دفورا آمير - أربع قصائد

1- تحت الشـــمــس

حين كتب أودن عن ايكاروس
كان قد حدّق في لوحة بروغل المؤطّرة
وسط ضباب المتحف..
ولم ينبّه طلاّبه الى اتجاه الضياء البرّاق
كما لم يفتح منخريه ليتنسّم رائحة المريميّة
ولم يتعرّى من لمسة الشعاع ..
التي تمنح النشوة ..تلك التي تذوب وتهرق
مثل الشمع..
والساعة ..الصبي وهو يهوي من السماء
حيث كنت هناك ..في كريت ورأيته بنفسي
لكني مثل فلاحة تابعت الحرث
ومثل زورق رهيف يشق طريقه
ومثل زيت الزيتون ارتجّ
واندفع مثل جدول
او مثل صقر لاأحس وجع القلب
ولااتنصّت على نبضه المؤلم
وكنت دائما اقول:
الأنسان لايستطيع ـ وأعني
لايفهم ..ـ مالذي حدث تحت الشمس.

***

2- كم مخرج يحتاج المرء

كم من النوافذ يحتاج المرء
ليكتشف ذاته..ولكن لاحاجة..
لاحاجة لكي يكون.. مثل كابتن (نيمو)
وقد اسرته الخطوط على الأرضية الخشبية الملونة
هاهو مأسور في عالمه:
وسط آلات الملاحة وهو يرتعش
يتمايل في وقفته القلقه
ملتصقا بالزجاج وكأنه يقول دع العالم
يمر عبر كوّة السفينة ليقدم نفسه اليّ
كان يحمي عينيه بنظّارتيه
..لكي لاتنهمر دموعه من شدة الضوء
انه بحاجة الى اكثر من مخرج لأنقاذ حياته
..شقّ ضــئيل..
او باب ضيّق شطر بالموج والذهول
مثل يونس في بطن الحوت
في تلك الظلمة الحالكة..
حيث رآى بريق اللّؤلّؤ..
وهو يحاول ان يخرج نفسه
مثل رجل عجوز من ثقب المفتاح !!
وحين رآى الماء يتدفق
عرف ان الحوت مثل مخلوقات البحر الأخرى
تعيش في الشــــرك..ذاته!!
عندها سمع شفاهه تردد : انني حي!!

***

3- بعد السقوط 1956

خطوط الشريط اللاصق على زجاج النافذة
تتقاطع مثل رقعة الداما ..مع اغصان شجرة المر
شجرة المارغوسا..
ومثل حزم الألعاب الناريّة..خيوط رفيعة
تتفجر خارجا من خلل الأغصان
ثم تسقط في نهايات توهجها..
فاكهــة ..ذخيرة ..لحروب الأطفال!!
وبعد ذلك السقوط المتوهج
جاءت أمي بوعاء الماء الساخن
لتنظف زجاج النوافذ..وتنزع خطوط اللاصق
عبر عينيها ..لترى نباتها المتسلق ملقى على السياج
كـأنّـه يَضمّـد جراح رجل..ميّت
يحاول ان يمنحه الحياة.
وكانت تردد هامسة:
لقــــد انـتهــت الحــــرب !!

***

4 - درس الجغرافيــا

مألّذي يخلق الشعر..كنت تتساءل
ثم تقول انك تحب رجل الفحم
في ذلك الفيلم الباسيكي وهو يجمع عيدان الفحم !!
قلت : نحن نحكي عن ..فعل ..
إدامة الحيــاة
وكــأنه لحظة الأمساك بسخونة الأنهيار
وكما كتب لاركن :
خلق كل ذلك ..انها الرغبة للبقاء وحيدا..
هذه الأرض المرتجّة وهي تستريح
..وعند رقبتي السكين ..الخنجر ..الرمح
وهي تلوّث حياتنا منذ ان فكروا في ابتكارها
اننا ندرج مثل اولئك الذين فقدوا عقولهم
نمـلأ صدورنا بأيقاع متفجّر
في المناسبات المجنونة
القصائد كما وعدتك يوما ..
لم تجرب على الوحوش..
فكل شيء قد تم بعناية ودقّة
وهي تخلّـق ب..أن..سا..نية
ثم نتحدّث بعد ذلك ..عن المخلوقات الأنسانية !!
..رأس أمرأة فلسطينيّة ملفوف بالشاش الأبيض
مرمي وسط الطبق مثل رأس يوحنا المعمدان
حيــن قدّم لســالومي..
وفي أرض الأنتقام يقطر الحليب والدم معا..
قصائد مثل أشياء قلقة:
الأحجار..الحافات..البيوت..والأسيجــة.




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دفورا آمير من جيل 1948 حيث ولدت وهي من ابوين بولونيين مها جرين كانا عضوين في الجماعات الصهيونية الأولى

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى