مريم بن بخثة - قاصرات الطرف (قصة قصيرة)

مشاهدة المرفق 84
مازلت أذكر أني كنت أمشي، حافية الحروف، يضيق صدري، تنتفخ أوردتي والمعنى في زقاق الليل يغيب. ملثمة هي جروحي تتبرج كل غسق تشعل شموع الانتظار، الانتصار، تتعالى بصمتها ترسم امرأة تطرز أحلامها البكر على منديل الفرح، تعد بأصابعها أرقاما، تغيب في بياض الحرير، تطل ابتسامة خجولة تبوح بكل ما لم تقله.
هكذا غردت بلابل العمر وحلقت تقطف ثمارا تبدو في غير نضوجها.
وتطل امرأة أخرى ملثمة بصروف الدهر، تحرك ذراعيها في الهواء. مرة تبدو هادئة ومرة تثور كبركان كان راكدا ثم استفاق. يجيء المساء، تلتف النسوة حول حناء الفرح تزغرد إحداهن لميلاد حياة. ويذرف البدر أولى زخاته، رقص وغناء و فرح وحزن يتعانقن لحظتها في صورة سريالية تغيب فيها الوجوه ويحضر الفرح والحزن.
أقبل الفجر متهاديا كسكير طوح به نبيذ الحانة الرخيص، يعانق بياضها و يغيب وسط الحشود.
وحده المنديل الأبيض المطرز يعرف نهايته، وحدها النجوم تكتم صوت صراخها.
يطل الصباح وتطل النسوة خدود محمرة وعيون منتفخة تحكي كيف كان الليل طويلا.
ويأتي المنديل الأبيض المطرز يحمل بشارة الانتظار زغاريد تفتح أشرعة الصباح وأسارير تنطلق نحو الشمس تغسل سهر الليل و ترقب الإصباح مثقلة بجروحها قامت تمشي تخط الخطوة الأولى.. الثانية لم تكن تدري
جسدها المنهك قد وشم مدى الدهر أنه ذات فرح غزاها فارس لا يجيد سوى لغة القتل.

.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى