مقتطف حنان عبد القادر - " استثمر اللحظة".. من مجموعة مقالات: ماذا لو ؟

ماذا لو أعطيت كل صباح أربع وعشرين خزانة، وطلب منك أن تملأ كل ساعة، واحدة من تلك الخزائن بما يمكن أن تجده بعد عشرين عاما في انتظارك، فبم ياترى ستملؤها؟

هل تفحصت ذاتك جيدا؛ لتعرف ما يمكنك أن تحتفظ به بصدق لسنواتك المقبلة؟

وهل تفكرت في سني عمرك التي تنسرب من بين أصابعك كماء هارب كيف يمكنك أن تعيشها بهدوء وسعادة؟

يقول هوراس المولود عام 65 قبل الميلاد قي قصيدة له ما معناه : إن المستقبل غير معروف، وعلى الإنسان أن يبني آماله التي يمكن تحقيقها في زمن قصير، فإن وصل لها ومازال في عمره بقية، فلينتقل لغيرها، والحقيقة أن كل أنسان منشغل بأحواله، لكن ما سيكون، لابد واقع لا مفر منه، فعليك الاستفادة القصوى من الفرص المتاحة حاليا لأن الحياة قصيرة والوقت سريع الزوال، فلتتمتع بالحياة قبل فوات الآوان".

قد تقول في نفسك: علينا انتظار اللحظة المناسبة لننطلق خلف طموحاتنا، وتظل ترجئ ذلك إلى أجل غير مسمى، ثم تكتشف بعد فوات الأوان أن العمر قد فني، والصحة قد ذهبت، ولم يتبق لك محض قوة لتنطلق في الحياة كما تريد، لذلك أقول لك: لا تنفق وقتك تنتظر اللحظة المثالية، بل حاول أن تغتنم الفرصة واجعلها أنت مثالية، وتذكر أن ما تمارسه يومياً سوف تتقنه بكفاءة عالية بعد قليل من الوقت، فعندما تحترف القلق ستقلق لأتفه الأمور، وعندما تمارس الغضب ستغضب بدون سبب، لذا عليك بالطمأنينة لتتقن السكينة، وعليك بالتفاؤل والأمل لتتقن راحة البال، وعليك بالثقة وحسن الظن لتنعم بالسعادة.


قال الشاعر:

إذا عاشَ الفتى ستينَ عاماً فنصفُ العمر تمحقُه الليالي

ونصفُ النصفِ يذهبُ ليس يدري لغفلته يميـــــناً عن شمالِ

وباقي العمر أسقامٌ وشيبٌ وهـــــمٌّ بارتحـــــال وانتقالِ

فحبُّ المرء طول العمر جهلٌ وقسمتُه على هذا المثالِ

فالعمر يمر سريعا، لذا وجب عليك سرعة الاستفادة منه قدر المستطاع، والسعادة بما حققته في حياتك ولو كان بسيطًا.

ماذا لو نظرت لمعطيات تلك الحياة بعين المستكشف المتأمل، الذي يود أن يغوص في أعماق المعني بعيدا عن جمود المادة ومظهرها المحسوس الذي يشغل العين عن تفقد مناحي الجمال الحقيقي؟


قال الشاعر:

مضى أمسُكَ الماضي شهيداً معدَّلاً***وأصبحتَ في يومٍ عليك شهيدُ

فإنْ كنتَ بالأمس اقترفتَ إساءة***فثنِّ بإحسانٍ، وأنت حميدُ

ولا تُرجِ فعلَ الخير يوماً إلى غدٍ***لعلَّ غداً يأتي وأنت فقيد



[email protected]
  • Like
التفاعلات: وليد الزوكاني

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى