جيلان زيدان - مرحبًا أنفال.. قصة قصيرة

ما زلت أشعر بالبرودة والسخونة، وأميز الفرق ببنهما. كنت على فلنكات تشبه المعابر بين الموت والحياة.
الموت صديقي الأصدق والحياة صديقتي التي تجاملني، وما زلت أدين لها.
بطن مشقوق، وأطباء يتناولون جسدي بمشارطهم الحادة، وقفازات تيسّر على الدم الكذب، وسقف مرتعش بالبرودة، لا أدري أهو الذي يهتز أم جسدي الضعيف! ولكني أراه كذلك.
وأصداء أجهزة تتعلق بي، تردد نغمةً ثابتة، وأشرطة تحاوط ذراعي، تضغط عليه بشدة تقيس نسبة استجابتي للحياة.
يهاتفني قلبي: هااا ما رأيك؟
ويسألني الموت: خلاويص؟؟؟
فأجاوب بالدقات المتسارعة: لسة لسسسة لسسسسسة..
ها هي الحياة تمنحني جميلةً أخرى، وتضع من قلبي وفيه "أنفال"، لذلك شعرت بالامتنان وسط كل قدرتي المهدرة عن قول شكرا، كأبسط استقبال لها. وحاولت الاعتراف بالجميلة، بنوع من الصمود السائل كالدمع المكتوم.
يفرّ سريري الرفيع من بين زقاق الغرفة للغرفة المجاورة، تتراكض خلفي آهاتي، حتى نستقر سويا في غرفة ثالثة.
يملؤني الوهن، وأريد إخبار الحياة عن كلمتي النائمة على شفتي البيضاء، فتتجمد.
وأحاول مرارا، وأصمد بالدمع.
ها هي الحياة يا هبة، طفلة في صورة طفلة.
شيء من الشكران والاعتراف، شيء من السلوى والمنة.
رغم كل الأوجاع، والرحلات الطويـــلة التي نقطعها سفرا على الروح المجهَدة..
هناك راحة لتعب، أو حب من كُرْه. (وليس بغض).
واستسلام وديٌّ من إجبار.
هناك شيء دوما تعبر به أحداثنا على فلنكات المقاومة، إلى ضفة الرضا.
من طولك في السفر، استمدتت صحبتك، وخلافة الحب في الأهل. ومن عيالك اكترثتُ لحسن المنظر، ومنقلب الربيع في أحلك اللحظات.
وما زلنا أنا وأنت ومن يشبهنا نجدف على فلنكات الحياة، سعيا لشيء لا نراه، ولكننا نستشعره.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى