جيلالي وساط - عصا موسى.. قصة قصيرة

كان عبد العزيز، وكنا نسميه تحببا “تَعِيزَّا”، مِلْحَ جماعتنا، ومُنقذنا من الملل، وصانع فرجتنا.

وحين أتذكر اليوم، بعد كل هذه السنين الطويلة، كثيرا من الوقائع العجيبة، أجد أن تَعيزّا كان في الغالب هو مُبدِعها، وبطلها، وضحيتها !

أذكر، من بين كثير مما أذكر، أننا قرأنا في حصة القرآن الكريم قصة سيدنا موسى وعصاه، وفي اليوم التالي، وكان عصر يوم أحد، كنا نجلس بجانب حانوت سي ابراهيم، لا نجد ما نفعله، حين أطل علينا عبد العزيز وهو يحمل عصا طويلة وكيسا بلاستيكيا، فصحنا كالمعتاد:

ـ تَعيزّا ! تَعيزّا ! تَعيزّا !

جلس بجانبنا وأخرج موسى صغيرة، بدأ في تقشير العصا من قشورها حتى أصبحت ملساء، ثم أخرج قلما وبدأ يكتب عليها ونحن نتابع بلهفة ما ستسفر عليه تلك التخطيطات، حتى برزت أمامنا جلية واضحة: عصا موسى.

ولبس فوقية بيضاء قديمة ووضع عصابة على رأسه، وبدأ يمشي وهو يتكئ على عصاه ونحن نتبعه، وبين الفينة والأخرى كان يلقيها فنمثل أننا نخاف أن تتحول إلى حية فنفر ونحن نصيح .

ثم أصبحنا نقوم بهذا في المدرسة أثناء الاستراحة، وبلغ الأمر معلمنا للغة العربية، وكان شديدا غليظ الطبع.

ـ يا ابن الكلب، حتى الأنبياء لم يسلموا منك !

وكنا حزينين، ونحن نسمع عصا موسى وهي تتكسر على ظهر " تَعيزّا"..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى