الدكتورة فاطمة رضا: الحاكمية العربية ترفض أي مساهمة في الحضارة المعاصرة التي يقودها الغرب - أجرى الحوار: محمد صالح الجرادي

تو.طئة:

قالت المستشارة الاجتماعية لدى قسم دراسات صراع الحضارات والأمم في البيت الأبيض، الدكتورة فاطمة رضا، ان الصراع بين الغرب والعرب ليس صراعا دينيا بالمطلق كما يذهب البعض، لكنه صراع حضاري منبعه الإرادة في التميز الحضاري.

وأضافت في هذا الحوار المقتضب لموقع " الانطولوجيا" ان لا يمكن للعرب ان يساهموا بفاعلية في الحضارة المعاصرة، دون ان يجري تغيير حقيقي في طبيعة الأنظمة والحاكمية العربية.

وانتقدت فاطمة رضا، اليمنية الأصل، ورئيس الشعبة القانونية لمحكمة الجرائم السياسية، في محكمة لاهاي الدولية، والمحاضرة في القانون الإجتماعي لدى جامعات أمريكية وبريطانية، طبيعة تعامل الأنظمة العربية مع مشاركة المرأة العربية في الحياة السياسية والوظيفية تحديدا، كما انتقدت تفكير المرأة العربية الذي لايزال يحدد وظيفتها في الحياة، بشكل أوسع، في ربة بيت.!


إلى تفاصيل الحوار:

* في المستهل، يبدو من المهم ان نسأل من هي فاطمة رضا، أو ما الصيغة التي تحب ان تُعرّف نفسها، وتُعرَف بها؟
- اسمي فاطمة أحمد إسماعيل رضا. ولدت في مصر لأب و أم يمنيين كان أبي يعمل ملحقا عسكريا لسفارة اليمن في مصر ، اكملت دراستي حتى المتوسط بتفوق في مصر وعدنا لليمن بعد تقاعد والدي، عشت ثلاث سنوات في تعز في منزل والدي في منطقة مسجد المظفر وكانت أجمل أيامي في تعز.

* ليس بالعادي أو السهل ما أنجزتيه من تجربة علمية ومهنية أهلتك لتحقيق حضور عالمي رفيع في مجال تخصصك او اهتماماتك.. ماذا تقولين عن هذه التجربة؟
- حقيقة تجربتي صعبة قليلآ وليست سهله ولم أصل بسهولة إلا بعد دراسة طويلة بدأت مشواري من اليمن من الثانوية العامة حيث كان ترتيبي الأولى للثانوية العامة في اليمن بمعدل 98.8% عام 1999م، وسافرت منحة دراسية لأمريكا لكلية القانون في هارفرد لقسم العلوم السياسية وكان ترتيبي العام في الكلية الثانية، وقررت إدارة الكلية منح الخمسة الأوائل ماجستير ودكتوراة على حساب الكلية، درست ماجستير في هارفرد في القانون الإجتماعي، ثم ابتعثوني لتحضير الدكتوراة في بريطانيا في جامعة كامبريدج في القانون الإجتماعي أيضآ، وحقيقة أن علم الإجتماع والقانون الإجتماعي هو إختصاصي، عملت أستاذة مساعدة للقانون الإجتماعي لسنتين في جامعة هامبورغ في المانيا وبعدها توظفت في محكمة العدل الدولية عام 2007 في المجلس التشريعي فيها وبنفس الوقت طلبوني للعمل في أمريكا في وزارة العدل الأمريكية وذهبت وكان عملي خفيف في أمريكا في الشعبة الإجتماعية وكنت اذهب الى لاهاي ثلاثة أيام في الأسبوع وأعود لامريكا أربعة أيام وصعدت في السلم الوظيفي حتى وصلت لرئيسة الشعبة القانونية وتضم شعبتي خمس دوائر فيها مايقارب 250 موظف ومؤخرآ عملت لجانب عملي هذا في البيت الأبيض كمستشارة إجتماعية لصراع الحضارات والأمم.

* تجربتك ايضا تضعك كإنموذج حي للمرأة العربية القادرة على تجاوز اعاقات وكوابح واقعها في الداخل العربي، كيف لك توصيف الدور النسوي عربيا في صورته ومستوياته الراهنة؟
- حقيقة الدور العربي النسوي جدآ ضعيف بسبب العادات والتقاليد التي تجعلها مكبلة نوعآ ما، والمرأة العربية عمومآ ضعيفة علميآ وغير قادرة على مواكبة العصر وتحتاج لشوط كبير للخروج من عباءة العادات والتقاليد ، وعقلية المرأه العربية بشكل عام ينطوي تحت كيف تصبح ربة منزل فقط وحتى لو كانت متعلمة فالحكام أنفسهم يضعونها كوزيرة لحقوق الإنسان كاقصى منصب يمكن أن تصل إليه في الوطن العربي وهو منصب شكلي لاظهار المرأة بصورة جيدة أمام المنظمات الدولية، ولذلك المرأة العربية تحتاج لشوط طويل ينبغي أن تقطعة للوصول للتحرر العلمي الكامل .

* وفقا لمسؤليتك كمستشارة في صراع الحضارات، لدى قسم الدراسات الاجتماعية في البيت الأبيض، هناك من يرى ان فكرة الصراع هي التي تحكمت وتتحكم في موقف الغرب تجاه العالم الإسلامي، انطلاقا من كون فكرة صراع الحضارات هي أساسا تعبير عن صراع ديني؟ ما تعليقكم على هذا؟
- صراع الغرب مع العرب ليس دينيا بالمطلق؛ فالكنيسة لم تعد تحكم في العالم الغربي وإنما الصراع هو صراع حضاري بالتاكيد. وليس منبعة أي كراهية بل هو نابع من تكريسهم حياتهم لأجل التميز الحضاري، ومايشعر به العرب من استهداف لهم من قبل الغرب يشعر به أيضآ الصينيون والروس وباقي الأمم، فالصراع منبعه الإرادة في التميز عن باقي الأمم وهو ليس ظاهرة عدائية أبدا، وما حصل وما سيحصل من صراع عسكري هو ينطوي تحت كيف تصبح الدولة المتميزة والأقوى، وليس منبعه عداء ديني أو ثقافي، وحتى احتلال الدول في العصر الحديث لم يعد عسكريآ بل إقتصاديآ وإعلاميآ والصراع الحضاري القادم سيكون عن طريق الهواتف المحمولة فهي الان تعتبر جهاز تحكم عن بعد في يد كل مواطن في العالم، وهناك مايقارب 50 مليون مسلم في أمريكا ويعاملون بإحترام شديد ويصلون لمناصب عليا في الدولة، فالصراع ليس ديني بالتاكيد.

* لتبسيط المسألة.. هل ما يجري منذ عقود طويلة والى اليوم، هو صدام وصراع حضاري؟
- نعم ما يحدث هو صراع حضاري بالتاكيد وكل حضارة تطمح أن تكون الافضل والأقوى والأجدر والمتحكمة بخيوط كل شيء وهذا غريزة بشرية قومية لابد من إحترامها .

* بمقابل ما سبق، أين تتموضع كل المحاولات التي تتحدث عن حوار الحضارات..؟
- حوار الحضارات والأديان هو جيد ولكنه ضرب من الخيال لأن الصراع قائم وهو صراع مشروع اذا كان دون سلاح وقتل ، وصراع بناء وتعليم وهندسة وحتى صراع ديني، فالآن المسيحيين يحاولون جذب الناس لدينهم باعتباره ليس دينا للقتل مثل دين المسلمين ويستشهدون بالإرهابيين من المسلمين الذين هم أصلاً صنعوهم، وصناعتهم تعتبر غزوا حضاريا مشروع، رغم أنها تسببت بدماء لكنه يعتبر ضمن الصراع الديني المسيحي، ولذلك الصراع الديني لايزال قائم وبقوة وهو مختلف عن الصراع الحضاري، فالصراع الديني دائمآ متشدد وتشوبة الدماء.

* تركزين في مساهمة نقدية على التحرر الذاتي العربي والاسلامي للخروج من واقع التخلف والتردي وغياب المساهمة الفاعلة في الحضارة المعاصرة التي يقودها الغرب، كيف يمكن التوصل الى هذا التحرر في ظل بقاء كثير من المرجعيات الفكرية والثقافية والاجتماعية على حالها من التسيد والشيوع والتحكم؟
- لايمكن ذلك أبدا في ظل وجود قوى حاكمة رجعية متخلفة؛ فالوضع سيظل كما هو عند العرب والحضارة العربية لم ولن يصلح حالها إلا بصلاح الحكام. وصلاح الحكام أو فسادهم هو بيد الغرب، وهذا أيضا نوع من صراع الحضارات...

* كيف نفهم ذلك؟
- سأقول لك. الحضارات العربية تاريخياً كانت الأقوى خلال الألفين سنة الماضية، وحتى اندثار آخر ممالك المسلمين العثمانية، وكانت حضارات بارزة ومسيطرة حتى على أوروبا نفسها ولا ينسى أحد وصول القائد العربي اليمني "السمح الخولاني" أطراف باريس، وهذا بالنسبة للغرب شيء مروع وجلل ولا يمكن أن يسمحوا لهذا الأمر بالعودة ولو بذلوا دماءهم فالحالة هي حالة دفاع حضاري وتميز حضاري، وحكام العرب يساهمون في حالة الضعف الحاصلة عند الدول والأمم العربية.

* في واحدة من تناولاتك النقدية، حول العلمانية والإسلام، خلصت الى القول بأن أمة العرب والإسلام هي الآن خارج التاريخ، واذا كان بالمعلوم الأسباب المؤدية الى ذلك.. فما هي برأيك استحقاقات العودة الى قلب التاريخ؟
- سأكون صادقة معك كي لا يشتمني التاريخ، هناك شيئان يجب على العرب أن يفعلوهما كي يعودوا لقلب التاريخ من جديد وقلب الطاولة على الجميع، وهما :

1- تغيير نظام الحكم الى إتحادي فدرالي والتوحيد الفدرالي لكل الدول العربية تحت يافطة " الولايات المتحدة العربية" إسوة بأمريكا ، وتغيير حُكام الخليج الفاسدين الذين يستفيدون من النفط لبناء امبراطوريات مالية في امريكا و أوروبا تنفع الغرب أكثر مما تنفع العرب، والاستفادة من أموال النفط لبناء بنية تحتية للدولة الفدرالية العربية.

2- الإهتمام بالتعليم والصحة عبر آليات حديثة والاستعانة بأي حضارة أخرى للنهوض بالتعليم والصحة وبدونها لاوجود للحضارة العربية.

* إسمحي لي هنا الإحالة إلى "نظرية المؤامرة".. تعلمين أنه لطالما استحكمت ولاتزال على العقل العربي ولطالما أرجع إليها انتكاسات واقعه وإخفاقات حياته، هل تتفقين مع هذا ؟
- نظرية المؤامرة موجودة وواقعية ولكنها ليست كما يظنها العرب، نظرية المؤامرة تشمل الصين وروسيا وشرق اسيا وجنوب افريقيا واستراليا، ايضآ هي شاملة لكل الحضارات المنافسة للحضارة الأمريكية والاوربية وهذا شيء طبيعي ضمن التنافس الحضاري.

* تترأسين الشعبة القانونية لمحكمة الجرائم السياسية، في محكمة لاهاي الدولية، هل يجوز لنا ان نسألك عن تقديرك لوقائع الحروب وشواهدها في اليمن وسوريا وليبيا، وهل من دور للمحكمة في هذا الاتجاه؟
- كل الجرائم أثناء النزاعات والحروب ليست من اختصاصنا، نحن في شعبتي نحقق في جرائم سياسية في اوقات السلم، مثل حادثة لوكربي وحادثة اغتيال الحريري، وحادثة تصفية خاشقجي، وحادثة اغتيال الرؤساء، أو اغتيال الناشطين او القادة السياسيين او القادة المدنيين في كل العالم.

* ختاما.. لابد أن هناك فكرة أو مسألة تتمنين لو يتاح لك طرحها في هذا الحيز من اللقاء؟
- أود أن أشكر لك إهتمامك بالعرب واليمنيين خاصة الممسكين بوظائف دولية، وأشكر لك كثيرا هذا اللقاء ، وبالتوفيق إن شاء الله.



upload_2019-2-23_22-32-4.jpeg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى