زكريا تامر - الكرسي الفصيح

الكرسي : " لو لم أكن من خشب لبكيت وذرفت الدموع السخية طامعاً في أن تشفق عليّ ، وتنهض عني قليلاً حتى أستريح، فقد تعبت ومللت من حملك طوال سنوات " .
مدير السجن: "هذا طلب مستحيل لا يلبى ولا يطلبه سوى عدو، فإذا نهضت عنك انتهز الفرصة خصومي وقعدوا عليك بدلاً مني ".
الكرسي : "وهل القعود عليّ يختلف عن القعود على الأرض ؟"
مدير السجن : "حتى الأبله لا يجرؤ على الادعاء بأن أكل البقلاوة كأكل الخبز اليابس "
الكرسي : "ألا يحق لي على الأقل أن أسأل عن رأيي في من سيقعد عليّ"
مدير السجن : "وهل أنت أحسن من الناس أجمعين حتى تطالب بنيل مثل هذا الحق ؟"
الكرسي : "وإلى متى ستظل قاعداً عليّ"
مدير السجن : "حتى يصير الغراب بلون الحليب وتشرق الشمس من الغرب ."
الكرسي : "وماذا ستخسر إذا حرمت القعود علي؟"
مدير السجن : "سأصبح كغيري من الناس ولا مصير أفجع من هذا المصير الأسود "
الكرسي : "وماذا سيحل بك إذا أصبحت كالناس ؟"
مدير السجن : "وهل هذا سؤال يسأل؟ ألا ترى الفروق بين جنة من يأمر وبين جهنم من يطيع الأمر؟ صحيح أنك من خشب عديم الإحساس "
الكرسي : "أراك قد أمسكت القلم فماذا تنوي أن تكتب "
مدير السجن : "أنوي كتابة وصيتي على عجل لأن كلامك ذكرني بها ونبهني إلى أن إهمالها خطأ جسيم لا يغتفر "
الكرسي : "وبماذا ستوصي ؟"
مدير السجن : "سأوصي بأن تدفن معي في القبر يوم أموت " …



* عن
qamatcom

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى