مبارك وساط - دموع القدّاحة.. شعر

أمسحُ الطّاولة بالإسفنجة-العين
أقول لنفسي: لا تستمرّ
وإلا تـسـاقطتْ أهدابُك
وبدا لك النّاس القِصار
أبوابا مُقعّرة
وحَبلُ الغسيل
حنكليسا مديدا، يُعذِّبه
صيّاد مخبول يُحسن
التّخفّي
تبعثُ إليّ جارتي ضحكةً مُشفّرة
كضحكات الجواسيس
أفكِّر: لا شكّ أنّ عينَها
تلتمع بدمعة
ومن ثقب في جيبي
تسَّاقط على الفور
دموعُ القدّاحة
ونُثارُ التّبغ
أضعتُ أسناني كلّها
في حرب أفيون سِرّية
وكثيرا ما تركتُ آلام شفتيّ
على نهدَي الجارة
كنت، أيضا، أحقنُ عروق الدّرّاجة بالنّيكوتين
فتنطلق بي على الجسر الذي يصل رّئتيّ
بالسّعال الليلي
هذا التّبغ له طعم البارود
هذه القدّاحة حادّة الطّباع
رغم ذَرْفِها الدّمع الهَتون
هذه الجارة تقف الآن تحت شمسٍ
غيرِ حقيقية (إنّها مجرّد حبّة خردل!)
من كأس النّبيذ التي أَفْرَغْت
زحفتْ نمال كثيرة
مترنّحة نحو جزيرة صغيرة منسية
في ظفر إبهامي
سأعتمد، في البحث عن اسمها
على غوغل
جارتي مختصّة في تربية أظافر
الرّوبوطات
في السّير الطّويل على حافة الجُرْح
ثمّ السّقوط على كتف
الصرخة
أنا أشتغل على الكمبيوتر
أعيدُ تكوين رنينِ عظام الزواحف
باروكَةِ السّيكلوب
والعطسةِ الأخيرة
لابن الرّومي
تهبّ ريحٌ في سِلالها المزامير
وتنتشر زرقة الموسيقى
على فوطة
كنتُ كشطتُ بها الطَّمْي عن قدميّ
أثناء نزهتي، حافيا، على ضفّة نهر
تهبّ ريح، تنتشر زُرقة الموسيقى
فيُسمع، من جديد، في أرجاء
الغُرْفة، عُطاسُ ابنِ الرّومي!
وإذ يزقو طائر من دخان في رئتيّ
أخرج، بدوري
لأستردّ حذائي!
في المرّة الأخيرة
لم يُسْعفني الحظّ
كان دكان الإسكافي مغلقا
أمامه صاحبه المَخمور
يرقص ويُغنّي
ويتقيّأ
المسامير!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى