مهند يونس - على الحاجز

على الخريطة. تساقطت تباعًا كسماء أمطرت مقصلاتٍ في ليلة بلا غيم ٍ، ثم بطريقة ما أصبحت جزءًا من الشجر والبشر و الحجر ، لم يمت أي شيء ، ولم يعش ، ظل كل شيء معلقٌ على هاوية الحياة ، ولا تزال العنقاء تنتظر رمادًا كافيًا لتنتفض. والحدود مساحةٌ عابرةٌ لقضاء ما استعصى قضاءه خلفها أو أمامها ، كأن ينتقل الصف الدراسي إلى الشارع ، أو كأن يفتخر شابٌ بدوامه اليومي بإلقاء الحجارة على الحاجز ، بأنه ولدَ هنا ، وعاد ليلاحق لعنته الأبدية هنا حيث ترك حبله السري و اعتنق حبل المقلاع ، أو كأن يزداد عدد المدعوين لزفة العروس من بضع عشرات إلى شعب بأكمله يتقن الفرح المؤجل إلى حدود الحاجز التالي ، وتخجل العصافير من سماء بلا حدود ، فتحط على أشجار الزيتون المترامية إلى جانب الحاجز ، فلا يكون هناك سماء و أرض ، بل يكون عصفور واحد على الشجرة ، خيرٌ من ألف سربٍ يجهل معنى الحب. عائدةً إلى حوارة جنوبًا ، عائدٌ إلى نابلس شمالًا ، متقاسمين صخرةٍ بجوار بعضهما البعض بانتظار موعد غير محدد ، لم تكن لتعني الوجهة لهما شيئًا لولا وجود الحاجز ، الوجهة استعارة معتادة لم يتوقف عندها أيٌ منهما قبلًا ، والوقت والمسافة لم يكن يحتملا حواجزًا أكثر بينهما.

كان كلٌ منهما سيعد النجوم في سريره مساءًا ، لولا الاشتباه بحملها حزام ٍ ناسف على بطنها ، جُرّدت من ملابسها ، فتجرّد من حُلُمه ، ورأى نفسه يعجّل من احتراق العنقاء ، لم يقترب كفاية أكثر من ذراعيه المندفعتين أمامه ، أما جسده فاستحال طائرًا ذبيحًا. تبخرت كل المواقف الافتراضية التي رسمتها برفقته ، لم يملك غير دمه ليغطيها به حين أقبلت على احتضانه لأول و آخر مرة.

مهند يونس

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى