فخري أبو السعود - آية الجزر.. شعر

جزيرة قد إشاحتها يد القدر = عن الشطوط فقامت آية الجزر
قد استوت وسط أمواج تلاطمها = نصب الرياح ونصب البرد والمطر
إذا الشتاء أتاها لم يرم حولا = عنها وفشى فجاج الأرض بالكدر
قريب ما بين أطراف النهار وما = يزهو برونق آصال ولا بكر
يأتيك في كل يوم من تحوله = شأن جديد وأمر غير منتظر
يا رب يوم شرود جاء مزدهيا = بشمس ونسم لين عطر
تلاه آخر رواها وأترعها = بوابل مستمر الوكف منهمر
فجاء صبح حديد البرد قارسه = يكوى الوجوه بوخز منه كالإبر
فجاء من بعد صبح أبيض يقق = كاس بثلج كزغب الطير منتشر
نغشى المنازل والأشجار ناصعة = كسكر فوق حلوى العيد منتر!
يكاد يزلق عنه غير منتبه = من لم يطأه بنعل الخائف الحذر
فجاء صبح يلف الأرض في سدف = من الضباب كثيف اللون معتكر
يكاد يفتقد الإنسان راحته = إذا تعرض بين الراح والبصر
يطوي معالمها في طي غيهبه = فلم يدع ثم منظورا ولم يذر
إذا أقام ثلاثا في جوانبها = نسيت كيف مسير الشمس والقمر
إذا تراءت شتاء وهي كالحة = شوهاء عاطلة من معجب الصور
دجناء مربدة الآفاق حائلة = جدباء ذاوية الأزهار والشجر
عجبت كيف يزور الوحي واديها = وكيف ينطق فيها الشعر بالغرر
وكيف يونع حسن في كواعبها = يتهن في ريق منه وفي نضر
لكن شاعرها سارت نباهته = في الخافقين وجابت سالف العصر
وقومها في أقاصي الشرق قد رفعوا = والغرب راية رب السبق والظفر
سادوا بكل أديم راق منظره = وكل واد قشيب الوشي والحبر
وسخروا اليم واعرورو أواذيه = بقاهر حيث جاب اليم منتصر
الله يشهد ما جاءوا بمعجزة = في العالمين ولا بدع من الخبر
لكنه الجد تنقاد الأمور به = للطالبين ويدنو عازب الوطر


مجلة الرسالة - العدد 31
بتاريخ: 05 - 02 - 1934

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى