محمد آدم - ما قاله السيد للسيدة.. شعر

فصل 1
،...
اندهش السيد من كلام السيدة ورنا إليها ببصرﹴ منجرد وهو واقف على حافة الليل يرقب تحولات النهار أليست القيامة أقرب إلى من امرأة أعرف تفاصيل جسدها وحنطة بطنها وعجين سرتها وهى ممسكة بزمام وقتى وأنا واقف على شجر التحولات وأقاليم الرؤيا؟ عندئذ...
انتبهت السيدة إلى كلام السيد وأخذت تقرأ بصوت رحبﹴ...

فصل 2
ما بين سرتى وجسمى روضة واسعة لا يعرف مداها أحد إلا بى فخل عنك وتخل عنى

فهل تعرف أيها السيد لماذا أتخفى عنك بالليل والنهار ولا أنكشف إلا لى؟ قمصانى هى الماء ولغتى هى الأرض

وما بين كل قميص وقميص مسيرة ألف عام من الموت والحياة فكيف تصل إلى أيها السيد وهى بعيدة لا يبلغها السائرون إلا نياماﹰ بعد ميتات كثيرة وحيوات غالبة.

فصل 3
ما بين لغتى والأرض
أكبر مما بين السماوات والأرض من تفاوت وكلامﹴ هو كلام البرازخ
ولكنك لا تعرف أى كلامﹴ هو لك وأى كلام هو لى فلا يفك رموزه إلا أصحاب الضحى والليل ولا يقترب من شفرته
إلا أولو العزم من الأخلاء والأصفياء ومن أذنت لهم من أصحاب الحاجات من العشق وطلاب الموت الحميم.

فصل 4
هذه سبيلى:
سهر بالليل ووجع بالنهار
إلى أن تقوم الأرض من قيامتها وما أنت بقادرﹴ على أن تؤدى لى ثمانى حجج فإن أتممت عشراﹰ فمن عندك وها أنت ذا باخع نفسك على أن ترانى فهل لك فى حاجة أخرى ورغبة دفينة أؤديها لك

فلن ترانى قبل هذا ومن بعد إلى أن تموت ويخيم على الأرض الظلام وتنشق الشمس والقمر وما أنت بصاحب لي.

فصل 5
فعلى أى شىء تترقب وصولى من سفرﹴ هو النصب وهذى هى العير قد أقبلت وما لك فيها من صاحبﹴ أو غلامﹴ فننظر إليه أو نسأله؟

ارجع إلى أهل بيتك كى يكفلوك فلا حول لك فى هذا ولا حول لى

فقط هى أحوالى ومقاماتى أتقلب فيها كيف أشاء ولك فيها من العذاب بقدر ما لى فيها من النعمة فبها وعليها أترقى درجى وأصعد منعطفاتى وبروجى إلى أن تبلغ منى الروح الحلقوم وأمضى إلى بلد قفرﹴ

فأنصب خيامى

وأعلن على الملأ نبأ استشهادى وأقيم صلواتى وأقدم أدعيتى وأذبح قرابينى إلى

أن تشقق الأرض ويتفجر منها الماء وأجمع الشمس والقمر حولى .

فصل 6
لكلامى شبهة المحبة ولجسمى غواية الشياطين

وها أنت ذاهب نفسك حسرات ما بين شبهة المحبة وغواية الشياطين

ولا تفتش فى الأرض إلا عن قيامة أخيرة لى.

فصل 7
هأنذا أنظر إليك فهل تتعقبنى أيها السيد:

اخرج من تابوت الجسد

وأزح غطاء جسمك عنك ولا تكن كصاحب الحوت وتوقف أمام كل امرأة فى فإن استقر الجسد مكانه وثبت الحال على الحال

وانعقدت أطراف الموت الحمراء بين تراقيك وترائبك فاخلع نعليك إذن واخرج من تعبك ونصبك إنا رادوك إلى أهلك فى أدنى الأرض كي تقر بهم عينا ويقروا بك عينا

ولتبدأ من جديد موتاﹰ متكررﹰا جديدﹰا وسهراﹰ تعباﹰ وأنت بأعيننا فلا تخضع ولا تبتئس وقف...

قف

إلى أن أخرج عليك بطوفان أسمائى وشاراتى وأتعقبك فى كل واد تقيم فيه

وعند كل جماعة تحل بها ضيف سفر وعابر سبيل إلى أن أتم نعمتى عليك وأهب لك لحظة واحدة لا تدخل في عدد السنين والحساب وهى هى ليست من الزمن فى شىء فلا هو موصول بها ولا هى موصولة به...!!

فصل 8
أليست هذه رغبتك أيها السيد إذن؟؟ هكذا ذهب السيد إلى حال سبيله ومضى...

لا يعرف فى أى بلد هو

وأخذ يقطع الليل فى النهار ويقطع النهار فى الليل وقال فى نفسه:

سأنتظر سفينة أخرى لتحملنى إلى امرأة بعينها

فلم كانت المرأة إذن علامة على السهر والحمى؟؟ وكلما مر على أهل قرية وأراد أن يضيفوه أبوا وراحوا يرجمونه بالحجارة

ويطردونه من بلد إلى بلد

ويطلقون خلفه الكلاب الضالة وقطط الظلام الهرمة النهمة فتنهش عظامه ولحمه

وهو يهشها فلا ﹸتهش وهى تتهارش من حوله وتزوم ويطردها

فتطارده إلى أن دمى الجسد وابتلت العروق بالوجع والظمأ.

فصل 9
ورأى:

أن ممياواته تسير من خلفه على حجارة الأرض جثثاﹰ جثثاﹰ وهى تصايح

فكيف يهرب من الوجع بالحمى ومن الحمى بالوجع والبحر ليس ببعيد عن هنا وهو نائم ويقظان ورأى:

رجالاﹰ كثيراﹰ يبكون ونساء يطوقنه بمناديل الفرحﹺ والوداعﹺ

أيها السيد: أين دار السيدة؟

أيتها السيدة: أين هى دار السيد فننزل إليها ونحتمى بها؟ انكشف ستر الجسد إذن

ولاذ كل من السيد والسيدة بالفرار إلى أرائك النوم الحمراء ومملكة الحلم الرحيم وبقيا حتى ساعة متأخرة

يتقلب كل منهما على فراشه فوق شراشف المحبة وعناقيد الرغبة المحتدمة.

فصل 10
وانطلق حديث دافيء يعلن عن بدء وصول السيدة إلي حافة النوم

فخلع السيد أعضاءه عضواﹰ عضواﹰ وانخرط فى بكاء مر وانخرطت السيدة فى لهوﹴ ولعبﹴ وزينة إلى أن انتبه السيد إلى الوقت فتشاغلت - عنه السيدة - بالحلمﹺ وهى تشير إلى جثث الذاكرة أن تدخل طقس الرؤيا وإلى الجسد أن يتخفى فى سراويل النعاس الفضفاضة هكذا امتلأت السماء بالسحب وأراقته ماء على الأرض

بقدرﹴ

وغلقت السيدة الأبواب وقالت:

هل تريد أن ترانى أيها السيد؟

فصل 11
أنا أقرب إليك منك وأنت أقرب إلى منى فما هو قولك

وعلام تقِّ لب علينا أهل بيت لنا وكل من يقابلك من صحبى ونداماى

وها هم أهل بيتك يضحكون ولا يبكون وهمو ينظرون ما أفيىء عليهم من محبة وما أجزل من عطايا ومواقيت آن للجسد أن يلتحف بعرائس النعا ﹺس الفضفاضة وللنعاس أن يلتحف بعرائش الجسد فيسلطنه...!!

فصل 12
لمرمر جسمك أبدأ تذكرتى بالسفر للمسافة مطوية فى قميصى

أنحلُّ بارجة من بخارﹴ قديم فأبحر صوب الشواطىء والذاكرة إنها لغة الحلم تشرق بى من أول الصبح حتى حدود الضحى وتقيم الكلام على حجر ناتىء وتصاوير من زبد فارغﹴ لتقيس المسافة بينى وبين ممالك جسمك بينى وبين ممالك جسمك أرض بعيدة وهذا دمى...

يتربص أو...

أصطفيه من النار والماء أجعله قبضة فى يمينك والأرض خاتم عرسﹴ أسويه بين يديك وأنسجه من رماد السماوات والأرض شعلة ضوء مبللة بالترائبﹺ والرغبات.

فصل 13
افتحى جسد الحلم

وامنحى الذاكرة بهاء التخيلات والرؤى وصلابة التلاشى وكونى إذا أخرج الليل أثقاله حلة ترتدينى وترتد بى كى أجوس خلال الديار

سأمنح صوتى بهاء الكمالات من جسد مورق وأراضين تغسل وجه النهار بأول حرف من اسمى وآخر حرف من اسمك اسمك: سيدة الأرض واسمك:

جوهرة السموات.

فصل 15
على بابك الملكى افترشت دمى ثم أولت ما يكتب الرمز وما لا تقدر عليه لغة الإشارة من معنى هو الحقيقة وحقيقة كأنها الحلم ولا شأن لى

خذى من جسدى وكلماتى ما يتعب فى تأويله علماء الكلام وأساطين الحرف وهمو غير قادرين عليه وأسأليهم... سيداﹰ

سيداﹰ ورهطاﹰ رهطاﹰ عن هذا الذي يقول ما يقول وبأى لغة يكتب ما يعرف وما لا يعرف

ولماذا يتقول علينا بما يعرف وما لا يعرف وما لا طاقة لنابه ولا قدرة لديه على احتماله ووصفه؟!

فصل 16
لن يجيبوك بشىء مما يعرفون ومما لا يعرفون وسيقولون:

ابعدوا هذه المرأة عنا

نحن نتصبب من تعبﹴ وعرق وهى تضاحك علينا فبيننا وبينها ثارات قديمةﹲ

ورحى حرب لا نخرج منها إلا منكسرين ومتسربلين ببقايا الدم وخرائب الجنازات

وهنالك قتلى وأسرى لا نحصى عددهم ولا هم يرغبون بيننا وبينها أرض شاسعة لا نقدر على عبور مهامها لا بالليل ولا بالنهار ولا هى نائمة ويقظانة

فخلع السيد أعضاءه عضواﹰ.. عضواﹰ وانخرط فى بكاء مرﹴ وانخرطت السيدة فى لهوﹴ ولعبﹴ وزينة

إلى أن انتبه السيد إلى الوقت فتشاغلت عنه السيدة بمراقبة عشاقها ولغة حوارييها.

أوليت نفسى غواية تأويل حرفين ك.... ن...

كنت ناراﹰ على قبة الوقت آويت جسمى لجسمى ادرعت بشمس الضحى عيونك منقوشة كالفراش على جبلٍ شاهق كيف أصعد نحوك أيتها المرأة الشاهقة كيف أخلع قفاز جسمى

وأعلن للماء أنى استويت على الأرض أغرس فيها جحيمى وأبحث عن جنتى

... ليس لى غير قيظ اسمها...

وخطاى خطى تتعثر فى شجر العرش والملكوت

وكيف أدثر نفسى بوقت هو الوصل لا تبعدى عن خطاى إذن نحن اقتربنا من الأرض

ها هى ذى تتلفع بالموت والرغبات الأثيمة هيا انثرينى على جنة عرضها السماوات والأرض كى أتبوأ فيها مكانى

وأشعل بعض خطاى من أنتﹶ؟ ومن أنت...؟؟

فصل 17
بيننا: تسكن البلاد وتزدهر صناعة الكيمياء القديمة وغناء الفلاسفة

ولا نعرف غير اللهو

واللعب وتفاخر المودات والنسب الكريم

ولا يكون لنا غير أصدقاء حميمين نتفرس فى وجوههم فنعرفهم بسيماهم ونتقرب إليهم بالليل والنهار فيتقربون إلينا بالمحبة والكلام الحسن وليس لهم من حديث سوى حديث الغناء والطرب فنشرب إلى أن تبتل العروق ويذهب الظمأ وننتقل من واد غير ذى زرع إلى واد غير ذى زرع ليله كنهاره

ومن أهل بيت إلي أهل بيت

فلا ندرك تكور الليل علي النهار وتكور النهار على الليل

وإنما هى حركة موصولة وحياة دائمة لا تكاد تبدأ حتى تنتهى ولا تنتهى حتى تبدأ وما بين الموت والحياة تحولات أخرى وأزمنة ضوئية لاتدركها الأبصار ونحن بها فرحون

هكذا تكون المحبةﹸ أيها السِيد وهكذا يكون رباط الوصل أيتها السيدة.

فصل 18
بيننا: تتوافد الذكرياتﹸ على شجر الليل فى وضح النهار وعلى مرأى ومسمعﹴ من الليل والنهار يدور حديث دافىء بيننا فلا ينقطع إلا بغفوة ولا يبدأ إلا بميعاد هو الحلم...!!

فصل 19
بيننا الحركة والسكون وما بين الحركة والسكون علامات..

لأنجمﹴ كثيرة ضالة فى المجرات تفتش عنا فلا هى تهتدى إلينا ولا نحن نقول لها:

اهبطى بسلام.

فصل 20
بيننا
من أول الخلق إلى آخر الخلق رباط من الذر والكلمات المكنونة المنكشفة ما لو أطلعت عليه وخطر على قلب بشر لولﹼى مدبراﹰ وقال لى:

هذا فراق بينى وبينك إلى أى أجلٍ تراه وأى زمن أراه حتى تقوم الساعة

فأجلس منها مجلس أنسﹴ وطربﹴ وغناء ورقصﹴ ولن أبرح مقامى هذا إلى أن تأذن لى

أو أمضى حقباﹰ إلى حيث تشاء السيدةﹸ ويأخذ الزمن أبعاده ومسمياته فأحمل فراغى على ظهرى وألقى بمتاعى فى اليم فلا أمكث فى زمان ولا أفتش لى عن مكانﹴ!!

فصل 21
بيننا
من سورة يوسف وأهل سبأ والأعراف

ما لا يقدر على تأويله الفلاسفة وعلماء الكلام ولا يقترب منه الصوفيون وأصحاب الكشف والمقامات إلا بمقدارﹴ لها أحوال النعمة

وله مدارج العذاب يتقلب فيها كيف يشاء فبأى متاهة هو وفى أى غيابة هى؟؟

فصل 22
بيننا
يتخلى الليل عن عاداته وحاجياته ويواصل السفر والسهر إلى أن يحل فى جانبﹴ آمنﹴ..

من جوانب السموات والأرض ولا يبحث عن قيامة أخيرة ويقول: بخ.. بخ..

لا رغبة لدى فى لعبة جديدة اسمها الموتﹸ والحياةﹸ أنا ثمل وسكران هكذا يا هذا..

فمن ذا الذى يقودنى إلى المنزلِ؟!

أنت هكذا وأنا هكذا؟! من زليخةﹶ وشجرة الدر وبلقيس وامرأة لوط...

ما يخرج بنا عن حدود الكلام إلى متاهة الرؤيا خلع السيد أعضاءه عضواﹰ.. عضواﹰ وتقلب على فراشه فوق شراشف المحبة

وعناقيد الرغبة المحتدمة وانخرط فى بكاء مرﹴ وانخرطت السيدة فى لهوﹴ ولعبﹴ وزينة

فصل 23
بيننا
إلى أن انتبه السيد إلى الوقت عندئذ...

اندهشت السيدةﹸ من كلام السيد ومضت.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى