فنون بصرية محمد علي ناصف - كيف تكتب قصة الفلم؟..

قصة الفلم: تعتبر قصة الفلم أهم النواحي الفنية فيه؛ فان من الميسور الآن أن تجد لأي فلم المخرج الذي يموله، والمدير الذي يتفهم ادارته، والممثل الذي يحسن تمثيله، ولكن ليس من السهل أن توفق إلى السيناريو الجيد الذي يبنى عليه عمل كل هؤلاء؛ ويقولون إن القصة الضعيفة تقتل النجم الكبير ومثل هذا القول لم يكن على هذه الدرجة في بدء صناعة السينما حيث كان الممثل هو أول وآخر من يحفل به؛ ولكن أهمية الكاتب أصبحت ملموسة بعد أن صار الفلم ناطقاً؛ وبعد أن ارتقت السينما وأخذت اتجاها أدبياً رفيعاً يظهر أثره يوماً بعد يوم

فمن نتائج الفلم الناطق انه أشرك الأذن مع العين في تذوق فائدة السينما؛ والإذن - علمياً - اشد انتقاداً من العين، لأنه من الجائز ألا تلمح عينك قبح وجه يخفيه طلاء متقن جميل، ولكنك لن تستطيع أن تحمل أذنك على الإعجاب بقول قبيح تستمعه في مناسبة جميلة وقد اصبح الحوار في الأفلام بعد تثقيفها من الخطورة بمكان لأنه يساعد الصورة على التعبير، وقد يكون في كثير من الأحيان أهم من نقس الصورة؛ ولقد شاهدنا فلم (روميو وجوليت) فكان إخراجه قوياً وتمثيله رائعاً وتصويره جميلاً، ولكن كان أهم ما بالفلم حكم شكسبير التي انطق بها أشخاص روايته الخالدة

كاتب الفلم: يخطئ من يحسب أن كل من له دراية بكتابة الرواية أو المسرحية أو كل من له اسم كبير في عالم الأدب يمكن الاستفادة منه في كتابة قصة الفلم؛ وقد وقع في هذا الخطأ كثير من المشتغلين بالأفلام في بدء عهودها فتعاقد هؤلاء مع موريس مترلنك، ارنولد بنيت، سير جلبرت باركر، سومرست موغام، الينور جلين، كدنان دويل وغيرهم؛ ولكن واحداً من هذه العقود لم يجدد مرة أخرى؛ وقد أصبحت حقيقة ملموسة أن اشهر كتاب القصة السينمائية ليسوا من الأسماء المعروفة في عالم الأدب إلا أن تكون الشهرة الأدبية قد جاءت ملحقة بالشهرة السينمائية

ولقد اقتنع جميع الكتاب المعاصرين الذين تخرج مؤلفاتهم في السينما بان كتابة الأفلام شئ يختلف عن كتابة الكتب فسلم أكثرهم مؤلفاتهم إلى أيدي كتاب الاستديو من غير قيد ولا شرط

محمد علي ناصف


بتاريخ: 04 - 04 - 1938
مجلة الرسالة - العدد 248

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى