طيبة بنت إسلم - ضحك و أشلاء.. قصة قصيرة

كان الشارع خاليا وموحشا لدرجة غريبة، وهو ما جعلني أحس بقشعريرة شديدة في سائر جسدي إلا أن ذلك لم يمنعني من متابعة السير، وحين هممت بالرجوع بعد يأسي من أن أجد أحدهم ... سمعت ذلك الصوت، فاتجهت نحو مصدره وعندما اقتربت تبين لي أنه صوت ضحك قوي جدا؛ فتابعت السير حتى أبلغ مكان صاحبه.

كان رجلا في الأربعين من عمره ولا يكاد يتمالك نفسه من الضحك حتى خيل إلىّ أنه سيقع، فاقتربت ووقفت إلى جانبه؛ لأرى ما يضحكه ، إلا أني رأيت منظرا أصابني بالفزع ، فقد كان هناك أناس يتقاتلون بوحشية غريبة ومع كل تلك الفوضى التي كنت أراها؛ فإنه لم يكن يصلني منهم أي صوت ، فكل ما كنت أسمعه هو صوت صاحبي الذي يضحك.

كان هناك رجل يلبس بذلة نظيفة وأنيقة ويدل مظهره على أنه أحد المسؤولين أو شخصية مهمة، وكان يحمل في يده سيفا طويلا وحادا يلوح به؛ ليطيح برأس كل من يمر من أمامه ، بينما كان آخرون يجثون على ركبهم ، ليأخذوا في قضم أجساد الضحايا ، ويتمرغوا في دمائهم ، في منظر يدعو للغثيان ، كما كان هنالك شرطي يقف وفي يده عصا غليظة يضرب بها كل من يمر به على رأسه حتى يفقده وعيه.

كان كل من نجا من الاثنين يأخذ في الشجار دون الالتفات إلى مصير الآخرين؛ فكانت الجثث والأشلاء تغطي المكان بينما كان صاحبنا مسترسلا في الضحك؛ فأخذت أنظر إليه باستغراب شديد وأعدت النظر إلى المشهد؛ لعلي اكتشف سببا يبرر ضحكه ، وعندها لاحظت أن صاحب السيف وبالرغم من كل تلك الدماء المحيطة به ؛ فإن ملابسه ظلت نظيفة؛ فأردت أن أنبه صاحبي إلى ذلك الأمر ، لكنه لم يعرني أي انتباه؛ فبدأت أصرخ وأصرخ دون جدوى؛ فمددت يدي إلى كتفه وبدأت أهزه ، فسقط ممددا على الأرض ، وإذا به جثة هامدة وأعضاؤه متصلبة ، كأنه مات منذ مدة ، ومع ذلك بقيت اسمع في أذني صوت ضحكه وعندما نظرت إلى الشارع كان الجميع قد اختفوا أيضا و بدا الوضع طبيعيا ، واكتشفت وجود بعض الدكاكين وبعض المارة علي الطريق إلا أنهم لم يكونوا ينتبهون لوجود الجثة ولا لوجودي ، انتظرت لعل ذلك يكون مجرد حلم ولعلي أصحو منه ولكن ذلك لم يحدث.

طيبة بنت اسلم

* من مجموعة شغف الذاكرة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى