على حزين - أبي مات فلا عزاء.. شعر


من زمن بعيد
أمي التي تسكن في الوريد
رحلت عنا ولن تعود
رحلت دون آن
تحقق بعض ما تريد
أن تري أبنها الوحيد
له زوجة وله منها حفيد
يتطلع للفجر الوليد
من رحم الغيب البعيد
أمي ماتت من سنين
ماتت بعد أبي
ولأنها لم تقو علي فراق
أبي العطوف الودود
الذي مات شهيد
ماتت لتلحق به
والممرضتان تثرثران
في شرفة المشفى العريق
بعدما علقوا لها المحاليل
وأعطوها حقنةً لتستريح
وأنا واقف ابكي في الممر
وأرقيها من بعيد
لان التعليمات ترفض
أن ابقي لجوارها
والليل طويل وعنيد
وفي الصباح أمي
أسلمت الروح في سكون
أمي ماتت مثل أبي
الذي مات من سنين
ولأنه لا يجد ثمن الدواء
تركوه ينزف في العراء
مات أبي , ماتت أمي , فلا عزاء
وأنا لا املك لهما إلا البكاء
أنا ابنهما الوحيد
لا املك لهما إلا الدعاء
واستجداء السماء
مات أبي مات في العراء
مات من سنين
مات بجرحه الدفين
وكان من الممكن
أن يعيش لو أنقذوه
وطرقت كل الأبواب
عسي أن ينقذوه
ولكن تركوه ينزف
تركوه حتى يموت
لو كان أبي من الأثرياء
لو كان أبي من الوجهاء
من علية القوم
من القوم السفهاء
لو كان له سطوة وجاه
لو كان يملك ثمن الدواء
لكانوا جلبوا له الدواء
لكانوا وهبوا له الحياة
آآه يا أبي لو أسعفوك
لو رحموني رحموك ..؟
لو فتحوا لك خزانة الدواء
لكنت بيننا ألان
أبي مات في سكون
رحل دون آن يزعج احد
في صمت رحل مع الراحلين
أبي مات من سنين
دون أن ينقذوه الأغبياء
ولأنه فقير كآلاف الفقراء
رحل في صمت بلا ضوضاء
ودون أن يغش أو يخدع احد
دون أن يزعج احد ..
أبي مات فلا عزاء
وجاء فصل الشتاء
ومر الخريف
وجثم الصيف ,
وأنا جالس في مقعدهما التلبد
انظر لصورةٍ علقت علي الجدار
جمعتنا ذات عيد
يحملني أبي علي يديه
وأمي يملأ وجهها حلم سعيد
وأنا انتظرهما من بعيد
هل يعودا من جديد
يا هذا اليوم السعيد
وهل من يرحل يعود ..؟



بقلم / على السيد محمد حزين

طهطا ــ سوهاج ــ مصر



يوم الأربعاء 26/7 / 2017 الساعة الثانية عشر ونصف

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى