شهادات خاصة جعفر الديري - مبدعون بحرينيون: تحديات تواجه خروج النص الروائي من عباءة الكتاب إلى الشاشة

خروج النص الروائي من عباءة الكتاب سواء كان ورقياً أو إلكترونياً، إلى فضاء الشاشة، أمر تكرر كثيراً في الشاشة العالمية والعربية، حتى أن السينما والدراما نفسها ساهمت كثيراً في الترويج لأعمال إبداعية، وتسببت ببيع نسخ منها تربو على الملايين. لكن الأمر يختلف إذا تحدثنا عن الإنتاج الدرامي في البحرين، فلايزال هذا الإنتاج تعيقه كثير من التحديات، منها غياب الدعم الرسمي والأهلي، فلا يوجد حتى الآن من يتبنى هذا الإنتاج، سوى مؤسسات وشركات، تنتج أعمالاً معدودة ثم تتوقف، لأسباب عدة، ليظل كاتب السيناريو والمخرج وطاقم العمل بانتظار من يتبنى إنتاجهم. وإذا كان الحال كذلك، فهل يحظى عمل إبداعي بحريني كالرواية والقصة والمسرحية، بفرصة لتحويله لعمل درامي وسينمائي؟ هذا السؤال وجهناه لعينة من المبدعين البحرينيين، الذين أكدوا أن المؤسسات الإنتاجية الخاصة لا تتابع مجريات الساحة الثقافية، وإن أغلبها ينتج عملاً أو عملين ثم تختفي، وحتى لو رغبت في العمل فإنها ترغب بالنص الجاهز، وليس بالعمل الأدبي الذي يمكن تحويله لسيناريو، ما يؤكد تميز المبدع البحريني من خارج الحدود بعد أن يفرض نفسه، لذلك نجد قلة من الكتاب يكتبون في البحرين، رغم أن الكاتب البحريني قدم كثيراً من المواضيع الاجتماعية...

توافر المقومات

يرى الروائي أحمد المؤذن أن فكرة تحويل عمل أدبي لعمل فني وارد، خصوصاً عندما يمتلك العمل كامل المقومات التي تؤهله للحرفية، مشيراً إلى أن في مسيرته تحولت بعض أعماله لمسرحيات مثل قصة “بائع الأحلام” تحولت لعمل مسرحي هو “المطحون” قام بمسرحتها الكاتب حسن أبوحسن، وكذلك قصة “رجل للبيع” التي تحولت لنص مسرحي من قبل حسن مرهون، عرضت في مهرجان الريف المسرحي السابع، وقبل صدور روايته (وقت للخراب الأخير) خاطبه كاتب أردني بشأن تحويل الرواية إلى نص تلفزيوني، لكن اعترضته عقبة في وقتها، كونه وقع عقداً مع دار نينوى للشراكة في التمويل مناصفة، فبالتالي لم يملك كامل حقوقه في الرواية بحسب مدة العقد، إلا بعد الرجوع للناشر، وهذه الأعمال الأدبية تمتلك كثيراً من المقومات الفنية التي تؤهلها للتحول لفيلم أو مسلسل، بحسب انطباعات الكتاب، الذين قرؤوا هذه الأعمال وشهدوا لها بالإبداعية.
ويقول المؤذن: إن العمل الإبداعي عندما يحقق نسبة من النجاح ويفرض نفسه؛ يحصل على هذه الدرجة من الثقة، وتعتبر نقلة نوعية للكاتب، لكن هناك محدودية في الإنتاج الدرامي نرجعها لأسبابها، ففيما مضى كان المخرج هو المنتج والمنفذ لكثير من المسلسلات والأعمال الفنية، وكانت تمنح حيزاً، لكن ليس بالدرجة الكافية لإبراز الكاتب، بل تبرز جانباً من أعماله، وتكرس لأسماء معدودة، بعد ذلك ظهر هذا الإنتاج بصورته الرسمية، ثم بدأ يقل حتى توقف، لتتم هذه الأعمال ضمن صفقات المؤسسات الإنتاجية الخاصة، وهي للأسف لا تتابع مجريات الساحة الثقافية، لكي تعطي الكاتب البحريني تقديره الذي يستحقه. فالمبدع البحريني اليوم لا يتميز؛ إلا من خارج الحدود، بعد أن يفرض نفسه، ويعرف على مستوى الساحتين الخليجية والعربية، ثم يعترف بقدرته الأدبية.

قلة هي من تكتب

من جهته يؤكد الروائي والسيناريست حمد الشهابي أن فكرة تحويل رواية أو عمل أدبي إلى سيناريو، أمر بيد جهات الإنتاج نفسها؛ فهي التي تكلف كاتباً بالكتابة، مشيراً إلى وجود قلة في البحرين هي من تكتب، لكن هناك كتاب بحرينيون يكتبون لخارج البحرين، نظراً لمحدودية الإنتاج في البحرين، على عكس دول أخرى كالكويت. ويتابع: لقد قدم الكاتب البحريني الكثير من المواضيع الاجتماعية، وقد عملت مؤخراً على تحويل رواية لفوزية ذريع إلى سيناريو مسلسل من 30 حلقة، رغم أني اقترحت على المنتج بعد قراءتي الرواية كتابـــــــــة 60 حلقـــــــة منهـــــا. ويضيف الشهابي: أن ظروف الإنتاج في البحرين صعبة، فمتى كتبنا أين هي الشركة التي ستوظف هذه الأعمال؟! إن الفنانيين لا يمتلكون المال، والتجار لا يدخلون في مجال الإنتاج. وليست لدينا إدارة للإنتاج، نعم وجدت شركات لكنها اختفت، تقدم عملاً أو عملين ثم تختفي، وأتساءل بهذا الخصوص أين ممدوح صالح وأين الباقون، إنهم ينتقلون للعمل خارج البحرين.

طريق معروف للإبداع

من ناحيته يشير الفنان عبدالله ملك، إلى أن أغلب الأعمال التي ظهرت سواء في المسرح أو التلفزيون، ظهرت عن هذا الطريق، فهناك مثلاً أعمال كثيرة للروائي نجيب محفوط حولت إلى أعمال سينمائية، أما في البحرين فأجد أن شركات ومؤسسات الإنتاج إن وجدت ترغب بالنص الجاهز، حتى إنهم لا يرغبون بإرسال العمل عن طريق الإيميل بل يداً بيد، إلا إذا اقتنع المنتج بفكرة ما معروضة عليه أو يعرضها على كاتب، فالموجود حالياً مؤسسات إنتاج معدودة وصغيرة، وإنتاجها محدود، لكن أصحابها يمكن أن يقتنعوا بقصة ما، توافق معاييرهم، فهم لا يحبون التطرق إلى مواضيع بعينها، ويمكن لكل موهوب أن يطرق أبوابهم ويعرض ما لديه، ويبذل جهده، على أن يطلع على نصوص ناجحة سابقة، ومشاهدة أعمال ناجحة.
ويلفت ملك إلى أهمية المغامرة، على سبيل المثال، كتب الكاتب عقيل سوار مسرحيته (البراحة) دون سابق أعمال، وهي اليوم إحدى الأعمال التي يؤرخ لها في المسرح البحريني. رغم أن عقيل طول عمره صحافي، وفي السبعينات شاهد إحدى المسرحيات، فأكد أنه يستطيع كتابة مسرحية أفضل منها، فكتب مسرحية (البراحة) التي تعتبر اليوم عملاً سياسياً اجتماعياً هادفاً ولا يوجد أحد لا يتذكر هذه المسرحية. ويؤكد ملك أن الكتاب البحرينيين أثبوا وجودهم، لكنهم قلة، وحسب ما يرى فإن عيسى الحمر، الوحيد الذي تقدم له أعمال في الإمارات والكويت، إلى جانب حمد الشهابي وهو كاتب غزير الإنتاج وله أعمال كثيرة في الكويت وغيرها، أيضاً محمد القفاص وأحمد الفردان لهم دورهم، ويعتبر راشد الجودر هو المؤلف الأول.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى