الشاوي بشرائيل - إمراة من حرير.. قصة قصيرة

تمشي مختالة في حركاتها بثوبها الأبيض وكأنها امراة من ثلج. نعم من يرمقها من بعيد يخالها تمثالا رومانيا متقن الصنع . بخطى هادئة تدنو تارة و تبتعد تارة اخرى من امواج البحر الهادئة و كأنها محتارة ، كأنها تريد الالتحام بأمواج البحر و الاختفاء بين جزيئاته و تفاصيله . او كأنها قررت الذهاب لأعماق البحر كي تبحث عن لآلئ تكمل بها زينتها . تتبعتها خلسة لكي لا اكدر صفو وحدتها ولكي تتصرف و كأنها المراة الوحيدة في هذا الكون.
فرأيتها تفتح ذراعيها العاجيتين و تعانق السماء و تمسح بكفيها على وجهها و كأنها تجمع ذرات الأشعة و تخزنها بمحياها و كأنها تستعد لصلاة خاشعة.
اغترفت ما اغترفت من هاته اللحظات البهية، احترت و اخيرا قررت بعد ساعات طويلة ان امتلك أحاسيس هاته المراة الحريرية او على الاقل ان تكون معلمتي و صديقة مشواري في هاته الحياة الرتيبة. فهي تعرف كيف توقف الزمن كي تقترب من السماء من تراب الارض، تعرف كيف تعانق الرياح و كيف و متى تقترب او تبتعد من همسات الامواج و الصعاب.
هل اقترب منها ام ان الاقتراب سيخفي هذا الصفاء و يبعثره؟ هل سأكون أنانيا اذا اردت هاته السعادة المشعة لي.. نعم لوحدي؟
بينما انا محتار في افكاري و قراراتي ، سمعت صوت طفلة تصرخ ماما ماما، و اذا بالمرأة الحريرية تدير رأسها و كانه كوكب مشع تشبع بهدوء الكون و جماله و اذا بابتسامة على محاياها غيرت فضاء البحر الشاسع من حولها و ملأته بنور ساطع حيث اختفت الطفلة بين احضانه.
انهارت أحلامي وصرت حائرا، لكني لن اعرف العيش من دونها، دون امتلاك كل تلك الأحاسيس التي عشتها لوهلة و التي غمرتني بالسعادة و الصفاء كلما استرقت او اطلت النظر اليها. اقتربت من موظف المتحف و قلت له اريد لوحة " المراة الحريرية". أراد ان يخبرني بثمنها فأخرجت بطاقتي البنكية دونما الانتباه لثمنها. فكيف لملهمتي ان يكون لها ثمن؟

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى