محمد فجار - " القديدة ".. قصة قصيرة

فتحت " فاتن " حقيبتها الجلدية التي كانت تحملها معها إلى حفل " القديدة " التي دعيت إليه من طرف صاحبتها " عوالم " .. تناولت المرآة التي كانت بداخلها . وأخذت تنظر إلى وجهها من خلالها . بدت لها خدودها مثل الجلنار وجبينها ناعم خال من التجاعيد والأسارير مثل النهار وتسريحتها الشعرية فاتنة مثل شعر غجرية وشفتاها محمرتان كفص فراولة مقسم إلى نصفين .. رفعت رأسها عندما استمعت إلى " الشيخة " تغني : " شدي في الجزار .. راه فيه ما يدار " .. عرفت أنها تعنيها .. نظرت إلى رفيقتها " إحسان " التي كانت تجلس بجانبها . دار بينهما حديث هامس غير مسموع . على أثره تناولت ورقة مالية من فئة مائة درهم وعلقتها بحزام " الشيخة " .. استمرت الشيخة في الغناء . قالت بصوت جهوري وهي تدير بصرها ناحية فتاة كانت تجلس بالجهة الأخرى المقابلة للجهة التي كانت تجلس بها " فاتن " : " وعلى عيونك آ زينب .. نشرب ماء العينب " . فهمت تلك الفتاة أنها تقصدها . قامت وناولت الشيخة ورقة مالية خضراء من فئة " مائة دولار" ثم رجعت إلى مقعدها وهي تسير بتؤدة ورفق و تجر وراءها الطرف الزائد من فستانها المصنوع من الحرير الصيني . اثار ذلك فضول " فاتن " نادت على صاحبتها " عوالم" وسألتها : " آ أختي " عوالم" من تكون هذه الفتاة التي " غرمت " على الشيخة بالدولار ؟ " تلفتت " عوالم" إلى اليمين ثم إلى الشمال . ثم اقتربت من أذن " فاتن " قائلة لها : " ألم تتذكريها ., إنها " زينب " التي كان والداها يسكنان بزاوية هذا الزقاق .. " بدا على فاتن بعض الاندهاش .. سكتت برهة ثم قالت : " يا سلام .. لقد تبدلت علي كثيرا .. أين هي الآن " ردت عليها " عوالم" : " تزوجت منذ ثلاثة أشهر أو أربعة من خليجي .. وهي الآن تسكن معه في بلاده .. ويقال أنها هنالك تلزم بيتها لا تبرحه. و في مقابل ذلك يغدق عليها بكافة أنواع الهدايا ، و " يتهلى " فيها وفي أهلها بالأموال والعطايا والكادوهات . ويحكون عن زوجها أنه يغار عليها غيرة شديدة و لا يسمح لأي أحد ، حتى من أقربائه برؤيتها ، حتى أنهم يتنذرون عليه هنالك بقولهم عنه : " إنه أحاط زوجته المغربية بما يشبه سور الصين العظيم " . تعجبت " فاتن " من ذلك . وتوجهت إلى " عوالم " بهذا السؤال : " وماذا يكون يا ترى السر في هذا " العز والقبول " يا " عوالم " .. ابتسمت " عوالم " بخبث وردت عليها على الفور : " إنها البكارة الصينية يا أختي " فاتن "


ذ : محمد فجار
الجديدة يوم : 18/11/2010

]

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى