عبد اللطيف اللعبي - افتراضات.. شعر - ترجمة: عبد الهادي السعيد

لنفترض
ولادةً بلاَ مخاض
تاريخاً بصفحتِهِ العذراء
الهواءَ وقد جُدّدَ تماماً
المحيطاتِ وقد طُهّرت من أعماقها
ماءَ النبعِ لِوحدهِ يُزوّدنا بالقوتِ والمعرفة
النارَحُرِثَت لِتَهَبَنا النبيذَوإكسيرَ الطفولة
الريحَ الطيّبَة تأتي من البَعيد بالنغَمِ العارفِ
المُشرفِ على الخَلق حيواناتٍ طليقةً
مجبولةً على الجمال ترعَى الأنواعَ النادرة
***
لنفترض
مسكنا جديداً للّغة والفكر
***
وَلْنفترض
ما يبتغيه كلُّ امرئٍ في قرارةِ نفسه :
حياةً بديل، يختارُ فيها أبويه بحرّية
يختارُ اسمَه ولَقبَه نبرةَ صوتِه
لغتَه أو لغاتِه الحَميمة
دينَه إنْ لزمَ الأمر عشقَه
الأَوحدَ أَو المتعدّد
لونَ أفكارهِ
معاركَهُ المدروسةَ برَوِية
مسكنَه بشجرتِه الوصية
تَيْهَه ودروبَ حَجِّه
الكتبَ المنذورةَ له وحده
الموسيقى واللوحاتِ التي تُضاهي
مواهبَه الخاصة
ولم لا...
بضعَ أسرارٍ لا تسيء إلى أحد
مثل صنوٍ حميم يأتمِنُه على أسرارِه
دون أن يخشى الفَضْح أو الخيانة
بعضَ التفاهاتِ للتميز عن العامّة مثل الضحك
لما لا يَبعَثُ على ذلك ظاهرياً
أو البكاءِ وقت الاحتفال
***
لنفترض
حياةً نخلقها بحرية
من الألف للياء
***
لنفترضِ المرأةَ والرجل وقد شُفِيا
من الخوفِ والخضوع
متحرّرَيْن من التملك
ليسَ لهما شيءٌ للبيعِ ولا للشراء
عاشقَيْنِ على الدّوام
وفانيين على الدوام
***
لنفترض حياةً بلا قاعاتِ انتظار
لا حسرةَ بعدها ولا ندم
حكايةً تُتَنَاقَلُ منذ البدايات
وكلٌّ يؤثثها... يُؤَوّلُها على شَاكِلته
***
لنفترض
حلَقةً مُحدَثة من سِفْر التكوين
تظهر فيها ما بين السماء والأرض
قارةٌ جديدة يُدرِك فيها أخيراً
مَنْ هُمْ أوفرُ حظا منا
الفصلَ المُفتقد
هناك... مطمئنةً على حالها ستكون اليوتوبيا
ما بين الحلم والواقع
ستكون آمادٌ معقولة وبالتأكيد ستكون جسورٌ
لن يكونَ العيشُ أمراً نافلا
سوف ينامُ المرءُ
بعينِه التي خارجَ القلبِ فقط
ولن يقتاتَ إلا على الخيال
نقيا أو غيرَ نقي دون مقبّلاتٍ أو أطباقَ مُصاحِبة
سنَحلمُ كالمعتاد لكنْ بآفاقَ أرحب...
كأن نسكُنَ الكونَ كُلَّه دون حاجةٍ للتنقل
أو نتفاوضَ بشأن معاهدةِ سلام عادلٍ
مع عناصرِ الطبيعةِ المُهْتاجة
أو نضيفَ مبدأ المحبّة إلى ديباجةِ الدستور العالمي
عندها سنُلغي الكمَّ الكافيَ من العذاباتِ غيرِ المعقولة
لنُبقِيَ فقط على تلك التي تغذي اليقظةَ السؤالَ
والسعيَ وراء أنوارٍ محتملةٍ وغيرِ محتملة
سوف نشملُ بالعناية كفَلذَةِ الكبد كلَّ قطرةِ ماء
كلَّ حبةِ رمل وكلّ جُزَيْءٍ في الهواء
وأقربَ إلينا كلَّ ما هو هشّ مُتلعثم زائل
وما تَرسّبَ في باطنِ الرّوح
من شعورٍ بالوحدة أو الخوف
الموتُ الموجع
والمُذِل سيترك مكانَه لفناءٍ هادئ نقي
يتفهم الجميعُ أسبابَه
ويُحيّي الجميعُ أناقته
لنفترض ما لا يُدرك
وقد صار في المتناول الغريزةَ الجبارة
مَلَكَةَ العبقرية تجعلانِنا نَمُدُّ اليدَ
ليس كي ندَاعبه كما في حُلُمٍ
بل لنُحكمَ حولهُ القبضة
لنفترض
هَذِي المغامرةَ الخارقةَ مِن جديدٍ
عَالياً تنطلق

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى