موقفنا الفكري تجاه الغرب.. ندوة

ندوة شارك فيها د. عبد القادر القط مع نخبة من المثقفين والكتاب العرب
أدارها الأديب / الطيب الصالح
أعدها : محمد عصفور


اهتم النادي بإقامة الندوات التي تطرح الرأي والرأي الآخر من معالجة العديد من القضايا ومنها الندوة التي شارك فيها د . عبد القادر القط ود. لويس عوض تحت عنوان ” موقفتا الفكري تجاه الغرب ” وقد أدارها الأديب الكبير الطيب صالح وأقيمت بتاريخ 15/11/88 بالدوحة وفيما يلي ملخص لوقائع هذه الندوة . بدأ الأستاذ الطيب الصالح بمقدمة قال فيها: لنتذكر ونحن نتحدث عن الغرب أو عن علاقة فكرنا بالغرب أن الغرب ليس شيئاً واحداً وأن فيه أشياء حسنة وأشياء قد لا تروقنا. إن أوروبا مكان جذاب طبيعته تجذبنا وكثير من فكره يجذبنا وبمعني لا نتعامل مع حضارة كريهة لنا ولكن حضارة فيها كثير من عناصر الجاذبية وهذا هو رأس المشكلة لأنها لو كانت حضارة كريهة لهان الأمر ، لذلك كانت هذه العلاقة المتأرجحة الغامضة التي فيها قبول ورفض وحب وكراهية وقرب وبعد، والان نبدأ بالدكتور لويس عوض ليقدم لنا عوضا مختصراً عن لقاء الحضارات بوجه عام .

* الدكتور / لويس عوض ( لقاء الحضارات ) :

إن لقاء الحضارات يمر عادة في دورة جدلية تبدأ بصدام الحضارات ثم بحوار الحضارات وبعد ذلك لقاء الحضارات . ولنسأل هذا السؤال : ماذا تعلم الغرب من الحضارة العربية ومن الإسلام ؟

- لقد حفظ العرب ونصارى المشرق تراث اليونان والرومان الوثني في مدوناتهم وأديرتهم مما مكن الأوروبيين من تجديد معرفتهم بفلسفات جاهليتهم المظلمة وادابها وعلومها ، ظهرت اجتهادات تدل علي بمؤثرات إسلامية كدعوة البعض للتوحيد المطلق وكمحاولات التوفيق بين الدين والدينا في المذاهب البروتستانتنيه المختلفة . وإذا كان لنا أن نستخلص قانوناً عاماً يسري علي كافة الثقافات والحضارات فهو أن الثقافات والحضارات تنطوي علي نفسها وتتقوقع وتصاب بالجمود باسم المحافظة علي هويتها في أزمنة الضعف والهزال وفي أزمنة العدوان عليها ، وهي تشعر بهويتها وتصاب بالخيلاء في أزمنة بالخلاء في أزمنة عدوانها علي الغير .

* الطيب الصالح :

ويعلق الأستاذ الطيب الصالح قائلاً : بعد هذه المقدمة المفيدة التي أنتهي فيها د. عوض إلي أن مرحلة انتهت بتصدير الأفكار والبضائع ولعلها انتهت بفرض الأفكار والبضائع وسيواصل الدكتور القط هذا العرض في اللقاء بين الشرق والغرب بدءاً من حملة نابليون في مصر التي كانت حدثاً مهماً في التاريخ .

* الدكتور عبد القادر القط :

منذ الحملة الفرنسية علي مصر ، دخلت الأقطار العربية في مرحلة فكرية عرفت بحركة الإحياء ، قامت علي جانبين مهمين هما إحياء الأدب العربي والشعر العربي ودراسته تقوم علي منهج علمي جديد ثم الحفاظ علي اللغة العربية وهذا كان شيئاً مهماً في اللقاء بين هاتين الحضارتين لأن واجهوا كثيراً من العلوم التي تستخدم كثيرا من المصطلحات التي لم يكن لها وجود في اللغة العربية .

ثم كان ما هو معروف في حركة الإحياء في الشعر العربي الحديث علي يد البارودي . ثم بدأت الحركة الرومانسية في الأدب العربي وكان طبيعاً لو كان الالتقاء شاملاً وليس علي سبيل الانتقاء الذي يخضع للاختيار الشخصي والظروف أن يبتدئ الأدب العربي أو الأدباء العرب في الرواية في الإفادة من المذهب الواقعي الذي كان سائداً ولكن وقعت العودة إلي المذهب الرومانسي الذي كان سائداً هذا الاستعمال الاقتصادي أو السياسي لم تكن ركيزته الجيوش والسلاح ولكن ركيزته الفكر فكان طبيعاً أن يحاول أن يتسلل بفكره ويؤثر بقيمه علي القيم العربية لكي يسيطر من خلال الفكر علي ما لم يعد قادراً علي السيطرة عليه من خلال السلاح وهكذا بدأ الإحتكاك الحقيقي بين الحضارة العربية الأصلية وبين الغزو الأوروبي وبدأنا نناقش مانسميه بالغزو الفكري أو مناقشة قضية الأصالة والمعاصرة .

* الطيب الصالح :

أكمل قائلاً : سنتطرق الآن الأقكار المثيرة للجدول حيث نستمر مع الدكتور لويس عرض ليحدثنا عن ملامح الفكر العربي المعاصر في إطار موضوع المحاضرة ” موقفنا الفكري تجاه الغربي ” يحدثنا الدكتور عوض في هذا الموضوع بالإشارة بصفة خاصة لما يظن هو بأنه بحث مبالغ فيه عما نسمية بالهوية .

* الدكتور لويس عوض :

واصل الدكتور لويس حديثة قائلا : لقد كثر الكلام عن قضية الأصالة والمعاصرة ، ولم يكن الأمر كذلك فيما مضي في عهد الديمقراطية الليبرالية ، كثر أيضاً البحث عن الذات أو التساؤل عن هويتنا وكأننا لا نعرف من نحن وكأننا غير واثقين من سلامة أصلابنا ومن مجد أجدادنا لماذا كثر طرح التساؤل عن الهوية ؟ يضاف إلي هذا كثرة الكلام عن الغزو الفكري ، إن المتحدثين عن الأصالة والمعاصرة بطريقة سحرية وصلوا إلي نوع من الحل السهل المريح لجميع الأطراف ومرادهم أن تستريح جميع الأطراف من سلفيين ومستقبليين وثوريين ، يقولن : لابد من المحافظة علي الأصالة ولابد من المحافظة علي المعاصرة وكأن العملية عملية الية سهلة التحقيق . في كثير من الأحيان نجد أن نفس الناس الذين يكثرون الكلام عن الأصالة يركبون المرسيدس دون تحرج ويركبون الطائرة دون تخرج وهم يتمتعون بجمع مزايا الحضارة المادية والمعاصرة وبعد هذا يتحدثون عن الأصالة . مشكلة أخري نلاحظها في ثقافاتنا المعاصرة وهي ما يمكن أن نسميه الخوف من الحرية ، في وقتت من الأوقات كانت المجتمعات العربية تتطلع إلي الحرية وأنا لا أقول الخوف من استرداد الحرية من المتعدين والمستعمرين . هذا الخوف من الحرية هو من القضايا المميزة لثقافتنا في الربع قرن الأخير . أخيراً هناك كثرة الكلام وتشديد الهجوم علي العلمانية دون فهم لمعني العلمانية لأن بعض يحاولون تصوير العلمانية لالا تتجاوز فكرة صضل الدين عن الدولة في نظام الحكم . هذه في تصوري أهم سمات الثقافة في عصرنا الحديث وهي تطرح مشاكل لا أملك حلولاً لها وهي جديرة بالتفكير ولا سيما بتفكير رجال الاجتماع .

* الطيب الصالح :

علق قائلا : لا بد لي من القول بأن فكرة ما يسمي بالهوية عندنا هي كلمة فريبة ونرجو من أساتذتنا أن يجدوا عنها . سيتعرض الدكتور عبد القادر القط إلي في تقديره أن العلاقة بين العالم العربي الإسلامي والعالم الإوروبي كانت في وقت من الأوقات تسودها روح من التسامح والاعتدال ثم تغير الحال . لماذا تغير الحال ؟ ولماذا توترت هذه العلاقة ؟ ولماذا قامت المشكلة وما طبيعة هذه المشكلة ؟

* د. عبد القادر القط :

حول كل تلك التساؤلات تفضل د. عبد القادر بالمناقشة قائلاً لكي نفهم طبيعة المشكلة لابد أن نتحدث عن عناصرها الثلاثة : العنصر الأول : الحضارة الغربية والمجتمع الغربي ثم المجتمع الغربي ثم المجتمع العربي ثم الصلة بين الجانبيين . إن المجتمع الأوروبي يدخل جديدة تماماً وفي المقابل ماذا صنع المجتمع العربي منذ أن النقي بالحضارة الغربية ؟ لقد أبطأت خطوات المجتمع العربي في التطور لأسباب سياسية واستعمارية وعسكرية معروفة ولنزعة مشدودة إلي الماضي إلي حدد كبير أيضاً ، فزادات الهوة بين الجانبين وكان تطور المجتمع العربي تطوراً غير متساو وغير متناسق ، هناك مجتمع يتقدم بخطوات واسعة حتى لا ينسخ عن حضارته ليصبح حضارة إنسانية جديدة تماماً وهناك مجنمع ما زال مشدوداً إلي الماضي متطوراً في بعض قطاعاته العليا محافظاً في كثير من قطاعاته العليا محافظاً في كثير من قطاعاته المختلفة فزادت ومع زيادتها زادت وطأة الفكر الغربي علي المجتمع العربي نتيجة العنصر الثالث وهو طبيعة بين هذين المجتمعين بعد أن كانت الصلة في المرحلة التي تحدثت عنها تخضع للمصادفة وللظروف الشخصية وللانتقاء أصبحت صلة شديدة الوطأة مفروضة علي المفكر العربي والأديب العربي . إن التراث الذي دائماً نلجأ إليه لنحي أنفسنا مما نسميه الغزو الفكري كان في وقت من الأوقات حاضر أمة له مالكل حاضر من مساوئ ومحاسن .

يجب أن نحاول أن نتشبث ببعض مقومات لغتنا حتى لا تطغي عليها اللغات الأوروبية لأن اللغة ليست مجرد ألفاظ وإنما هي مقوم جوهري من مقومات الشخصية وأن نتشبث بالصالح من تراثنا . وإذا أردنا يكون لنا مشاركة وأن يكون لنا شخصيتنا فلابد من أن نشارك أيضاً في العلم الحديث ، هذه المشاركة بطيئة إلي حد كبير وهذا ما ويجعل شعورنا بوطأة الحضارة الغربية ومنجزاتها التكنولوجية هي التي تجعلنا نشعر بالغزو الفكري .

* الطيب الصالح :

وفي نهاية الندوة ختم الأستاذ الطيب الصالح بكلمات قائلاً : نحن نفكر أن المثل الأوروبي في التطور الذي نجري وراءه مثل متطور ومنتهي بيننا هو عرضة للجدول في أوروبا نفسها فهل هو نهاية المطاف بالنسبة للإنسان ؟

ثم النقطة المتصلة بموضوع التعددية الثقافية التي يبدو لي من العيش في أوروبا لم تقبلها تماماً وهي أن كل قطعة في العالم لها جرسها الخاص واتجاهها الخاص وأسلوبها في حل مشاكل العيش وطريقتها في صنع ثقافتها وفي التوجه إلي الله سبحانه


عبدالقادر القط



ندوة.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى