إبراهيم الدرغوثي.. الذاكرة الحية لتونس الخضراء - حاوره: عبدالرضا غالي الخياط

قاص وروائي ومترجم في مجال الأدب، من بلد الياسمين تونس الخضراء، نائب رئيس اتحاد الكتّاب التونسيين.

توزعت حياته بين التعليم والكتابة. صدر له أكثر من عشرين كتاب، منها تسع روايات، وثمان مجاميع قصصية، فضلا عن عدة كتب مترجمة، يعود بعضها إلى الأدب الصيني نقلت عن اللغة الفرنسية، ومختارات قصصية، وإشعار عربية ترجمت إلى الفرنسية. وقد تجاوزت أعماله الحدود الجغرافية وحواجز اللغة، فترجمت بعد صدورها إلى اللغات الحية، الفرنسية، والإنكليزية، والروسية، والألمانية، والايطالية، والامازيغية، والكردية، واستمرت في التواصل مع اللغات الأخرى، وقد نالت أعماله الروائية اهتماماً من قبل مؤسسات تعنى بالأدب، إذ أعدت عنها الكثير من الدراسات والاطاريح الأكاديمية كبحوث مستقلة في أنحاء المغرب والبلاد العربية، وقد بلغت ما يقارب عشرين رسالة ماجستير ودكتوراه دولة حسب قراءتنا له. وبلغ الاهتمام الكبير بأدب " الدرغوثي " ذروته عندما تم تكريمه بأكثر من جائزة تقديرية من قبل مؤسسات تعنى بالشأن الثقافي - المعرفي. ويتميز أدبه بمستوى رفيع وبابتكار شخصيات وأقنعة مركبة عما حولها من شؤون الحياة وتعقيداتها، وكأنها تعبر في رومانسياتها عن واقع الشخصيات وسبر للأمكنة والبقاع، أو تتقاطع معها وان كانت تمتد بجذورها إلى الحكايات الشعبية وإيقاع الحياة العامة وتناقضاتها الصادمة في المغرب العربي، ومن المزاوجة بين المأساة والملهاة، كل ذلك قدمه عبر حاضنة اللغة والنثر الفني مع توظيف جميل للغة المحكية، قليلاً، بما يخدم طبيعة جماليات السرد والحوار، مازج بين الأسلوب الفصيح والعامي كي يتواصل مع مستويات الوعي والثقافة والتجربة الإنسانية، كما نجد في أعماله الروائية مزيجاً من الشخصيات الواقعية والخيالية، وقد اتسمت بالإمتاع والتشويق والبساطة، مشحونة بالتدفق الشعري الذي منحه تميزاً ملحوظاً على مجمل النشاط الأدبي في تونس، فقد منح لقب ذاكرة تونس عن جدارة ومن دون منازع يذكر مع كل ما يحمله من سعة الخيال، والقدرة على استلهام الواقع وتوظيف التاريخ وإعادة صياغته فنياً مستخدماً أسلوبا إذا جاز لنا التعبير هو نوع من المقاطعة والمزاوجة في كسر طوق اللغة، وذلك من خلال استحداث آليات جديدة وأساليب حديثة في تشكيل وحدات النص وبنية السرد. ولعل من أبرز مميزات الرواية الحديثة اليوم تبنيها لقضية الإنسان واهتمامها المفرط بالمكان، ويأتي اهتمام الرواية بهما، لا كعنصرين فاعلين فحسب، بل حيوات تشكل روح الوجود الإنساني للجمال..
ويسرنا إن نلتقيه في حوار عن الأدب والثقافة وبعض محاور فن الترجمة والنقل. مع التقدير له ولكل المبدعين العرب.

س: هل يمكن الحديث عن سمات الرواية التونسية ؟ ما أردنا معرفته من سؤالنا هو الخصوصية التي تتميز بها السردية التونسية دون غيرها؟
الرواية التونسية هي رافد من روافد الرواية العربية عامة كتبت نصوصها الأولى في بداية القرن العشرين. ورواية صالح السويسي " الهيفاء وسراج الليل " صدرت منذ سنة 1906 أي قبل الروايات التي قيل إنها مؤسّسة للرواية العربية وذلك لارتباط الأديب التونسي بالغرب وخاصة في ثقافته وأدبه المكتوب باللغة الفرنسية، فكل ما ينشر في فرنسا يكون له صدى مباشرا في مستعمراتها المغاربية منذ بواكير الكتابة الإبداعية التونسية حتى الآن، وإلى زمن قريب كانت باريس أقرب للكتّاب التونسيين من القاهرة ودمشق والرباط وبيروت وبغداد وحتى الجزائر العاصمة لأن الحدود مفتوحة بينها وبين تونس بينما هي تكاد تكون مغلقة مع هذه العواصم العربية التي ذكرتها ولم أذكر لشدّة وطأة الرّقيب على المنشورات المتبادلة بين الدول العربية حتى أنه يكاد يسمح بمرور الكلاشينكوف بينما يمنع مرور الكتاب والجريدة والمجلة.
لهذه الأسباب وغيرها أصبح للإبداع التونسي خصوصياته التي تقترب من الكتابة الفرنسية وتتأثّر بها حتى أن كل المدارس الإبداعية التي ظهرت في فرنسا كان لها تلاميذها في تونس وكل المبدعين الفرنسيين الكبار في الرواية والإبداع عامة وجدوا من تأثر بهم وحاكاهم في إبداعهم في تونس من رواد المدرسة الكلاسيكية حتى كتاب الرواية الجديدة مرورا بالواقعية بكل أشكالها حتى التجريب والكتابة العابرة للأجناس.

س: في بعض إعمالك الروائية قدمت ملامح الشخصية التونسية، فما هي أبرز تلك الملامح ؟
الشخصية هي واحدة من المكوّنات الأساسية في الكتابة الروائية الحديثة وهي تتمايز في المكان والزمان ومن كاتب إلى آخر وتتنوّع من حيث السيكولوجيا والتكوين النفسي وردود الأفعال في تعاملها مع أحداث العمل الروائي. من هنا كنت دائما أركّز عند اختيار شخصيات رواياتي على تمايزها وخاصياتها الفنية التي تصنع فرادتها مثل " درويش " روايتي الدراويش يعودون إلى المنفى " و " آدم بن آدم الآدمي" في روايتي القيامة الآن " و" عزيز السّلطاني " في روايتي وراء السراب...قليلا " وغير ذلك..
فالمعروف أنّ التونسي هو خليط من الأجناس التي مرّت من هنا انطلاقا من البربر الأمازيغ السكان الأصليين للمغرب الكبير مرورا بالفينيقيين فالرومان فالعرب فيهود بلاد الأندلس الذين استوطنوا تونس عندما هربوا من اسبانيا مع الموريسكيين العرب في القرن السادس عشر فالأتراك وصولا إلى الفرنسيين ومن جاء معهم من سكان البحر المتوسط كالمالطيين والايطاليين.
كل هذا الخليط من البشر صنع إنسان تونس اليوم الذي يتميّز عن غيره بالتسامح والوسطية قبل وصول هذا المد الظلامي إلى تونس الجميلة في السنوات التي تلت ما سمي بالربيع العربي. فالإنسان التونسي معروف بتفتّحه على الحياة وغنمه منها قدر جهده وهو نتاج لثقافة تنويرية زرعها فيه الحبيب بورقيبة رئيس جمهورية تونس الحديثة ( الاعتراف للمرأة بحقوقها الدستورية منذ خمسينات القرن الماضي، منع تعدد الزوجات ونشر التعليم ...)
إن هذه الميزات التي تجعل من التونسي فريد عصره في محيط مازال يؤمن بالدّجل وبالتّطبّب ببول البعير هي التي أسعى إلى تبليغها لقراء نصوصي الروائية قبل أن تتغير هذه البلاد إلى الأسوأ خاصة ونحن نقاوم كل هذا المدّ الذي يبشّر بالموت ويزرع الدمار على هذه الأرض العربية من الماء إلى الماء.

س: كثيراً ما نقرأ في الرواية المغاربية، ومنها التونسية تحديداً تقاطعات في بنية السرد واللغة، وذلك من وجود مصطلحات ومعاني وكلمات غير عربية ؟ وهذا يجرنا إلى سؤال أخر، إذ يرى القارئ المشرقي صعوبة في فهم بعض النصوص ؟
أنا شخصيّا أكتب نصوصي في الغالب الأعم بالعربية الفصيحة ولا أقترب من اللغة الدارجة أو المحكية إلا إذا رأيت أنها تخدم النّص وتقوم مقاما لا تقدر عليه الفصحى عند إنطاق الشّخصية أو عند بناء الحدث وهو معمول به عند كتاب المشرق والمغرب. فكثير من الكتاب المشارقة مصريين، عراقيين، لبنانيين وكتاب الخليج أيضا يستعملون المحكيّة في حوارات نصوصهم القصصية والروائية وفي مواقع أخرى منها ونحن قراء المغرب الكبير نجتهد ونتابع هذه الكتابة ومن هذا المنطلق يصبح على الأشقاء في مشرق بلاد العرب أن يجتهدوا قليلا عند قراءة النصوص المغاربية لأن جذور المحكيات عربية فصيحة وسيمكنهم أن يستمتعوا بالنص المغربي بسهولة كبيرة بشرط ألا يكون مسرفا في محليته اللغوية أو مطعّما بمفردات من اللغة الفرنسية.
س: كثير من الكتاب التونسيين يكتبون بالفرنسية، ونعلم انك تجيد الفرنسية إجادة تامة، فهل حاولت الكتابة بالفرنسية ؟
لم أرغب في الكتابة الإبداعية باللغة الفرنسية من حيث المبدأ لأنني أتوجّه بنصي بالأساس لقارئ عربي ففضلت الاتصال بهذا القارئ بلغة الأم، ولكن هذا لا يعني أنني لم أهتم باللغة الفرنسية في مسيرتي الإبداعية لأنني ترجمت منها نصوصا كثيرة للغة العربية سواء لكتاب فرنسيين أو نصوصا من لغات أخرى ترجمت للفرنسية ثم نقلتها من خلال هذه اللغة الوسيطة إلى العربية. ولعل تجربتي في نقل العديد من النصوص الشعرية والقصصية الصينية إلى اللغة العربية خير دليل على ذلك ( جمعتها فيما بعد في كتاب بعنوان : خمرة في غمّارة ونشرت في تونس) كما أنني ترجمت للغة الفرنسية نصوصا عربية كثيرة أهمها مختارات قصصية لكاتبات من الإمارات العربية ونصوصا نتّية في المواقع الالكترونية.

س: إلى جانب كونك قاصا وروائيا، كما عرفك القراء مترجما، واليوم العالم العربي يعيش في أزمات شتى، منها أزمة النقد كيف الخروج من تلك الأزمة ؟
نعم جربت الكتابة القصصية في بداياتي حيث أصدرت مجموعتين قصصيتين ثم كتبت روايتي الأولى " الدراويش يعودون إلى المنفى " التي صدرت في لندن وبيروت عن دار رياض الريس الشهيرة ثم واصلت كتابة الرواية والقصة القصيرة بل حتى القصة القصيرة جدا حيث صدرت لي مجموعة أولى منذ سنوات كما صدرت مجموعتي الجديدة في القصة القصيرة جدا هذه السنة. وبين هذه وتلك كنت أقوم بالترجمة وكتابة الشهادات الإبداعية والحوارات التي صدرت في كتاب يحمل عنوان " خارج حدود السرد ".
أما عن أزمة النقد التي يعيشها الإبداع العربي فهي تتمثل في غياب النقد الذي يقرأ الإبداع قراءة فنية بسيطة تشير إلى مواطن القوة والضعف فيه كما كان الحال عند نقاد بداية النصف الثاني من القرن العشرين بينما صار النقد اليوم عند الكثيرين ( حتى لا أعمّم ) طلاسم ينفر منها القارئ العادي ولا يستفيد منها حتى ذوي الاختصاص.
س: لقد قمت بترجمة مختارات قصصية عربية إلى الفرنسية، وأخرى من الأدب الصيني إلى اللغة العربية بواسطة اللغة الثالثة، أي الفرنسية، ما المنهج الذي اتبعته في عملية النقل ؟
الترجمة عندي هواية وليست اختصاصا لذلك لا أتتبّع منهجا علميّا عند انجاز النصوص المترجمة، وإنما تكون ترجمتي ذوقيّة مع التزام بشروط الترجمة الفنّية وبقواعد اللغة المترجمة منها وإليها. كما أن اختياراتي للنصوص التي أترجمها تعود أيضا لذائقتي الإبداعية. مرة واحدة ترجمت على الحساب عندما دعيت لترجمة مختارات قصصية لكاتبات من الإمارات العربية. ولحسن حظي فإن مجمل نصوص هذه المختارات كانت جيدة جدا لأن النص الجيد هو بداية نجاح الترجمة التي هي بطبعها خيانة للنص المترجم والمترجم إليه.

س: لكل روائي رسالة إنسانية، فما هي رسالتك ؟
في الدول التي تحترم مبدعيها مادّيا وأدبيّا ( وهذا غير موجود في كل الدول العربية الآن وبدون استثناء ) يكون صوت الكتّاب عاليا ومكانتهم مرموقة عند الجميع لذلك تصل أصواتهم لرجال السياسة مدوّية فيهابها الجميع كما يعمل بتوجيهاتها المجتمع ويقدّرها حقّ قدرها. أما في واقعنا العربي الآن فآخر ما ينظر إليه الثقافي والأدبي وميزانيات وزارة الثقافة هي دائما في حدود صفر فاصل من مجمل ميزانيات الدول العربية ومع ذلك يظلّ المبدع العربي هو ذاك " النّبيّ المجهول " على رأي شاعرنا العظيم أبي القاسم الشابي يبشّر بالقيم النبيلة ويدعو إلى الحرية وكرامة الإنسان العربي ويسعى إلى نشر ثقافة السلام وينبذ العنف ويدين ما نعيشه الآن من ردّة وعودة إلى القيم التي فات زمانها وما عادت تصلح لهذا العصر.
هي ذي بعض ما تبشّر به كتاباتي الإبداعية القصصية والروائية وموقفي العام من الحياة والمجتمع.

س: من الواضح ان هنالك جيلاً جديداً من الكتاب والشعراء بدأ ينتشر في ميدان الأدب العربي، كيف تنظر إلى تلك التجارب الشبابية ؟
مرّت التجارب الإبداعية العربية بمراحل بدأت بتلمّس الكتاب المؤسسين للفنون الوافدة من الغرب وأقصد السّرديات ( قصة ورواية ) ثم تلتها مرحلة التأسيس ونحن نعيش اليوم طفرة جميلة بلغت فيها الرواية العربية مثلا، أعلى مراحل الإبداع ونافست في جودتها ما يكتب في الغرب. ولعل الجوائز العربية الكبرى شجّعت على هذا التقدم الكبير للسرد العربي وخاصة للرواية التي يكتبها الشباب وبفنّيّة عالية حتى صارت تعد ديوان العرب الحديث.
أما الشعر الشبابي فلم يحدث الاختراق الكبير حتى الآن فظل لشعراء الجيد السابق الريادة.

س: هل هناك قنوات تواصل بينكم وبين أدباء العراق، وما حجم هذا التواصل ؟
للأسف الشديد لا توجد مثل هذه القنوات للاتّصال بيننا وبين أدباء العراق وغيره من بلاد العرب إلّا في القليل النادر ولولا هذا الفتح المبين الذي جاد به علينا " كفّار " الغرب ( الفيس بوك ووسائط الشبكة العنكبوتية الأخرى) لما وصلنا شيء مما يقع في جوارنا فما بالك ببقية أمصار هذا الوطن الكبير البعيدة.
إن التّبادل الثقافي والأدبي بين البلدان العربية صار عسيرا أكثر من قبل وما تقوم به بعض الهياكل الثقافية كالاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب ما عاد يفي بالحاجة في ظلّ هذا الانقسام العربي الكبير وغلبة السياسي والإيديولوجي على الثقافي والأدبي حتى أنّنا صرنا نترّحم على الزمن القديم عندما كان العراق مثلا محجّا للشعراء والكتاب العرب وكانت دمشق وبغداد والقاهرة طابعة كبيرة لكل القراءات الإبداعية التي عرفنا من خلالها أجمل الكتابات في كل ميادين القراءة.
س: كيف تنظر إلى الحركة النقدية، وما تقيمك للمشهد الثقافي العربي برمته؟
دائما أقول لشباب الكتاب العرب عليكم أولا بإحداث تراكم كمّي وكيفي في تجربتكم الإبداعية ووقتها فقط سيلتفت النقاد لكم رغما عنهم لأن الناقد لا يهتمّ إلّا بالنص المغامر الصّادم لذائقته الفنية أما العادي والمكرّر فلا قيمة له في المدونة النقدية.
إن النقد يأتي تاليا على الإبداع حتى يقرأه قراءة تقييمية تليق به وقد عشنا تجارب نقدية هامة في العراق ومصر ولبنان في ستينات وسبعينات القرن الماضي عندما كانت هذه البلدان سرّة الإبداع العربي أما الآن فقد تحولت بوصلة النقد إلى المغرب الأقصى وبلاد الخليج لما تعيشه هذه المناطق من طفرة إبداعية حوّلت وجه اهتمام المبدعين والنقاد إليها.

س: هل الرواية العربية في بعض نماذجها شاهد إثبات على الجرائم التي أصابت بعض الأقطار العربية ؟
أظنّ ظنا يقارب اليقين أن النص الإبداعي عامة والروائي خاصة يعدّ وثيقة تاريخية يعتدّ بها عند تقييم ما حدث ويحدث في المجتمعات الإنسانية وكتابات مكسيم جوركي وإيميل زولا ونجيب محفوظ وغيرهم من الكتّاب العالميين تعتبر عند المؤرّخين وعلماء الاجتماع وثائق قيّمة لقراءة واقع المجتمعات الروسية الفرنسية والمصرية خلال الأزمان التي عاشها هؤلاء الكتاّب في مجتمعاتهم. وبهذا يمكن للكاتب أن يتحوّل إلى مؤرّخ يكتب بشكل إبداعي ما يعيشه مجتمعه ولكن بعين المبدع الفنان لا عين المؤرّخ التي يسجّل الوقائع كما هي.
وهناك تجارب جميلة في الكتابة الروائية سجلت فضائع الحرب في لبنان مثلا خلال الحرب الأهلية اللبنانية صارت وثائق تاريخية الآن. ومن المؤكد أن الرواية العربية القادمة ستسجّل لنا ما نعيشه الآن من فضائع تقترف باسم الدين في العراق وسوريا وليبيا واليمن وتونس وفي بقاع أخرى كثيرة في العالم.



إبراهيم الدرغوثي.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى