عبد القادر وساط - حكاية الرجل الذي كان يحمل مسدسا في لشبونة

في يومِ أحدٍ بارد من أيام الشتاء، كان هناك رجل يمشي وحيدا تحت رذاذ المطر، في شوارع لشبونة شبه الخالية.
كان قصير القامة، وكانت ملامحه توحي بالشراسة. وعلى أية حال، فقد كان يحمل في أحد جيوبه الداخلية مسدسا من نوع سميث.
ومع أنه لم يكن سكرانَ ولا مريضاً، فإنه كان تائها عن بيته ويجد صعوبة كبرى في العودة إليه.
وعندما بلغ ساحة "بيريرا"، رأى رجلاً واقفا أمام سينما "مونيمونتال"، يتفرج على ملصقات الأفلام، فمضى مسرعا نحوه ليطلب منه المساعدة. لقد كان يريد العودة إلى بيته بأي ثمن وفي أسرع وقت ممكن.
كان الرجل الواقف أمام السينما طويل القامة، نسبيا، وكان يلبس معطفا أسود، ويضع نظارتين دائريتين، ويحمل حقيبة جلدية صغيرة. وإجمالا فقد كان شديد الشبه بفيرناندو بيسوا. بل كان يبدو كأنه هو.
بعد التحية، قال الرجل القصير،الذي يحمل المسدس، للرجل الطويل، الذي يشبه بيسوا:
- هل تستطيع أن تدلني يا سيدي على الطريق المؤدي إلى بيتي، فأنا قد نسيتُ العنوان.
شرعَ الرجل الطويل ينظر باستغراب إلى الرجل القصير، ثم قال له:
- أنا لا أعرفك يا سيدي، ولم يسبق لي أن رأيتك، فكيف أدلك على بيتك؟ ثم دعني أسألك: لماذا تتعب نفسك بالبحث عن بيتك؟ ما الذي ستفعله هناك؟
غضبَ الرجل القصير عند سماع ذلك الكلام وجحظت عيناه من الغضب، فأخرج المسدس من جيبه ثم أطلق النار على الرجل الطويل فأرداه قتيلا.
إثر ذلك استأنف سيره للبحث عن بيته.
وعندما بلغ حديقة " أماليا رودريغيز"، رأى رجلا جالسا على أحد الكراسي الخشبية، غير عابئ برذاذ المطر. كان ذلك الرجل يلبس معطفا أسود ويمسك في يده حقيبة جلدية صغيرة ويضع نظارات دائرية. وإجمالا فقد كان شديد الشبه بفيرناندو بيسوا. بل كان يبدو كأنه هو.
وحالما لمحه الرجل القصير، توجه نحوه بخطى مسرعة ثم حياه وقال له:
- هل تستطيع أن تدلني يا سيدي على الطريق المؤدية إلى بيتي، فأنا قد نسيتُ العنوان.
شرع الرجل الجالس على كرسي الحديقة ينظر إليه باستغراب ثم قال له:
- سيدي، أنتَ أطلقتَ علي النار قبل قليل أمام سينما مونيمونتال، فهل تريد أن تفعل الشيء نفسه، هنا في حديقة "أماليا رودريغيز"؟
- ذلك ما سأقوم به فعلا، قال الرجل القصير.
ثم إنه أخرج المسدس من نوع سميث من جيب معطفه وسدده نحوه. لكن الرجل الجالس على الكرسي الخشبي لم يستعطفه ولم يتوسل إليه. نظر إليه بهدوء وقال له:
- حتى لو أطلقتَ علي النار من جديد، في هذا المكان، فسوف تجدني بعد ساعة على رصيف مقهى" كولومبانو" بشارع " ألميرانتي."
انتفض الرجل القصير عند سماع تلك العبارة وشرع يردد قائلا:
- مقهى كولومبانو؟ شارع ألميرانتي؟ لقد تذكرتُ الآن. هناك بالفعل يوجد بيتي. شكرا جزيلا أيها الرجل الطيب! شكرا جزيلا.
قال له الرجل بهدوء الواثق من نفسه:
- أنت لن تقتلني إذن؟
لم يجبه الرجل القصير. بل نظر إليه بثبات ثم أخرج المسدس وأطلق عليه ثلاث رصاصات فأرداه قتيلا في الحين.

full.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى