قصة ايروتيكة جورج سلوم - البرزخ..

بين نهديك سأدفن رأسي كالنعامة هارباً ممّا يثقل رأسي .. وأضمّهما فوق فوديّ حتى لا أرى ولا أسمع ولا أتكلم .. وأنسى همومي .. وقد أبكي فلا ترين دموعي .. وتسيل في أخاديدك أرتشفها مياهاً مالحة وحلوة بنفس الوقت

- وا صديقيّ وما أحيلى احتضانكما

وقد أقبض عليهما متشبّثاً .. أعجنهما حتى يختمران .. وتؤذن هالتاهما باحمرار الأتون المتوقد .. وتصطلي حلماتهما وتتوثبان .. عندها

- ما أطيب رغيفيكما الساخنين مخبوزان في التنور

طاهران بحرارة الجمار الملتهبة .. أملسان كملاسة أوراق الورد .. متموّجان أرهزهما فيهتزان بخيلاء السنابل الممتلئة .. ومتحفّزان كقنبلتين موقوتتين وصامدان كجبروت الهرم الراسخ .... فينبطح أبو الهول بينهما مجدوع الأنف

بين نهديكِ وجدتُ نفسي... وضعتُ كغريقٍ عشقَ الأعماق وحبسَ الأنفاس ..ووجد اللؤلؤة في القاع ... فاستمرأ الاستمتاع بها في الغور السحيق .. و رفض الخروج بها كي لا تباع في السوق .. فيستلمها ثاقب اللؤلؤ الذي لا يرحم ..

لذا أرفع رأسي هنيهة فوق صفحة المياه .. وأعبُّ من الهواء ملء رئتيّ .. وأعاود الغوص بينهما

بين نهديكِ توسّدتُ وحلمتُ .. وأحلام اليقظة أجمل من أحلام الغفوة لأنك تسوقها كيفما شئت .. وإن نمتَ متهالكاً فلا أدفأ من التحافهما .. وإن تقلّبتَ وتمدمدت فلا أطرى من حواشيهما .. وإن طال ليلكَ فلا أهنأ من لياليهما .. وإن استيقظْتَ فلا أحلى من صباحاتهما

بين نهديكِ صغرتُ كرضيع وكبرت ككبير .. وعرفتُ الصغائرَ كلَّها والكبائر

بين نهديك فرشت سجادة صلاتي وحلّلت السجود.. ومرّغت الجباه..

بينهما أمسكت وصمت عن كل النساء .. وعلى حلماتهما أفطرت وتسحّرت وعاودت الصيام

ووصلْتُ الأرحام وقمت والناس نيام

وطفت كالحجيج حولهما وحججت واعتمرت

تحجّبْت بهما وتنقّبت .. نطقت الشهادتين وتوجّهت إلى القبلتين وأصلحت ذات البين ، وسكنت إلى العرين والتزمت بملك اليمين .. وتزوّجت اثنتين دفعة واحدة وفصلت بينهما بالعدل .. وأقمت الحد بين الضرّتين فلا تلتقيان لأني كنت أبداً بينهما .. وثالثهما

إياكم وقذف المحصنات .. فبينهما سأقاتل وعنهما سأذود .. هناك أعلنت الجهاد

هناك صلتُ وجُلتْ ... وسحبتُ وجذبتْ... وأخذتُ ومنحتْ..

هناك رفعتُ شراعي وأبحرتْ... وعلقت في المضيق بين موجتين عاتيتين.. ابتعدي عني يا حورية البحر فلن تفلحي في سحبي من بينهما .. ولو حرّضتِ عليّ التيار .. ولو مزقتِ أشرعتي وطويت صاريتي .. فهنا ألقيت مرساتي .. وهنا سيكون ملعبي ومرتعي... وإلهامي ومرجعي.. وصيحاتي ومدمعي..

لكن ذاك المضيق الذي علقت به ، ما كان إلا برزخاً للعبور .. وطريقاً باتجاهين ينتهيان بالثغور .. فإن عبرْت صاعداً فإلى فسحة سماوية .. وإن عبرت هابطاً فإلى جهنم النار .. وكلّ تلك الأفكار عصفت بي في لحظة انتظار .. والرغبة قد لا يُفلح فيها استصبار..

والهروب من الضيقات لا يكون إلا بالاستغفار ..

- اللهمَّ دعني أحسِن الاختيار


**************

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى