بوتالوحت احماد ـ ولد الحمرية

(1)
على رصيف المقهى كان رجال يجلسون ممددين أرجلهم تحت الطاولات يثرثرون أو يبحرون داخل هواتفهم النقالة , أو لوحاتهم الإلكترونية أويحلون الكلمات المتقاطعة أو المسهمة أو "يحلون " أفواههم في الشاشة متتبعين مباراة من مباريات كرة القدم . بعضهم يمسك صحيفة من الصحف , وسرعان ما يتخلى عنها لآخر ثم يتخلى عنها هذا الآخر لآخر بعد ان يكتشف الذين كانوا ممسكين بتلابيبها أنها أكثر ثرثرة من الشاشة فتنتهي فوق كونتوار المقهى , وفي الغد تستعمل لمسح واجهة المقهى .
يدخل "ولد الحمرية " ليملأ – كالعادة – قارورة بلاستيكية بالماء الصالح للشرب لمزجه بالكحول , وهو يدخل مترنحا ، يدوس على ذنب قط المقهى , ينط هذا الاخير ويموء مواء موجعا يزعج الرواد .
طالب احدهم النادلة الانيقة بإخراج السكير , اخرجته خارج الباب , وأخذت منه القنينة وملأتها له ماء ثم صرفته , أحدهم إحتج عليها .
- إنك تساعدينه على إستهلاك شيء حرمه الله .
- ومن أدراني أنه سيستعمله فيما حرمه الله ؟ قد يشربه او يغسل به يديه. أنظر إليهما كم هما قذرتين ؟
ــ أنا اعطيته ماء وفي نيتي أنه سيستعمله فيما احل الله .
إبتعد "ولد الحمرية " عن باب المقهى مترنحا وساخطا على الرواد .
- واحظوني‼ قال , ثم إبتعد.

(2)
تحملق "حادة " في المرآة الإرتدادية الموجودة على اليمين لسيارة فارهة مركونة على الرصيف، تحاول تصفيف شعرها معتمدة على المرآة . الشعيرات دبقة, قذرة, مغبرة, ملتصقة ببعضها تابى ان تاخد الهياة التي أرادتها لها هي , تركت شعرها , تجردت من فستانها الذي تلبسه على عريها . تاملت جسدها المتناسق القذر ، سقطت عانتها السوداء على ظهر المرآة ، شح هذه الاخيرة جعلها تنحدر في الشارع عارية تتابط فستانها , على الواجهة الزجاجية لاحد المحلات التجارية التي تعرض الثياب الداخلية للنساء وقفت ثم شرعت تعبث بثدييها , مر احد الملتحين يلبس لباسا افغانيا عفا عن لحيته وحلق شاربه , نهرها بعنف , أشرعت في وجهه مؤخرتها , هرول ليختفي عن المارة , نعثت أمه بالق..وظلت تلوك كلاما بذيئا.

(3)
إلتمعت عينا " ولد الحمرية " لما رأى المتشردة عارية تنحدر في الشارع , قطع عليها الطريق , كان يترنح , كاد يسقط وهو يجدبها إليه , لكنه إستقام أخيرا , احكم قبضته عليها , أسقطها ارضا , وألقى بنفسه عليها , طفقت تصرخ وتنتفض من تحته , تجمع الناس حولهما , برؤوس أحذيتهم بدؤوا يرفسون " ولد الحمرية " أحدهم كان يحاول إنتزاعه من فوقها دون جدوى , كان يعلو ويهبط والضربات تنهال عليه , وفي لحظة سكنت المتشردة ولم تعد تستغيث بل كانت تصرخ في المتحلقين :
- وااااغا خلوه ‼واااغا خلوه‼

بوتالوحت احماد
  • Like
التفاعلات: 2 أشخاص

تعليقات

نهاية غير متوقعة تدفع للابتسام، لكنها متناسبة في الحقيقة مع معالم عالم رسمه النص، سمته القذارة و الانحراف.
تصوير سردي رائق
لك الشكر أخي احماد
 
مرحبا بك اخي احماد
نص سردي من تلك النصوص الاتي يخطها يراعك بمزيد من حب اللغة والادب والحفر عميقا في سراديب الابداع
اعرفك قاصا متمرسا وصديقا غاليا لك كل المحبة والمودة الخالصة
 
أعلى