حسن مطلك - من رسائل حسن مطلك إلى ظل القمر على الأرض !

جاءت تلك المعجزة ، فدخل الجمال كله إلى الغرفة.
وكتبتُ : (( إلى جيش من نساء..اعنيك أنت ..إيتها النصل في القلب . اعترف أنني عرفت نساء كثيرات ، لم تعطني واحده منهن طعم الإحساس بالخسارة مثلما فعلتِ . ولم تعطني واحدة طعم الربح مثلما فعلتِ.
الخسارة : لأنني ضعت وتخبطت قبل أن اجدكِ.
والربح : لأنني وجدت كنز حياتي الضائع .
أعترف : لقد اهتززت اهتزازاً عنيفاً . كيف أصف ، أنا الذي اسرجتُ اللغة وركبتها ..كيف أصف هذا الاهتزاز ؟!.
لقد كنت ارتجف لحظة اللقاء . وارتجف الآن حين اكتب لك وعنك . إنني ، أنا الرجل ابكي الآن ، وكنت اسمي نفسي بخيل الدموع .
أنا الذي عايشت صدمات الناس ، وفكرتُ بأهوال قيامتهم ، حضرتُ مراسم دفن الأعزاء ، ولحظات الفرح ذات المذاق الفلفليّ..
كنت اعتقد انني ميّت المشاعر ،وصار هذا الاعتقاد نظرية لم يدحضها احد سوى (هاشمية)..الآن..هل أسميكِ حبيبتي؟. هل أقول بأنني أحبكِ ؟.. يالها من كلمة باردة وقديمة ومستهلكة!. كلا . لا أعرف
كيف اصف..أنني أؤمن بكِ إيماناً ..وانتِ تغطيني بمشاعر فوق الاحتمال .
أقول : عندما تمدين لي يد الوداع .. سأبكي هذه المرة أكثر من جميع أطفال العالم . جسدك يحي الجواهر ، ايتها الملكة .. افتحي أبوب العيد . أنتِ المكبلة بشعبكِ، تمسحين هامة الخائف فيصير قدوة للأحرار .
إنني اتسائل : كيف اقتربنا بهذه السرعة؟!. كيف ألقينا سيوف الزيف الاجتماعي وقدنا السلام ؟!. كيف التصقنا ببعض تلاصق الأعزاء الغائبين ؟!..
وكيف أصابني الاغماء بعد رحيلكِ عني ؟!..
تحسست نفسي وقلت : لابد أنني أحلم .
أحسست بالخسارة لأنني لم أتعرف عليكِ منذ زمان فتكونين زوجتي . لن اخدعكِ أبداً . لن اكذب عليكِ بعد اليوم . ستكونين الماء بلنسبة لي ، في صحراء العالم ..ستكونين محرَّك الإبداع والأدب .
سأكون الأفضل لأنك حبيبتي . سأحارب كل الناس لأجلك . سأكون جميلاً ومهذباً لأنك حبيبتي . إنكِ تمنحينني فكرة معنى الحياة كما يمنح الثقب للعصفور فكرة بناء العش .
لقد أحببتك بلا حدود .. أقسم بالأدب الذي أكتبه،
والذي لا اقسم به كذباً، لأنني استهلكت حياتي فيه . لأنني لم اعرف في يوم من الأيام مشاعر الأنانية والخديعة .. ولم اكتب لأ احد الا عندما أكون في قلب الألم وفيضان المشاعر .. لأنني لا اكذب في الكتابة أبداً مثلما اكذب قد اكذب في الكلام أحياناً .
لم أنم أبداً لحظة واحدة . لم أهدأ.. لقد تركَ عطركِ في الغرفة اثر السحابة بعد الجفاف .
اعترف أنني أتحوّل إلى مجنون عندما أحب ،لأنني لا اعرف حالة الوسط والتردد.. ولأن المسألة خارجة عن طوع يديّ ، ولأنها خارجة عن قدرة عقلي في التحكم بها .. لقد جننت بكِ يا مركز القلب ..
وهذه شهادتي.

الجمعة ٣٠ كانون الثاني ١٩٨٧م
الســاعة ٧ صـبـاحــاً

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى