شهاب الدين محمد بن أحمد أبي الفتح الأبشيهي - المستطرف في كل فن مستظرف

ومما جاء في الحنين إلى الوطن أما محبة الوطن فمستولية على الطباع مستدعية أشد الشوق إليها روي أن أبان قدم على النبي فقال يا أبان كيف تركت مكة ؟ قال تركت الأذخر وقد أعذق والنمام وقد أورق فاغرورقت عينا رسول الله وقال بلال رضي الله تعالى عنه
( ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... براد وحولي أذخر وجليل )
( وهل أردن يوما مياه مجنة ... وهل يبدون لي شامة وطفيل )
وقيل من علامة الرشد أن تكون النفس إلى بلدها تواقة وإلى مسقط رأسها مشتاقة
ومن حب الوطن ما حكي أن سيدنا يوسف عليه الصلاة و السلام أوصى بأن يحمل تابوته إلى مقابر آبائه فمنع أهل مصر أولياءه من ذلك فلما بعث موسى عليه الصلاة و السلام وأهلك الله تعالى فرعون لعنه الله حمله موسى إلى مقابر آبائه فقبره بالأرض المقدسة وأوصى الاسكندر رحمه الله تعالى أن تحمل رمته في تابوت من ذهب إلى بلاد الروم حبا لوطنه واعتل سابور ذو الأكتاف وكان أسيرا ببلاد الروم فقالت له بنت الملك وكانت قد عشقته ما تشتهي ؟ قال شربة من ماء دجلة وشمة من تراب اصطخر فأتته بعد أيام بشربة من ماء وقبضة من تراب وقالت له هذا من ماء دجلة ومن تربة أرضك فشرب واشتم بالوهم فنفعه من علته وقال الجاحظ كان النفر في زمن البرامكة إذا سافر أحدهم أخذ معه من تربة أرضه في جراب يتداوى به وما أحسن ما قال بعضهم
( بلاد ألفناها على كل حالة ... وقد يؤلف الشيء الذي ليس بالحسن )
( ونستعذب الأرض التي لا هوا بها ... ولا ماؤها عذب ولكنها وطن )

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى