نبيل محمود · المريض الإغريقي.. شعر

كان يؤكّد دائماً
أنّ دماً إغريقياً يسري في عروقه
رغم لون بشرته شديدة السمرة
وأنفه الكبير
كان يفسّر يقينه ذاك
بنزوع عقله الفطري إلى التوقّع الكارثي
ومزاجه التراجيدي..
وحينما يحاججه البعض بأن الجمال
والحب كانا شاغلي الإغريق
كان يسترسل مستشهداً بالتراجيديات
والمصائر الحزينة للبطل الإغريقي..
حتى صديقته التي زارت اليونان هذا الصيف
ووصفتها بأنها الأرض الأقرب إلى الفردوس
لشعبٍ أقرب إلى المرح والشمس
نعتها بالخِفّة والسطحية
وافتقارها لملكة الانصات إلى الأصوات الداخلية..
***
ولأنه كان يرهف السمع كثيراً
ابتسم أخيراً
لسماعه صوت الريح السوداوية
فتح النافذة لليل والباب للمريب
وليس كما يتصرف أيّ سويّ
راح يتخيّل كل الاحتمالات الممكنة
لئلا يغفل تفصيلاً ضرورياً قد يُبطل الحدث!
وضع فوق المنضدة كل نفيسٍ لديه
لكي لا يزيد من عناء المقتحم
وكشريكٍ خفيّ للصٍّ شحيح الخيال
ربما يربكه الاشتباك المتوقّع
فيحجم عن الإيغال والتورّط في جريمة دم
ترك له سكيناً لامعةً فوق المنضدة
ونثر بعض الملابس فوق أرضية الغرفة
بعدما انتهى من تأثيث المكان بكل ما يلزم لتراجيديا حقيقية
جلس ينفث دخان الانتظار..
وكما يفسد طارئٌ ما خطةً محْكمةً أحياناً
وثب القط الأسود من النافذة
ماءَ واجتاز أرض الغرفة ببطءٍ وبلا مبالاة!
ومضى خارجاً من الباب..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى