عبد الرحيم التوراني - رائحة علك في الأفواه

داخل مخدع التصويت نسي الناخب اسم المرشح الذي كان ينوي أن يمنحه صوته، ونسي اسم الحزب الذي ينتمي له ذلك المرشح، كما نسي الرمز الذي يرمز له ذلك الحزب.
انتبه المشرفون على مكتب التصويت إلى تأخر الناخب داخل المخدع. نادوا عليه للخروج لأداء واجبه الوطني. لما لم يتلقوا منه جوابا، قاموا بإخراجه بالقوة من المخدع ودفعوه أمام الصندوق. لكنه عاد إلى المخدع من جديد. لم يكن مكتب التصويت يتوفرعلى أكثر من مخدعين، وهو اختار هذه المرة المخدع الآخرعلى اليمين، قال في سره لعل وعسى تغيير المخدع يكون فيه خير وبركة فيستعيد ذاكرته ويختار من قرر التصويت عليه.
سمعت قهقته من وراء الستار. لقد تذكر اسم المرشح واسم الحزب وعلامة الرمز، لكنه لم يجدها على ورقة الاقتراع. خرج مستفسرا ومستنكرا كيف لا يوجد اسم مرشحه ضمن أسماء المرشحين. سألوه عن اسم مرشحه فذكر لهم اسم “مومو بوخرصة”، وسألوه عن اسم الحزب فذكر لهم حزب “البزولة”، أما عن الرمز فسمى لهم رمز “الخرصة”.
تراجع المشرفون على مكتب التصويت وتهامسوا فيما بينهم خائفين، ثم تقدموا إلى الناخب المحترم مومو بوخرصة ليشرحوا له أن كل المرشحين هم مومو بوخرصة، وأن كل الأحزاب هي حزب البزولة، وأن كل الرموز وإن تعددت هي رمز الخرصة، وما عليه إلا أن يختار بينها فهو الفائز.
عاد الناخب المحترم إلى المخدع مرة أخرى، واختفى بالمرة، لكن الناخبين قالوا إنهم كانوا يسمعون صوت طفل صغير يهمس لهم بالتصويت لحزب البزولة، وكانوا يغادرون المخدع ومكتب التصويت وشفاههم عليها قطرات من الحليب مشوبة بسائل من دم.
في المساء ظهر مومو بوخرصة على أكثر من قناة تلفزيونية يحلل سير الانتخابات، وقال: “المحلوبة حليب والمعصورة دم”.
وفي آخر الليل ظهرهو نفسه يعطي النتائج النهائية، كان يرقص ويلوي عجيزته مغنيا:
“دِرْ فمّك

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى