فاطمة لوتاه: أنا في بحث دائم عن المجهول.. حوار تشكيلي - حوار: جعفر الديري

المتأمل في تلك الواجهات التشكيلية البديعة وتلك الضربات اللونية ذات الصبغة الحمراء والصفراء والبيضاء، وتلك الأفكار التي خرجت مع الألوان بشكل لا أجمل - في معرض الفنانة فاطمة لوتاه بمركز الفنون - يتحسس عميق الاحساس، ذلك الهاجس الذي يشغل روح الفنانة الاماراتية، وهو الحلم بما وراء الواقع وبما لا يمكن الوصول اليه الا بالخيال والألم والأمل المتمثل في اطلاق المرأة المصورة لذراعيها، اذ يندر أن تجد في هذه اللوحات بسمة واحدة مرسومة على الشفاه وانما هو ترقب وتوجس ونظرات شاردة.
وربما يكون للعشرين سنة التي قضتها الفنانة في ايطاليا ومازالت، تفسر في كل هذا الوجوم الذي يلوح على ملامح النساء التي ترسمها فرشاتها، فبحكم اقامتها في بلد غربي منفتح، بعيدا عما يشغل المرأة العربية والخليجية بالتحديد من هموم انعتاقها وتحررها من أسر التقاليد المتوارثة، تلاحظ الفنانة البون الشاسع بين المرأة الغربية والعربية، لأنها عاشت كلا المراحل، الأولى في بلد خليجي وهو منشؤها، وهو دولة الامارات العربية المتحدة، والثانية في بلد عربي أثناء دراستها في العاصمة العراقية بغداد، والثالثة وهي الأهم في بلد غربي وهو ايطاليا، فهي الأقدر إذا على الملاحظة وعلى استشراف الحلم أيضا.
وهذا ما يلاحظ جليا في تمسك الفنانة المثير للدهشة بملامح المرأة العربية في لوحاتها، فلم يشعر المتلقي والمتذوّق بأنه أمام فنانة غربية منسلخة عن تراثها وبيئتها الأولى، وانما شعر بأنه أمام فنانة عربية وخليجية أيضا سواء في ملامح الوجه أو ظلال الملابس التي ترتديها هذه النسوة.
يقول رفيق دراسة الفنانة الاماراتية في بغداد، الفنان البحريني محمد صالح عن الفنانة الاماراتية: هذه التجربة الجديدة على رغم البعد الجغرافي الكبير والسنوات الطويلة التي مازالت تقضيها فاطمة لوتاه في ايطاليا، الا أنها لاتزال تتمسك بهويتها العربية والخليجية، وبأصالتها الفنية وبأجواء البيئة الحقيقية التي نشأت فيها، البيئة الحقيقية المعطاة ذات السمة الشرقية التي نلمحها بوضوح في اختيارها للألوان الواضحة المتوافقة المتميزة في أعمالها وهي الألوان الصفراء والبيضاء والحمراء. وكونها امرأة يجعلنا نعتقد بأن هناك سرّا فنيا خاصا بالفنانة نفسها وعلاقتها اللونية، فكأنها تريد قول شيء عن المرأة الخليجية وعما يدور حولها من علاقات وأفكار وصور، وعما يثار بشأنها من أسئلة، وهل أنها أسيرة ذاتها أم أسيرة مجتمعها العربي.
في اطار هذا المعرض التقت «الثقافية» بالفنانة الاماراتية فاطمة لوتاه ودار معها هذا الحوار:

* هل هذه هي التجربة الفنية الأولى لك في البحرين؟
- نعم، هي التجربة الأولى التي أعرض فيها أعمالي على جمهور البحرين، وهي تجربة غنية ومتميزة مع شعب ذويق وادارة لم تقصر بشيء.

* تركت دولة الامارات العربية المتحدة منذ 21 سنة وانتقلت للعيش في ايطاليا، فهل تركت الغربة أثرا في نفسك وفي أعمالك؟
- تركت الغربة في أعمالي أثرا كبيرا، ولكن ليس أثر البعد أو الاحساس بالغربة والابتعاد عن الوطن، فالعالم أصبح قرية صغيرة ووسائل الاتصال أصبحت متعددة، ولكن الغربة خلقت في نفسي شيئا جديدا وموطنا آخر، وأناسا وطبائع مختلفة، كما أنها مكنتي من التعرف على الفنون بشكل أكثر ومنحتني التعرف الى تاريخ ايطاليا الفني العريق.

* المتأمل في هذه الأعمال يشعر بأن هناك هاجسا يقلقك وهو هاجس البحث عن المجهول أو اللا مرئي؟
- نعم أنا دائمة البحث عن المجهول، ونظرات النسوة اللاتي أرسمهن تدل على ذلك، فلا شيء أجمل وأبهج للنفس من أن يبحث الانسان عن ما هو غير موجود، لذلك جاء معرضي يحمل هذه الفكرة، حتى أنك تجد مع المعرض ورقة وزعت كتبت فيها أبيات للشاعر الفيتوري، تبرز ميولي لهذه الأفكار.
سحر الألوان والحلم بما وراء المرئي...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى