أحمد بلحاج آية وارهام - الفرق بين بلاغة الجاهليين وبلاغة الإسلاميين

ما الأعلى بلاغة : كلام العرب الإسلاميين أم كلام العرب الجاهليين؟
كثيرا ما استوقفني هذا الكلام لابن خلدون الخارج عن سرب النقاد الذين ذهبوا إلى أن الشعر في الإسلام قد ضمرت شعريته، فهو يصرح بعكس ذلك حين يقول: (( إن كلام الإسلاميين من العرب أعلى طبقة في البلاغة من كلام الجاهلية في منثورهم ومنظومهم، فإنا نجد شعر حسان بن ثابت وعمر بن أبي ربيعة والحُطيئة وجرير والفرزدق ونُصَيْب وغَيْلان ذي الرُّمَّة والأحوص وبشار،ثم كلام السلف من العرب في الدولة الأموية وصدر الدولة العباسية في تَرَسُّلِهم وخطبهم ومحاورتهم أرفع طبقة في البلاغة من شعر النابغة وعنترة وابن كلثوم وزهير وعلقمة بن عَبَدة وطرفة بن العبد، ومن كلام الجاهلية في منثورهم ومحاورتهم. والطبع السليم والذوق الصحيح شاهدان بذلك للناقد البصير بالبلاغة.
والسبب في ذلك أن هؤلاء الذين أدركوا الإسلام سمعوا الطبقة العالية من الكلام في القرآن الكريم والحديث الشريف اللذين عجز البشر عن الإتيان بمثلهما ،لكونها ولجت في قلوبهم، ونشأت على أساليبها نفوسهم، فنهضت طباعهم، وارتقت ملكاتهم في البلاغة على ملكات من قبلهم من أهل الجاهلية ممن لم يسمع هذه الطبقة ، ولا نشأ عليها، فكان كلامهم في نظمهم ونثرهم أحسنَ ديباجة، وأصفى رونَقًا،وأرصفَ مبنًى، وأعدلَ تثقيفًا، بما استفادوه من الكلام العالي الطبقة.))

تعليقات

أعلى