والمضاد لها،المعاكس له فى الاتجاة، هو عدم الرغبة فى تحقيق التفاهات، أى أن عدم الرغبة عند إنسان تختلف عن إنسان أخر، وبشكل مختلف بمعنى أن الإنسان السوى لديه رغبة فى فعل الفواحش، وهذا ما نجده فى إنسان يتميز بغلاظة القلب، فلديه المحرمات كالحلال لا فرق بينهما، لأنه لم يتعود على النهى عن المنكر واتجاهه هو ارتكاب المعاصى، أما الإنسان الذى يفرق بين الحق والباطل لديه عدم رغبة فى غضب الله عز وجل أولا، وهو يضع هذا نصب عيناه كل ثانية تمر عليه، فلا يقبل المال الحرام، ولم قبل على الزنى، لأن هاتين الخصلاتين هما أشد شهوة عن الإنسان، فإذا توافرت عنده هذا الإنسان أصبح إنسانا سوى، فسرعان ما يقبل عليهما دون التنبه بأن الله تعالى يراه.
وإذا توافرت الرغبة فى العلم والعمل مثلا، فلا يتردد الإنسان فى الرغبة فى تحقيقهمت، وهنا الرغبة تبدو حميدة وحسنة لا شبهة فيها، والسعى إليهما من المبوحات.
فالله تعالى يقول ك أسعى يا عبد وأنا أسعى معاك.
ويقول : رب زدنى علما، وهذه الآية الكريمة موجهه للإنسان الذى يرغب ويشتهى إزدياد تعليمة، لأن العلم لا حدود له ولا قيود، فهو متاح ومباح للجميع حتى ولو فى الصين، كما قال صلى الله عليه وسلم : أطلبوا العلم ولو فى الصين.. وجاءت كلمة الصين مجازية لأن الصين أبعد بلاد الدنيا.
الرغبة فى الرزق، الرغبة فى الأولاد، الرغبة فى العلم، كل هذا وأكثر هى من محاسن الرغبة عند الإنسان، والرغبة فى إزاء الناس، أو قذف المحصنات بغير علم ليس من شيم المسلم.
فالحرام بين والحرام بين، وبينهما أمور متشابهات، والإنسان الذى يفرق بين الحق والباطل هو الذى يعرف كيف يرغب الأشياء الثمينة متمنيا من الله تحقيقها، لأن الرغبة مرتبطة بصلة وثيقة بالتمنى، والتمنى ما يتمناه الإنسان من ربه، فإذا تمنى العبد شيئا صعب المنال، لا يتردد لحظة واحده فى اللجوء إلى الله لأن الله وحده هو المطلع على سر القلوب، لأن النية محلها القلب، والنية ما نوى الفرد أن ينوعى فعله، فمنها نيه صافية ومنها نية خبيثة، وكل ذلك يعلمها الله لأن الله يعلم السر وأخفى.
فالإنسان أولا واخيرا عليه أن يفكر والله عليه التدبير، والله الذى يبعث للإنسان عمله، إن كان خيرا فسيرى خيرا، وإن كان شرا فسيرى شرا، فو كان هذا الإنسان ضرب بمعاوله أينما كان فلا ينال إلا ما يسره له ربه..
والله المستعان على ما تصفون.

* *

رحلة إلى النفس البشرية (4)
الغرور

الغرور فجور.
هذه مقولة حقيقية قيلت فى محلها، لأنها آفة من آفات الزمن قد أصابت أوناس كثيرة، وهى أيضا من آفات الخبث والرزيلة للإنسان، والإنسان المغرور قد يؤدى به إلى عالم التفاخر والتباهى بنفسه، فإذا أصابته هذه الآفة المنبوذة من المجتمع جعلته إنسان سوى مُضار لأهله وبيئته.
والغرور كلمة جاءت من غر غرا بالإنسان، فالغر هو المكيدة، فالغرور هو الذى يبدى بزينته لمن حوله، ويبدى بمحاسن نفسه متعاظما بها، سواء بماله أو بعمله أو بعلمة، أو جماله، ففى المال إذا أغتر الإنسان بماله هلكه الله، وجعل ماله حسرة عليه، وأبدله الله فقرا بعد غنى وذلا بعد عزا، فمن افتخر بنفسه فهو إنسان يتطلع بأن يفرض نفسه على الآخرين بالقيل والقال، ومن الممكن أن يساعده أخرون ممن يأكلون منه مالا أو يطعموا من طعامة، يريد بذلك أن يمدحه الآخرين بما صنع.
فكما يقولون أطعم الفم تستحى العين، وبذا يكون بذلك قد سخر له أشخاصا يحركهم على هواه، فيقولون ما يقول.
وعندما نفتش فى النفس البشرية، نجد آفة الغرور هذه تسيطر على كيانه، إذ أن الإنسان المغرور هو من يعتلى بنفسه على أخوانه كأنما يعتلى عرش حكم، ويقول أنا كذا وكذا وفعلت كذا وكذا، وإن كان قد صنع حقا، فيريد أن يجمع من حوله رفاقه الذين يسيرون على دربه.
والغرور آفة سيئة لا تنبغى أن تكون فى إنسان ذو قيمة يعرف حق المجتمع عليه، إنسان له ثقله فى المجتمع، لأنه فاجأة يرتد إلى الحضيض، فالله عز وجل يعز من يشاء ويذل من يشاء، كما أغتر موسى عليه السلام بعلمه، رغم أنه عليه السلام أنه نبى، لكن الله تعالى دله على من هو أعلم به، ومن عند علم أكثر منه، وهو سيدنا الخضر عليه السلام، رغم أن موسى نبى والخضر ولى فالولى يعلم النبى، وهذه حكمة من الله عز وجل، فالله أعطى للولى علما أكثر من النبى، وهذا ما جاءت به الآيات الكريمات فى صورة الكهف، فى قصة سيدنا موسى عليه السلام مع الخضر.
وأيضا كما قلنا فى خصلة الطمع عن قارون عندما أغتر بنفسه فلبس احسن ما عنده من ثياب وتزين وخرج على الناس من أهله متفاخرا بثروته، فالذين تمنوا مكانته قد رجعوا إلى صوابهم عندما خسف الله به وبداره الأرض، والذين يعرفون أن الأخرة حق وجدوا أن الدنيا فانية.
فالعز والذل بيد الله، والله يقول فى كتابه العزيز: لا تمش فى الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا.
هذه الآية الكريمة قد قالت خلاصة الغرور بالنفس، ومهما كان الإنسان بقدرته وجبروته سيعود إلى ما كان إن شاء الله أن يذله ويبدله فقرا بعد عزا، فالغرور كائن شيطانى فى قلب الإنسان الذى تسيطر عليه هذه الغريزة الشيطانية، فمن يغتر بنفسه مهما كان، فى ماله، فى ملبسه، فى عمله، فى أى شئ عليه أن يتذكر قدرة الله عليه.
وكلما كان الإنسان مغترا بنفسه، فهو منبوذا من الطبيعة التى تحاطه، أيضا من المحيطين به أهله وعشيرته، لأن الغرور تؤدى به إلى الفجور، والفجور يؤدى إلى الجبروت، وإن كانت خصلة الجبروت فى الإنسان، كان غضب الله عليه أشد، وغضب الله لا يستهان به فكم من مغرور حطت به الدنيا على قاع المجتمع، كما كان فرعون وهامان اللذان أغتروا بأنفسهم، وقال فرعون لمن حوله أنا ربكم الأعلى، فأغرقه الله فى اليم هو وجنوده، ولم يستطع فرعون أن ينجوا بنفسه، حتى كاد أن يغرق، لكن الله نجاة ببدنه لكى يكون لمن حوله آية، فعرور فرعون ليس غرورا عاديا، لكن كان غرورا وجحودا شرسا عندما ادعى الآلوهية، فقتل واعتصب وقتل الأطفال وسرق ونهب وكذب موسى عليه السلام، فأعطاه الله تسع آيات قبل أن يغرقه فى اليم، وهم الضفادع والقُمل والبرص وما إلى ذلك حتى التسع آيات.
أيضا النمرود الذى أغتر بنفسه هو أيضا، حتى أصيب بزبابة قد سكنت رأسه ولا تهدأ إلا بضرب القبقاب على رأسه.
وكان النمرود هو من قال للأرض يا أرض أتهدى ما عليك أدى.
هذا الصعلوك الذى لا يعلم عظمة الله تعالى، أن الله قادر على هلاكه فى لحظة، وأن الله له بالمرصاد، له ولمن كذب على الله.
فكان جزاء المغتر جهنم، يصلاهاه مزموما مدحورا، فآفة الغرور هى آفة تبخس بالإنسان على الذل والهوان، فعلينا جميعا بنى البشر أن ندرك هذه الخطورة الجمة، وأن نسرع لنتجنبها لأن الغرور من الشيطان، والشيطان يريد أن ننغمس فيها لأن هذه الآفة من الكبائر، فالله يريد لنا أن نتجنبها ويريد لنا خيرا، منتهى عن الغرور، تنعم بما أنعم الله عليك بفرح وسرور.
فنعم المولى ونعم النصير.
* *

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى