وساط حيلالي - يوم أحد..

يوم أحد كئيب، كل ما حاولنا أن نتسلّى نبوء بالفشل.
في البداية تسلّلْنا إلى مقبرة النصارى، كان حسن العامل بالفرّان قد حكى لنا أنهم يدفنون الحلي الذهبية مع أمواتهم، تسللنا وبحوزتنا مطرقة ووتد، لكن سطوح القبور كانت صلدة، ورغم كل الجهد الذي بذلناه لم نفلح سوى في تحطيم سور قصير كان يحيط بقبر من هذه القبور، فاستسلمنا و جلسنا فوق حشائش المقبرة وقد هدّنا التعب.
وما كان يمكن أن نمر بالمسجد العتيق دون أن نلعب لعبتنا المعهودة، ندخل من الباب الأمامي ثم نخترق الجامع جريا ونَفِر من الباب الخلفي، ولعناتُ رُوّادِهِ تلاحقنا وسعادةٌ عجيبة تملؤنا، لكن الباب الخلفي لسوء حظنا، كان مغلقا بالمزاليج.
حتّى الحسين بائع الحريرة فطن إلى مخططنا، فما إن دنونا منه حتى صاح فينا:
ـ لْخْلاص أولا. وظل متشبتا بموقفه حتى يئسنا منه، فابتعدنا ونحن ننعته بأقذع النعوت. هاهو الظلام قد بدأ يحل، وها نحن نصعد المنحدر متجهين نحو بيوتنا، ضَجَرُنا هَوانُنا يُرافقانا. أحد كئيب،كئيب جدّا.
لكن ونحن نمر بجانب شجيرات السدر، يوقفنا المهدي بإشارة من يده، ويهمس لنا:
ـ ثمة رجل وامرأة تحت السدرة الكبيرة. ننبطح على الأرض ونمعن النظر، نتأكد من الأمر. عين المهدي الثاقبة دائما بالمرصاد.
يتسلل علي بِخفة ثعلب، ثم يعود بعد قليل ويخبرنا وعيناه تحملقان فينا:
ـ عباس المخزني وفاطمة الشهباء يشربان الخمر. يكتسي مظهرنا طابع الجدية ونحن نبحث عن أفضل السبل لِنوقع بعباس الأقرع، عدونا الأبدي.
يحسم أحمد الأمر:
ـ نُخبِر زوجته.
نجري لا نلوي على شيء نحو الحي، لا نتوقف إلّا ونحن أمام باب عباس المَخْزْني، ندقه بقوة فسرعان ما تظهر امرأته وقد أصابها الذعر.
ـ زوجك وفاطمة الشهباء يسكران تحت السدرة العالية.
تختفي لبرهة داخل بيتها ثم تخرج وهي ترتدي جلابيتها وبيدها قضيب من حديد، تتجه نحو مكانهما وهي تقسم بأنها زانية مع أبيها إن لم تحطم رأس الشهباء.
ها هي المعركة الدموية ستندلع ! وها نحن نسير وراءها ودفق عارم من المرح واللهفة يغمرنا.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى