أدب السجون محمود فنون - البوسطة -1-

دخل الجندي الى الممرالطويل الذي يوزع على الغرف ,وبيده ورقة ,وأخذ ينادي على الاسماء :....
وما ان انتهى حتى قال :
"بكرة الساعة ستة كلو بكون جاهز .. مفهوم ؟بكرة بوسطة" وسلم ورقة للشاويش(وهو احد المعتقلين الموقوفين يتم اختياره كيفما اتفق ويستحسن ان يكون على معرفة باللغة العبرية).
-"ما هي البوسطة؟"سأل احدهم .
-"هي سيارة نقل المعتقلين من سجن الى آخر وهي بادارة غير ادارة السجن ويسمى العاملين فيها بالشاباص وتكون البوسطة كل يوم اثنين وخميس بشكل اعتيادي بخلاف ما يلزمهم بشكل طاريء."
لا احد يعرف الى اين يكون النقل ولا لأي غرض ,فيذهب بعض المعتقلين وخاصة غير المجربين مذاهب شتى..
ان يوم البوسطة يوم مميز ,فهو يستثير كل الافكار والهواجس ,وعلى اية حال فان البعض يفضل الانتقال من مركز توقيف عصيون ,لانه اشبه بالزريبة وشديد الاكتظاظ وسيئ الطعام وسيء المعاملة ,وعدا عن الحشرة والضيق لاتوجد حمامات بالغرف,ويوجد ثلاث حمامات يتدفق عليها المعتقلون على قسمين,وقلما يتوفر الماء الساخن وحينما يتوفر لا يكفي لكل الموقوفين في كانون الاول.
تتداخل امواج الفكر في رؤوس الموقوفين الذين يجهلون مصيرهم..
يجهلون مصيرهم ..انهم في السجن ..ولكن هذه المحطة الاولى ..نعم نعم المحطة الاولى في عصيون ..يتجمعون ويتعارفون ..ويتآلفون ..ثم يتفرقون يحملون معهم احزانهم وفراقهم ..يتفرقون ليبدأوا رحلة جديدة مغمسة بالعذاب .
الى عوفر من اجل المحكمة ..محكمة؟!اداري ام توقيف؟
- للمحكمة ؟ قال احدهم.
-"طيب يا رفيق ,انا لوين بدهم يوخذوني؟"
-"انت قبل اسبوعين اخذوك للتوقيف الاداري ,يمكن المرة للتثبيت.."
-"طيب شو اعمل؟"
هو يشتغل في شراء الحديد الخردة ويبيعه وراء الخط الاخضر ,وقال لي انه ليس له اية علاقة بحماس وهو أميّ في الاربعينات من عمره, بل انه يحصل على تصريح دخولوراء الخط الاخضر .
-"اصرخ في المحكمة "قلت له "اصرخ وقل لماذا انا في السجن ,انا معي تصريح وكل يوم امر من الحاجز ولا مرة عارضوني ,انا ليس لي علاقة بأحد. اصرخ بهذا قبل ان يسألوك واعترض على أي شيء يقوله القاضي اذا كان غير الافراج"
-أين سيأخذونني يا رفيق ,انا ..يعني انا ..اول.. اه اول مرة ..يعني اول مرة.. أدخل السجن.."
كان قد ادخل السجن قبل اسبوع,ولا يعرف الطين من العجين .ويبدو انه كان يستشعر رهبة السجن رغم كل ما احطناه به من دفء انساني ,وكل التسلية والمجاملات وتعليمه لعبة الزهر.
-"لا تخف ,يمر كل المساجين بهذه التجربة وعادة "اول مرة تحصل مرة واحدة",ربما يستدعيك المحققين ليسألوك بعض الاسئلة ,واصبحت الآن تعرف كيف تتصرف ,المهم لا تدين نفسك ولا غيرك بأي شيء...اياك ان تضر احدأ,واعلم ان الاعتراف بأي شيء هو امر مخزي وهو خيانة ...الانسان يحمي نفسه بنفسه وكذلك يخون نفسه بنفسه .والاصعب ان يخون الناس الآخرين ."
-"انا مجنون ؟!..اصلا انا لا اعرف احدا ,ولا يهمك ,لا توصي حريصا وانا والله سأرفع رأسك عاليا.."
-"حبيبي..انت قبضاي ..وكلنا احببناك.."
-طيب وانا يا رفيق ..انا ..قصدي ..يعني ..انا ذكرني في التحقيق ثلاثة معترفين,طيب..ما الفائدة..قصدي ..ما الفايدة من الانكار؟
-"وما الفايدة من الاعتراف ؟ لا يوجد أي فائدة ,بل كل الضرر ونحن هنا لا نبحث عن فوائد .ان سؤالك غير صحيح وليس في محلة والاجدر ان تصمد في التحقيق "
-"اسمع قل للشرطي :انا لا أعرف حدا ولا رأيت أحدا ولا سمعت أحدا ,وكل ما تسألني عنه لا أعرفه. واصمد" .
-ماذا يحصل؟ ما الذي سيحل لي ؟انا لست فاهما ؟
-ولا شيئ اذا كان ملفك جاهز,فهم يستكملوه بسؤالك ,وسواء ايدت ما في الملف ام لم تؤيده ,فانهم سيقدموا ملفك للمحكمة العسكرية وسيتم توقيفك بناء على هذا الملف ,فقط لا توافق على أي شيء يقولوه ولا توقع على ورقة ولا على إفادة مهما كانت .وإذا قال لك انا كتبت اقوالك ,فقل له وقع نيابة عني .
لقد غير القضاء العسكري موقفه من الذين لا يعترفون في التحقيق ,فقبلا كان يسجنهم بالحكم الإداري ,واما اليوم فهو يحاكمهم على اعتراف الغير ,وهذا يعني انه عندما يعترف شخص على علاقة بشخص آخر فان اعترافه يدين الشخص الآخر ويستخدم في المحكمة دليلا قاطعا ضد هذا الشخص حتى لو عاد الشاهد عن شهادته ,وبالطبع لا يستطيع احد ان يقدم دليل برائته كما يحصل في الافلام.كل من دخل عندهم سيبقى في السجن ثمانية ايام على الاقل ,ثم الى المحكمة سواء محكمة الاداري او محكمة التوقيف وكلاهما تابعة للقضاء العسكري ووفقا لقانون الطواريء والاوامر العسكرية التي اصدرها الحكام العسكريين عبر سنوات الاحتلال.وفي محكمة التوقيف يتقرر المصير :فاما تستطيع النيابة تقديم لائحة اتهام ,وحينها يتم توقيف المتهم الى حين انتهاء المحاكمة ,او يكتفى بالتوقيف ويجري الافراج عن التهم .
-ولكن ادارة السجن ابلغتني بأنني موقوف لمدة ستة أشهر اداري؟
****
-ان السلطات العسكرية (قائد المنطقة الوسطى )هو الذي يأمر بالتوقيف الاداري بالمدة التي يراها ,ولا تزيد عن ستة اشهر في المرة الواحدة وتبدأ عملية خاصة بالاداريين ,حيث يقدم لمحكمة الاداري للنظر في القرار ,حيث يقول القاضي رأيه أرتباطا بملف سري يقدم له من قبل النيابة ولا يطلع عليه الدفاع,بعد ذلك تعود المحكمة للانعقاد للنظر في الحكم ثانية ويجري تثبيت الحكم الاداري يالاشهر ذاتها التي تقررت في المحكمة السابقة او أقل .وعندما تنتهي المدة يتكرر السيناريو ذاته اذا قامت ادارة السجن بتبليغ المتهم بالتوقيف الجديد او يجري الافراج عنه اذا انقضت المدة ولم يجدد له.
-"وهل يستطيع القاضي ان يفرج عني ؟"سأل احد الموقوفين اداريا.
"ان مع القاضي هامشا صغيرا ,فهو يقصر المدة المقررة ,أو يبقي عليها وقليلا جدا ما ينطق بالافراج .واذا كان نطقه بالافراج غير مقبول من الجهات الامنية الاخرى(كلهم جهات امنية متكاملة)فان هذه الجهات تعيد القبض عليه او تستأنف قرار القاضي او تلجأ لقاض آخر..ولا يعجزهم الامر .
"وهل المحكمة جهة امنية؟"
***
-هناك شبكة متكاملة مهمتها التعامل مع قضايا الاعتقال ,وكل يقوم بدوره بشكل مستقل عن الآخر اداريا ومتكامل معه وظيفيا .
الشاباك والجيش,ادارة السجن والسجانين,والشاباص المسؤولين عن البوسطة,والمحكمة ,والنيابة العسكرية,ةالخدمات الطبية التابعة لمصلحة السجون, وكلهم باشراف القائد العسكري .
-"ما الشاباك والشاباص..؟"سأل احدهم.
فالشاباك يقود عملية الاعتقال بالتعاون مع الجيش .حيث يجري نقل السجين الى احدى مراكز التوقيف مشفوعا بالتقارير اللازمة وبأوامر التوقيف اللازمة.
ولا بد من ذكر ملاحظة بأن الادارة العسكرية الامنية تراعي غالبا الجانب الشكلي والتنفيذي في عملية الاعتقال حسب أصول يرونها ,وادارتهم عريقة وتمتلك الخبرة والدراية الكافيتين لتأمين صحة الجانب الاجرائي الشكلي دون انتقاص.
فهم يستحصلون على أمر الاعتقال والتفتيش ,ويدونوا كل خطواتهم وملاحظاتهم بشكل دواويني مدقق.ويصر قائد حملتهم على الطلب من المعتقل حال اخراجه من البيت ان يوقع لهم على برائة ذمة بأنهم لم يأخذوا شيئا من البيت .
وحال وصولهم الى مركز التوقيف المحدد,تقوم دورية الاعتقال بتسليم السجين الى الادارة حسب اصوليات متبعة ,وادارة السجن او مركز التوقيف غير معني اساسا بأسباب وجود السجين وهو معني بوظائف محددة تتعلق بالقيام بواجب السجان حسب القرارات والاوامر العسكرية المرعية وبالتعاون مع بقية الجهات ذات الصلة .
والشاباص هم فريق التنقلات الذي يؤمن انتقال المعتقلين ضمن دائرة السجون والمحاكم والمخابرات للتحقيق, والشرطة لاستكمال اجراءات التحقيق بتوثيقها باسم الشرطة لا باسم الشاباك(المخابرات).
ثم القضاء العسكري للاداري او لمن وفروا لهم لائحة اتهام وكل منهما درجات تبدأ من المحكمة الاولى ثم الاستئناف .
**********
-وانا طلبوني اول امس واقتادوني سيرا على الاقدام الى مكان قريب,وسألوني اسئلة وهددوني بحبسي سنوات طويلة اذا لم اصدق معهم,وقام احدهم بالقائي على الارض وكانت باردة ومبلولة ,وداس على رقبتي وهددني بالموت.. .
ماذا قلت له؟
-الحمد لله وباذن الله عدت سالما ..
-ولكن ماذا سألك وماذا قلت له؟
-طلب مني اساء مؤيدي الكتل الطلابية في شعبتنا في الجامعة وسميتهم له..ثم طلب مني ان اسمي كل من يؤيدوا الكتل الطلابية في الجامعة وقال بأنه ىسوف يطلبني مرة ثانية..
-وعن السجن ماذا قلت؟
-سألني عن عدد من الاشخاص وقلت له انا لا اعرف عنهم شيئا سوى انهم حماس كما اعتقد وكما سمعت..
*******
وانا امضيت في التحقيق ثمانية وتسعون يوما في مكان بعيد معظمها منفردا في الزنزانة ,وخلال العشرة ايام الاولى لم يسألوني أي سؤال ,م ادخلوا عندي شخصا يوحي مظهره بالقة ولم يسلألني شيئا سوى عن صحتي وحاول تسليتي ,وكان يقوم لللاة صباحا .
كان يعود بعد ان يأخذوه ويؤكد انهمكة حققوا معه في الامور الخطيرة ومن خلال تعرضه لما يحصل معه في التحقيق فهمت انهى من كبار القادة العسكريين ,وشيئا فشيئا وبعد ان قال لي بأنهم(المخابرات)فشلوا تماما في التحقيق معه بل وتيقنوا ن برائته (طبعا بسبب ذكائه وقدراته الخارقة )يتوقع ان يفرجوا عنه ,وعلى الاقل سينقلوه من السجن الى سجن آخر..
استشعرت على الفور فراغا وضيقا لاحتمال نقله وكأن صدري ينقبض ..في الحقيقة فقد احببته ,وأخذت اسأله عن مصيري,فتبادلنا الحديث حول وضعي وعلاقاتي وظروفي وكأنني افاتح مسؤولا عني ..
وبعد ان غادر بساعات ,استدعوني للتحقيق ووجدت كل ما قلته له امامي وبالحرف الواحد..
-"ما اتعسك ! لقد كان هذا عصفورا ,استدرجك لتدلي له بكل ما تعرفه ,وهو بدوره ولأنه جزء من التحقيق ,قام بتسجيل كل ما قلت ,ففاتحوك به .والاولى ان تنكر كل ما قلت مرة ثانية ...
-لقد قلت له عن كل أصحابي من أجل ان يتوصى بهم ..
-وهو قد استوصى بهم فعلا وسيكونوا كلهم في السجون..
-ولكن انا قلت بعض الاشياء على سبيل التباهي وبالغت كثيرا ,وقلت له عن اشياء لم اعملها !
-ان ما قلته سوف يقدم مع ملفك اللى النيابة العسكرية ,وهناك سيكيفون كل اقوالك في لائحة اتهام ويقدموها للمحكمة ,سواء ما هو حقيقي أو ما هو مبالغة .
-ما العمل اذن ؟لقد ضحك عليّ.
انهم يضحكون على الهبل من امثالك والهبل هؤلاء هم الاغلبية ممن يتعرضون للتحقيق .وهناك طرفان يتحملان المسؤولية عن نتائج التحقيق في المستوى الوطني :
الاول:هو التنظيم الذي لا يكلف نفسه عناء التثقيف بمجريات التحقيق ووسائل حماية التنظيم من نتائج التحقيق وكل ما يتعلق بالحماية الامنية,وذلك لأن الكثيرمن المسؤولين كانوا ضعفاء في التحقيق وكانوا يعترفون على كل شيء ويعتبرون تسليم اسرار التنظيم للعدو هو امر في اطار" لا يكلف الله نفسا الا وسعها " ويجرّ الواحد ورائه ملء باص الجيش ليواجهوا مصيرهم . ثم يتوبوا الى الله عن فعلتهم ويعودوا الى تكرارها في الاعتقال اللاحق يعد ان تعوّد عليهم المحققين وخبروا ضعفهم.
ان قلة من المعتقلين يصمدون في التحقيق رغم ان وسائل التحقيق اليوم اسهل من السابق ,وهؤلاء القلة يذكرون المعترفين بسفالتهم وجبنهم ورذالتهم وضعفهم امام المحقق الذي ينتزع منهم اسرار النضال ويوجه الضربات الاعتقالية القوية بالاستناد الى تعاون هؤلاء الضعفاء ان دوره اكثر خطورة من دور الجواسيس ,وهم يتحملون المسؤولية عن تضخم عدد المعتقلين – ضحاياهم
والثاني :هو المعتقل ذاته والذي يتوجب عليه ان يدافع عن نفسه بالصمت والتحرز على كل ما لديه من معلومات عن نفسه وعن غيره..أليس هو المناضل في مواجهة العدو ؟اليس التحقيق هو محطة من محطات المواجهة ؟ هنا البطل يصمد والجبان يخون...
-سنقدم لكم في ليلة ثانية ندوة عن دور العصافير ودور المسؤولين الكبار الضعفاء ومسؤوليتهم عن ضرب التنظيمات واضعافها بسبب تعاونهم مع المحققين وعن كل الذين يتعاونون في التحقيق سواء بواسطة العصافير او بغيرها .ان الواحد منهم يصبح اداة بيد العدو للبطش بالتنظيم .
-ولكن انا قرأت كتاب فلسفة المواجهة ,وقد أدخلو عندي أحدهم في اليوم الثاني واخذ يظهر حزنه بسبب صغر سني ..
"كم عمرك يا بني"محاولا تقليد صوته الاجشّ.."انهم ظلمة ولا يرحمون صغيرا ولا كبيرا "
-وقد حاول بوسائل شتى ولكنني في كل مرة كنت اشرح له بأنه لا علاقة لي بأي شيء ولا أعلم لماذا اعتقلوني..وقد غيروه مرتين وعاد هو مرة ثانية ,ولما فشلت تجربة العصافير اخضعوني لقسوتهم اكثر من خمسة عشر يوما وذلك لأن احدهم ذكر انه شاهدني مع مجموعة من طلاب الصف التاسع كانت تلقي الحجارة على جنود العدو. ثم نقلت الى هنا مرة ثانية منتصرا ..ونفخ صدره الصغير تعاظما وافتخارا .
*********
بعد ان صلى بعضهم العشاء جماعة ,تحلقنا حول بعضنا ..فقد نشأت بيننا الفة ومشاعر لطيفة ,وغدا يوم آخر قد يتفرق البعض بعد ان توطن الناس على الصبر على ماهم فيه بسبب تآلفهم وايناسهم هذا.
-صحبتكم كانت حلوة.."
-"والله انكم قد كنتم اكثر من أهل وقد خفتم عن روحي وطأة الاعتقال .."
-ارجوكم ان تذكروني بعد فرج الله القريب ان شاء الله وتزوروني في البيت ..."
-لقد احببناك ..مع انك لم تشاركنا الصلاة..لقد خففت عنا كثيرا ونورتنا بامور كثيرة كنت مثل اخ كبير لنا.."
واخذ الجميع يغني "يا ظلام السجن خيم ...
ثم خلد بعضنا الى النوم وتظاهر البعض بالنوم وسهر الباقون مع بعضهم حتى موعد صلاة الصبح حيث ينهض المصلون من المنتسبين للتيارات الدينية ويتيمموا على الجدران صعيدا طيبا ويؤذن واحدا منهم ثم يقيموا الصلاة ويحاول الجميع النوم مرة ثانية.
**********
-"عدد عدد ..يلا عدد عدد سفيراة.."يضرب الجندي على الابواب صارخا في المعتقلين النائمين ,ثم يفتح الباب للشاويش ليقوم باستكمال المهمة لينهض النائمين من نومهم ,ويطلب منه ان يدعو المنقولين للبوسطة بأن يحضروا انفسهم.
يجلس المعتقلون في حلقة واحدة على ركبهم وايديهم مشبوكة الى الخلف حيث يدخل ضابط العدد وهو جندي برتبة عسكرية وعه جوقة من المرافقين ويتمم عدد المعتقلين بالمناداة على الاسماء كالعادة .
وبعد تمام العدد الصباحي ,طلب المناوب من الشاويش ان يستدعي المنقولين ,فيخرجوا الى الساحة بانتظار اتمام اجراءات النقل . يكون هذا عادة بعد الساعة السادسة صباحا بقليل
يبقى المعتقلون في الساحة الصغيرة يتمشون او يجلسون حتى ما يقرب ن التاسعة واحيانا حتى العاشرو والحادية عشرة,ثم يسمعون صوت سيارة البوسطة تتوقف قرب جدار السجن مباشرة ..فيأتي احد الجنود ويتأكد من جاهزية المعتقلين بالمناداة على اسمائهم .
ينزل الشاباص من السيارة وهم حوالي اربع او خمسة, ويسمع المعتقلون اصوات السلاسل وهم ينزلونها من السيارة لأدخالها الى داخل السجن.
ينادي الضابط المناوب على المعتقلين ليبدؤوا بالخروج من الساحة الى باحة أخرى خارج قسم اقامة المعتقلين لتبدأ عملية التفتيش وخلع الملابس والتأكد من الهوية ,وبعدها مباشرة عملية الربط في القدمين ومن ثم ربط اليدين اما بالقيد الحديدي ان توفر أو بقيد البلاستك الذي يشد اليدين بقوة ,والاصطفاف جانب الجدار المجاور لباب السجن الخارجي والوجوه جهة الجدار والجندي يصرخ بشكل متكرر لمنع الكلام تحت طائلة العقاب .
ويتم الاستلا والتسلي فيأتي احدهم من الشاباص ويتأكد من سلامة ربط القيد في الرجلين ,م تبدأ المناداة على الاساء ليتوجهوا فردا فردا الى الباص المعد خصيصا لهذه المهمة حي يصعد المعتقلون المقيدون بصعوبة درجات الباص ليت اجلاسهم على الكراسي الحديدية الصلبة والباردة ,وتبدأ رحلة النقل حيث يكون البا حروسا بقوات من الجيش او حرس الحدودحتى الوصول الى مدخل سجن عوفر وبسرعة كبيرة والباص يهتز ويرقص بشكل لا رحمة فيه.
اغمض عينيه وهو ير من حاجز النفق.
-"سأدخل من النفق هذه المرة بشكل علني بعد ان عبرته الى القدس مرات عديدة بشكل سري ملتفا من جهة المخرور الى باب النفق حيث تنتظرني السيارة الموعودة وتحملني الى رام الله لبعض اللقاءات والاجتماعات
-عبور عن عبور يختلف ,لقد كنت تعبر وانت حر ,بينما تعبر هذه المرة مكبلا بالاصفاد ,كنت تعبر في سياق العمل والاجتماعات واللقاءات ,بينما هذه المرة للمحكة ,او التحقيق .
-منذ سنة 2002 م بعد ان اجتاحوا مناطق الف ,اصبحت غاراتهم متكررة ,ان التقسيم الى الف وباء وجيم ليس سوى تقسيما لتسهيل المهات ولا علاقة له بالسيادة والاستقلال والحرية ,انهم قد ضحكوا علينا-ضحكوا علينا بالتعاون مع "عصن منا"وبواسطته.
-"اسكتوا" صاح الشرطي فينا بعد ان سمع دردشة بين السجناء.ممنوع الكلام ..
عاد ثانية وكرر الصياح ..انه يستطيع ان يعاقب الجميع بطرائق مختلفة !انه لا يتحمل مسؤولية عن تصرفاته ,فهو لا يتبع ادارة سجن عصيون ,وما ان تصل الى مرحلة محاسبته على سوء تصرفه تحتاج الى اضراب شامل مدرج في مطالبه واحتجاجاته حول معاملة الشاباص كي تتمكن من توصيل الرسالة بواسطة الادارة العامة للسجون حيث يتبع قسم الشاباص هذا.
انهم مسؤولون عن كل عمليات النقل بين السجون وبين السجون وبين المحاكم وبين السجون ومراكز التحقيق وكذلك نقل المحررين من المعتقلين في سجون الداخل الى بوابات العبور مع الضفة الغربية وغزة.


يتبع البوسطة2

محمود فنون - البوسطة****1

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى