صفاء عبدالمنعم - تروح فين يازعلوك بين الملوك.. قصة قصيرة

لو كانت تستطيع أن تقتلها ، تلك الكلمات البذيئة والتى كانت تخرج من فم جدتها ، والمحملة برائحة نتنه ، ببخار الماء فى ليالى الشتاء الباردة ، وبعد أن تشرب كوبا كبيرا من الحلبة باللبن حتى يسهل عليها دخول الحمام صباحا دون مشقة أو تعب لأنها تعانى من حالة إمساك حادة وشديدة ومستمرة وخاصة فى فصل الشتاء لأنها تخشى دخول الحمام ليلا فى ظلمته الحالكة وهى تردد بصوت مرتفع وشديد الأرتباك والخوف : أعوذ بك من الخبث والخبائث .
وقبل أن تخطو أولى خطواتها داخل الحمام ، ترفع جميع ملابسها كاملة وتضعها فى فمها ، ثم تقضى حاجتها وهى واقفة خشية الجلوس على القاعدة البلدى لربما تسقط ولا تستطيع النهوض ، فقدماها تؤلمها بشدة خاصة من عند الركبتين .
جلست رباب مايقرب من ساعة كاملة وهى تتأمل الصور وخاصة الأطار القديم والذى أشترته من بائع الروبابيكيا والذى كان يفرش بضاعته على رصيف الشارع المتقاطع مع شارعهم ، حيث كانت تذهب إلى العمل صباحا فى مصلحة الجوازات ، وقبل شروق الشمس ، كان يستقبلها البائع يوم الخميس بضحكته العجوز الصافية وأسنانه المسودة من كثرة التدخين وهو يضحك مناديا : ياأستاذة عندى لك تحفة هايلة .
تمسك من يده بعض الأنتيكات القديمة وتتأملها ، ثم تشترى بعضها ، وتترك البعض الآخر .
كانت تسير هى بخطواتها العجلى إلى أن ألتقطت عيناها ذات صباح هذا الأطار البديع ، فتقدمت منه بخطوات مرتعشة وألتقطت البرواز القديم وهى تقلبه ، ثم أقتربت أكثر وأخذته بخمس جنيهات كاملة ، وعندما عادت إلى البيت ، وضعت صورة جدتها داخل الأطار القديم ، وعلقته فوق على رأسها على السرير .



* عن صفحة: محبى الكاتبة صفاء عبد المنعم

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى