حيدر عاشور - يرى نفسهُ.. قصة قصيرة

خذ قرارك وافتح الباب، قد تجد بعدها ما تريد ان تعرفهُ، وربما تجد صديقا صادقا او قرين طريق يطفئ لهيب النار في قلبك... أنتبه لا تقترب أكثر هناك ظلمة تتكتك، تطفئ نور انسانيتك، لا تجني منها سوى الريحُ الصفراء تتحسسها ولا يمكن ان تلمسها، تعذبك ببطء وتضحك في وجهك، ولكن في وسعك ان تسمع صفيرها احيانا، حين ينضج ابداعك في النور، وتتلاشى بسرعة، ولم يرها أحد ولا أحد حتى هي نفسها حين يعم الهدوء، وانت فرح تنصت بتركيز الى جوف روح وسرائر نفسك والى عمق ذاتك..
قل لي لماذا تفرح، كما لو كانت الريح تجتث باذرعها المشبوهة القلوب الرحيبة والطيبة..؟
- يكفي انني حيٌ اتنفس عبق المكان ! مثل كتاب بلا كلمات.. وفي رأسي مشروع مثل النهر يجري نحو المنبع، ولكن داخل روحي ثمة طاقة موشكة على الظهور. لا يهمني أي فرد اخرق بما يكفي ليكون حكيما ينعوج مثل المسمار من اول دقة.
انت تمشي عكس التيار ومبتهج..!؟
- صحيح لانني ، ابحث عن معنى وجودي في هذا المكان! ، بعد ان كنت لسنين خارج المدينة اخوض في الاوحال، اجاري الاصوات الجارحة، وانظر الى اشكال الكلاب الملونة وجوهرها الحقيقي، وفخاخ انسجة العنكبوت تنصب شباكها المشؤومة لصيد الحقيقة وتحجيمها واذلال الاصوات النقية القادمة من الاعلى..
والابتهاج الذي تراه هو رؤيتي لنفس ما رأيت خارج المدينة، بل تجاوزت الافعال الكلبية والعنكبوتية ولكن بنوع من الفضائل التي لا يمكن ان تعلنها، وان شخصتها واعلنتها، ستكون فورا - اما ملحدا او طائفيا او علمانيا- اذا ما حكموا عليك بالكافر، ولا يكون ثمة شيء تفعله سوى قبول اللعنات.
لم تقل لي عن أي وجود تبحث..؟
- ابحث عنه كأي خادم في رحاب سيده، يرى نفسه ملاكا طاهرا، زاد احتمال يقينه، كنقطة ضوء توشك ان تصبح شمسا او نجما او قمرا، لا تصدم باي ظلام. فالنفس التي لا تخطئ لا تفعل شيئا سوى ما يفعله النور الذي يشق الظلام بقوة لينير دروب التائهين والنادمين.
هذا لا يكفي ان يجد الانسان وجوده في المكان ..؟
- الطيبُ سيجد وجوده بعقل، حين ياتي يوم حساب..!؟




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى