بانياسيس - سلاح أفريقي - قصة قصيرة

سلاح أفريقي-قصة قصيرة

download.jpg


الزمان: 2674م
المكان: دولة السودان العظمى
حدود الدولة: تشمل من اريتريا شرقا وحتى مالي غربا ومصر شمالا وحتى اوغندا جنوبا.

القوة العسكرية:
اكبر اسطول بحري في العالم.
أكبر اسطول جوي في العاام.
مائة اثنان وعشرون مفاعل نووي.
عدد سري من القنبلة الجينية التي لا تملكها أي دولة أخرى.....
القنبلة الجينية التي أرعبت وروعت العالم.. عندما استخدمتها هذه الدولة الخبيثة والامبريالية في حربها ضد جزر المالديف.
المايسترو عبد الرحيم كوفتي ؛ والمايسترو هو لقب اعلى من كل الألقاب العلمية ؛ حيث يعتمد الحصول على هذه الدرجة على القيام بعدة عمليات متشابكة للعلوم المختلفة لخلق وتطوير المعرفة الإنسانية. وهي عملية لا تخضع لأي منهج علمي بل تعتمد إعتمادا كليا على ذكاء الشخص وحينها يحصل على لقب مايسترو....لم ينل هذه الدرجة العلمية سوى خمسة رجال وامرأتين حول العالم وكان المايسترو كوفتي هو أعلاهم شأنا.
لقد تمتع السبعة مايسترو بحماية مستمرة ولصيقة وهم يعيشون في منتجعات ضخمة تحت الأرض المحرمة والتي كانت قبل مئات السنين تسمى أمبدة.
يحظر المرور فوق أو تحت هذه الأرض المحرمة. مركبات النانو الحيوية لا يسمح لها بالتحليق فوق هذه الأرض الشاسعة. الفضاء نفسه ووفقا لاتفاقية فرضتها هذه الدولة على دول العالم تقضي بحرمة أي تحرك فضائي يتعامد على هذه المنطقة حتى مائة وعشرين سنة ضوئية. تعتبر هذه المنطقة الأكثر أمانا في الكرة الأرضية قبل حتى منطقة المجال المقدس على كوكب المريخ حيث تنتج دولة السودان العظمى أغلب المعادن التي تدخل في صناعاتها التكنولوجية.
رئيس الدولة هو خرطوم والذي تم انتخابه عبر اقتراع مباشر للمواطنين بواسطة الاتصال الذهيني الحيوي ، وايضا اقتراعا غير مباشر من قبل شعوب العالم الأخرى التي منحت حق الاقتراع الجزئي. فكل عشرة مقترعين يحصلون على صوت واحد. كما أن النتيجة التي تخلص من اقتراعهم يستأنس بها فقط وتوضع محل اعتبار الحكومة السودانية عند اتخاذ سياساتها الخارجية.
الارض المحرمة هي عبارة عن دولة موازية تحت الأرض على مسافة مئات الكيلومترات.. والمايسترو السبعة هم الذين يديرون شؤونها.
تتكون الأرض المحرمة من سبعة منتجعات مهيئة بالكامل للحياة بصورة طبيعية مع تأسيس مثالي لاحتياجات البحث العلمي. وتتصل بأنفاق حيوية ذاتية الحركة تشتغل بطاقة التخاطر الذهيني. ويعمل فيها حوالى نصف مليار من العلماء والعمال ، ولا يسمح لأي منهم بالخروج من هذه الأرض.
المايسترو سعاد ؛ كانت تقود الحويصلات الأم وهي سبع حويصلات حيوية خزنت فيها كافة العلوم البشرية منذ فجر التاريخ. وتخضع لسرية شاملة ولا تستخدم إلا بعد إذن مباشر من قبل المايسترو كوفتي والمايسترو سعاد وبعد اجتماعات ذهينية دؤوبة لدراسة الطلب.
المايسترو الحبر رجل عجوز قام بعمليتين شاملتين فقط وحصل على هذه الدرجة العلمية ثم تفرغ لدراسة علم الفراغ الحيوي.
المايسترو ود العوض والمايسترو سعدية في بداية الأربعينات وهما يديران الأنظمة اللوجستية الحيوية لكنهما قليلا ما يتفقان على رأي واحد.
اما المايسترو أليو ... فهو خمسيني طويل القامة ؛ يزعم دائما أن اجداده جاءوا من الفضاء ؛ وإن كان حتى اليوم لم يجد دليلا اركيولوجيا على مزاعمه.. وهو رغم ذلك المكلف بالاتصال بين الأرض المحرمة والعالم الآخر ووضع الخطط والسياسات المعززة للعلاقات بينهما.
لقد انتصرت هذه الدولة العظمى في الحرب العالمية الثالثة والثلاثين ؛ لكنه كان انتصارا بطعم الهزيمة. صحيح أنها أصبحت الدولة العظمى في العالم بحيث امتلكت نفوذا سياسيا وعسكريا واقتصاديا على كل كوكب الأرض وكواكب التخييم البديلة. لكن الفاجعة الانسانية كانت أكبر من أن يصدقها عقل أو يتقبلها قلب ذو فطرة سليمة. انتهت الحرب بذوبان كل سيادات الدولة فوق إناء هذه الامبراطورية . وأصبحت تأتمر بامتثال كامل لكافة اوامر الدولة السودانية العظمى.
قال المايسترو أليو:
- إننا كنا عادلين جدا مع العالم الثاني. وفرنا لهم أمانا صحيا وغذائيا شاملا...غير أن هذا لم يخفف تأنيب ضميري أبدا ...
اعترض المايسترو كوفتي وقال:
- ما حدث مقزز جدا .. مقزز إلى درجة أوقفت فيها كل مستعرضات التاريخ البيولوجية عن العمل الذاتي أمامي.
قالت المايسترو سعدية:
- أليس هذا ضد اللوائح؟
- لا ليس ضد اللوائح يا عزيزتي إنني أمتلك حقا دستوريا أعلى من اللوائح..
كانوا يتخاطرون جميعا دون أن يتوقفوا عن العمل كل في منتجعه.
ود العوض: المايسترو خرطوم ...هناك خلل ما يبدو في سلسلة الكتل الاتصالية.. كرئيس نطلب توجيهاتك للعالم الثاني بتخفيف الضغط قليلا أو استخدام الموائمات لفترات متقطعة.
قال خرطوم: الناس يحبون الكلام أكثر من العمل..
-الكلام يفرغ الضغط النفسي...
قالت سعدية ؛ فغمغم العجوز المايسترو الحبر:
- هل هناك فراغ حقا؟
تدخلت سعاد:
- أنفقت جل عمرك في دراسة الفراغ..أليس هذا كافيا لإثبات أن هناك فراغ حقا...
أجاب:
- لا لم أدرسه فلسفيا فالفلسفة عمل الكسالى الذين يبحثون عن إجابات منطقية وفق الاورجانون الارسطي...
قال المايسترو أليو:
- هل يمكننا فصل الماضي عن الحاضر يا جدنا المايسترو الحبر....
قال الحبر: لا أعرف..هذا أيضا سؤال جدلي على ما أعتقد...
قال أليو:
- إذا ..لماذا يسخرون حين أزعم أن أجدادي من الفضاء؟
يتدخل ود العوض:
- لا أعرف..ولكن ألا تبدو السخرية في حد ذاتها جزما بالمطلق؟
يقول العجوز:
- أعتقد ذلك...
سعاد:
- كم مرت من القرون على هذه الاسئلة؟
- يقول المايسترو خرطوم:
- عشرات القرون على نحو تقريبي..
- هل الجدل فيها منتج؟
تتساءل فيجيب العجوز:
- ليس منتجا ولكن يجب أن تظل باقية..
- لماذا؟
- حتى تظل في الذاكرة يا بنيتي...
-ماذا سنستفيد منها؟
يقول:
- أولا سنعرف أننا لا زلنا محدودي المعرفة..وثانيا لكي نظل دائما في بحث عميق عن ما نسميه حقيقتنا.
كوفتي:
- يبدو ذلك كدراستك للفراغ يا جدنا..
ثم يضيف:
- هل أكون خائنا إن طالبت بنشر تكنولوجيا القنبلة الجينية على العالم؟
يصمت الجميع بخوف...الجد:
- هذا سؤال خطير قد يعرضك ويعرضنا جميعا للعقاب.
يصر:
- إذا.. لماذا لا ندمر هذه القنبلة أيها الجد...لا يمكن أن ندعي أننا بلغنا درجات من التحضر ونحن نحتفظ بهذه القنبلة الكارثية..
يصمت الجميع بقلق.
- يفضل أن تحتفظ بهذه الاسئلة داخلك يا مايسترو كوفتي..
يقول خرطوم.
- لماذا؟
- لأنها اسئلة غير منطقية.. صحيح أن القنبلة غير رحيمة ولكنها ضرورية للسلام العالمي... ثم أن التكنولوجيا البيولوجية ستنكشف رويدا رويدا أمام باقي المنظومات الأجنبية وإلى ذلك الوقت يجب أن نطور سلاحا جديدا يتفوق على القنبلة الجينية وقدرات ردع ءعلى مع تقنيات وقائية عند التعرض للهجمات بهذه القنبلة...
يصر كوفتي:
- أنا أتحدث عن فلسفة العنف .. لا نملك مبررا كافيا لعرقلة التحول إلى عالم مسالم...
- هل تستطيع إنكار غريزة البقاء...؟
- يا مايسترو خرطوم...والعقلانية؟ ... إننا ندعم الغريزة ضد العقلانية ..واعتقد أن هذه رجعية لا مراء فيها.
تقول سعدية:
- يبدو حديثك مثاليا يا مايسترو كوفتي...هل تعتقد ذلك؟
- نعم هو مثالي لأننا يجب أن نرتقي لا أن ننزلق الى الوراء..
- الغريزة هي التي تدفعنا للحياة وليس العقل..العقل يخدم الغرائز..هذه وظيفته... أما المثالية فهي في حد ذاتها تناقض العقل... ولذلك أعتقد اننا سندور في دائرة ... لا ءرغب في أن أبدو في مظهر اليمين أو المحافظين...لكن لن استطيع تخيل عالم مسالم يا سيد كوفتي....إن السلام لا يحدث حتى في بيئة الديدان....
يتدخل خرطوم:
- أتفق معك...ربما كان السلام هو معرقل تطورنا البشري...إن السلام يعني الركون إلى الدعة والخمول والسلبية... الأعداء هم أهم ما يملكه الإنسان .. إنهم أهم في الواقع من الأصدقاء...
يقول كوفتي:
- ما فعلته القنبلة الجينية كان مفزعا يا سادة... عندما أتذكر مشهد الضحايا ارتعب وأصاب بالهلع...إنني اسألكم..كم مرة أعدتم مشاهدة ذلك المشهد؟
يصمت الجميع...فيواصل:
- سأريكم له الآن.. سأستدعيه ذهينيها...
يصيح الجميع...
(لا أرجوك..لا تفعل...)
فيستمر الصمت.. وفي الأعلى خارج الأرض المحرمة ؛ كان ضحايا القنبلة الجينية في الدول يأكلون العشب بصمت ... لقد حولتهم تلك القنبلة إلى أنصاف قردة وأنصاف خنازير ... كانوا كائنات مشوهة جينيا بشكل لا يصدق....وكانوا مستسلمين لقدرهم...

(تمت)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى