وساط جيلالي - سَمَر.. قصة قصيرة

اسماعيل في الأربعين ويشتغل صبّاغاً، يعمل أحيانا ويبقى عاطلا أحيانا أخرى، يعيش مع أمّه في بيت صغير.

لكن رغم أنه في الأربعين، فإّن روحه روح طفل، وجهه الأمرد مبتسم ٌدائما، وعيناهُ ملتمعتان، وبذلة ُ العملِ الزقاء الملطّخة بمختلف الألوان تُضْفي عليه طابع بهلوان.

وفي كل مرة تتَفَتّقُ قريحته عن هواية غريبة، كان آخرها: إطْعامُ النّمل.

بعد أن يعود من عمله كل عصر، ويغتسل ويُبَدِّل ثيابه، يشتري كيلو من سميد القمح، ويذهب إلى الخلاء الموجود وراء الحي، ويطوف على غيران النمل، وبملعقة صغيرة، يضع أمام كل غار، شيئا من السّميد.

وفي الليل، يجتمع فتيان الحي حول اسماعيل تحت الفانوس بجانب السقاية، ويبدأ السّمر.
ـ قل لنا اسماعيل، كم يوجد من غار نمل بذلك الخلاء ؟
ـ 95 غاراً.
ـ هل أصبحوا يعرفونك ؟
ـ بالطبع، ما إن أقترب من أحد الغيران، حتى تخرج تلك المخلوقت الصغيرة، ويقفن على أرجلهن الخلفية ويبدأن في التصفيق، بل ويرددن أحيانا اِسمي بأصوات خافتة.

ويضج الجميع بالضحك، ويشاركهم إسماعيل ضحكهم بضحكته العجيبة التي تبتدئ فلا تكاد تنتهي.
ويعم الصّمت، وينتظر الجميع ما الجديد الذي سيجود به خيال اسماعيل.
ـ ستأتي فتاة فرنسية تعمل بإحدى القنوات التلفزية العالمية، لتصوير ما أقوم به.

ورغم أنه من المفروض أنه لم يرها بعد، إلا أنه يبدأ في وصف جمالها السّاحر، ويُقِّلدها حين ستحيّيه بصوتها الرقيق:

ـ بونجور اسماعيل، كومون سا فا ؟
ويضجون بالضحك مرة أخرى.
ـ لا بُدّ أنها ستقع في حبك.
ـ بالتأكيد، يرُدّ اسماعيل.

ويبدأ كل واحد في طرح فكرته عن مراسم الاستقبال التي سيعِدُّونها للنجمة الجميلة.

ويستمرون هكذا، يرسمون تفاصيل حكاية هذا الحُبّ الخيالي، الذي سيقلب حياة اسماعيل رأسا على عَقب، إلى أن يتقدّم الليل .

وحين يتفرق الجميع، يكون هو آخر من يعود، وفي الطريق، وبين الفينة والأخرى، كان يضحك ضحكته العجيبة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى