حسين مروة - لمن هذه..؟

في لبنان دولة ، كما نعلم ، ولهذه الدولة : دستور ، وبرلمان ، ووزارات ، ومؤسسات ، وتنظيمات حديثة - كشأن كل دولة عصرية في هذا الزمان ..
ترى ، لمن هذه الدولة ودستورها وبرلمانها ومؤسساتها ؟
أهي لشعب أم شعوب ؟.. أهي للبنان .. لبنان" الشعب" .. لبنان "الوطن " .. لبنان " الأرض " لبنان " التاريخ " ؟ ..
أم هي ليست للبنان هذا .. وإنما هي للأديان .. والطوائف والمذاهب : هذه التي لا أرضَ لها ولا وطن .. هذه التي لا يدّعيها شعبٌ واحد في الشعوب ، ولا يختصّ بها وطنٌ واحد في الأوطان ، ولا " تحتكرها " دولة واحدة في الدول ؟
ترى ، لمن هذه الدولة في لبنان ؟ .. أهيَ لمجموعة " سكانه " المنحدرين من أصلاب أرضه ، المنبثقين من أعراق تاريخه .. أم هي لمجموعة " طوائفه " التي هي مشاعٌ لكلّ أرض ، وشعب ، ووطن ، ودولة ؟ ..

* * *

ومن ذا في لبنان : أشعبٌ واحد أم شعوب ؟
ومن ذا في هذه الأرض : أ ناسٌ أم أديان وطوائف ومذاهب ؟
ومن ذا في هذا الوطن : أمجموعة " سكان " أم مجموعة " أديان " ؟

* * *

أجل .. في لبنان دولة ، وهذه الدولة " لناس" لبنان ، لا " لأديانه " ..
وفي لبنان شعب ، وهذا الشعب واحد غير متعدِّد ، وإنْ تعدّدت فيه الأديان والطوائف والمذاهب ..
هكذا يقول منطق الواقع ، ومنطق الحق ، ومنطق العلم ، ومنطق التاريخ ..

* * *

إذن ، ما بالنا .. ما بالُ نَفَرٍ ما في لبنان ، يخشى - إذا طُبِّق نظام الدائرة في الانتخابات النيابية - أن تضطرّ كثرةٌ من طائفة معيّنة إلى انتخاب نائبٍ من طائفةٍ أُخرى ؟
أيُّ ضيْرٍ على لبنان في أن يكون الشيعي نائبَ كثرة ٍ مارونية ، أو أن يكون المارونيّ نائب كثرةٍ شيعية أو سنّية مثلاً ، ما دام النائب يمثّل لبنان ، وما دام لبنان هو " السكان" لا " الأديان" ، وما دام سكان لبنان شعباً واحداً لا شعوباً عدّة ، وما دام هذا الشعب الواحد " مجموعة " من البشر لا "جماعات " من المذاهب ؟ ..

بتاريخ 26 حزيران 1951
في جريدة " الحياة " البيروتية وفي زاوية " أدب"

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى