ماريو بينيديتي - تشرفنا.. قصة قصيرة - ترجمة : صالح علماني

التقيا عند منضدة كونتوار أحد البارات، كل منهما أمامه إبريق من البيرة، وكانا قد بدأا تبادل الحديث، مثلما هو طبيعي، حول الطقس والأزمة. ثم تحدثا في موضوعات متنوعة، ولم تكن جميعها مترابطة بصورة عقلانية. يبدو أن النحيل كاتب، والآخر سيد عادي. وما كاد السيد العادي يعرف أن النحيل أديب حتى بدأ يمدح وضع الفنان، وما يسميه ذلك الامتياز البسيط في القدرة على الكتابة
ــ ليس الأمر بهذا البهاء ــ قال النحيل ــ، فهنالك لحظات خذلان عميق أيضاً يصل أحدنا خلالها في المحصلة إلى أن كل ما كتبه مجرد قمامة. ربما لا يكون كذلك، ولكن هذا ما يظنه أحدنا. ودون الذهاب بعيداً جداً، حدث أن قمتُ منذ وقت قريب بجمع أعمالي غير المنشورة كلها، أي عمل عدة سنوات، واستدعيت صديقي المفضل وقلت له: أنظر، كلُّ هذا لا نفع فيه، ولكنك تدرك أن إتلافه سيكون مؤلماً لي، لهذا قدّمْ لي معروفاً بإحراقه. اقسم لي أنك ستحرقه كله، فأقسم لي.
أصيب الرجل العادي بالذهول حيال إشارة النقد الذاتي تلك، لكنه لم يجرؤ على النطق بأي تعليق. وبعد الصمت لوقت لا بأس به، حكَّ رقبته ورفع إبريق البيرة.
ــ اسمع يا سيد ــ قال دون أن يرمش ــ منذ بعض الوقت ونحن نتحدث دون أن نتعارف على الأقل، اسمي أرنستو تشابيث، وكيل مبيعات جوال ــ ومدّ له يده.
ــ تشرفنا ــ قال الآخر وهو يشد بأصابعه العظمية ــ فرانز كافكا في خدمتك.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى