عقيل علي - جنائن آدم.. " نص طويل يحمل ذات عنوان الديوان "

تتبعنا اشجار لا تنكس ظلالها , انها لا تكرهنا
اشجار وتقاويم نفك فيها حبالنا , إننا لا نرحل
أرمي للكذبة رأساً من أجل أن تكون حانية ,
بينما الكلمات مجدبة , وهذا ما اعرفه
ولا ألوي شيئاً .
متأبطاً عنقي , مبعداً عني الخوف بالخشخشة ,
أحصي شبيهي الذي يأكل أحشائي ، شبيهي القاسي ,
أشحذ رماله , لا أمنحه رهبة الظهور
إني لملاحقك أبداً
بهذا وحده ينطق الصمت , لهذا وحده أعطي القوة
متى تنفض الروح رمادها ؟
إني انظر إليها لأشير الى الأفق , إني أبعثرها لتعرف حالها
كفى الآن ودعني
ضع فخك للتثاؤب , وليس لأزهار الطفولة
ضع نهاية للشراع الذي صار صيفنا , وهو نيراننا
إلمس ماتلمسه يدي , آن للجبين آن يصير مرسى
الحنجرة سوط ,
لا تتباهى بمياهها غير الأضرحة , الطفل لا يعرف من الشعلة سوى انها جميلة .
أقمار ... أقمار , استيقظ من اجلها , ولها وفي الاصل استعيد الركض .
آه من النسر الذي ألف وجه
كان يلتقط السلاحف ويسعى مندفعاً نحو أوتاره
كان يخب على المنحدرات واعياً تناسله .
لنأت ... لنأت , مبتدئين الأثداء بالتحية ملجئين المواعيد قائدينها من خلفنا
لقد وصلت في إدباري الى المنتهى
رغم وجود القوة الكافية والجنون الكافي
آه ! كان العصفور يعكس مساره دائماً , حين يعكس الليل وصاله وهو مقبل .

كأن الليل ماضياً قريباً يتخفى بسراويله
المدن وحدها كانت تعدو قاطعة بنباحها الطرق ,
متبعة تسلسل الساعة الجنسية
هذا ما قد اعتبرته وأنهيته
هذا ما كان يأسر اللحظة ليسكنها
هذا ماقد افترضته وأبصرته , قفزت نحوه حتى لا أخفق بتناميه
هذا هو البعض الذي يجوف ليكون جزءاً
ليست هذه الدائرة التي تكون لغيرك , إنها لك ,
وعند كل مفرق ليس إلاك ينشر فراره
يطوق رأسه بالغناء
ويمضي .
ثمة أشياء لا تمهر , إنها ممهورة بالنظام
ونحن ام نمهر , نحلل – ونرتكن –
المثل الأوطأ للعقل , الحبكة المشعثة للضرورة
وكما نترك دائماً للأكاليل سراويلنا كلها ,
لم يكن ماينمو هو ماخسرناه
وهذا ما لا يثير الأسف , ولأن هذا ايضاً ماتبتغيه الجياد
فلنأت , لنأت ضاربين الوسيط عرض الجوقة
معلقين على اذقانهم منهدة المرأة العبقة
برائحة الثدي وعرق الإبطين .
صداقة الاشياء قاطبة , عداء الاشياء قاطبة , هذا مانريد
لا نطلق أغاني الحبيبات فقط ، ولكن ايضاً الصرخة
المدوية ,
وبنفس الحنجرة , هذا ما بحنا به ولم ننسه
الصعود الانزلاقي الهش للسادة المعطرين بالقواميس ,
المراجعات الدائبة برمتها , ومن ورائها دائماً ,
الهبوط المكرر , الاقدام الاجتماعية , الخلق الرسمي
ثمة اشياء لا ينظر إليها المرء , لا يلمسها , إلا ليزن أعضاءه
وداعاً , إذن , أيها الحاكي الهرم
ملأنا بمواعيدنا الانذهال , ونسينا انك قد خدعتنا مراراً
سمعنا الزلزال قبل الهدهدة , ولم نخلص من هذا أبداً
وهذا شأن ما يدهشنا ابداً .
الى مَ تهفو ... او ليس غير هذا ؟
أبغير هذا الجناح يمكنك ان تحلق , وبه تنكفئ ؟
لقد ازحنا عن حسابنا كتل الوهم
تعلمنا ان نأسر الوطاويط بالاشجار
عزفنا بلا ملل إيقاع قارة بلهاء
لقد عزفنا وبلا تحفظ ,ومضينا
لسنا بفرحين , ولكنا غير حزانى مطلقاً
اخرسنا شهوة الاستطلاع , وشددنا وثاق ليال ما هي ببعيدة
عشاق رديئون ,أهملوا فاعلية الاستفهام ناكشينها بما هو خاص
اصغر بقليل مما هو مرغم بواقعيته , لامسين كل حر من
اجل ذاته.
سلاماً ايتها الحقيقة الصالحة لإرث كل شئ
لاخلاف من اجل هذا الفردوس .
لبصيرتي بقعة أتعقبها في الحقول الضريرة المعدودة
أعلن هذا امام جنوني لأستحوذ على الإشراقة
أهبط منحدرات , اتأمل سلام اسير , أحزن لانتظار مخادع
مشاكساً اعوامي , مفنداً شتائم ديموقراطية , عائداً بها الى
اصولها
مغلقاً اكثر كف على اكثر من باب , ولا خلاف على هذا
لا آخذ من الجواب غير أجله , مخلفاً لصبواتي حكمة
مستعارة ,
وللملائكة اجراسها الناشجة
ولا حيف في ذلك
بيد أني مخفق في احتراز كل هذا
لأنني معيد دائماً الظل نفسه للشجرة نفسها ,
النظرة الزاعقة نفسها للعين نفسها ,
ولا أحد إلاي يلتوي , غير متسائل عما يحدث بعد هذا .
إن لم يكن بهذا فبمن تأسر النظر لتعيد الصدى
ورغم كل هذا وبعد كل هذا
فلقد امضيت صباحك تتصفح أيامك , تتأمل شبحاً في مرآة
مغصوبة
نعبئ بنادق في الذاكرة – إنها قطط وحب مؤجل –
سترجع ذنوباً لا تمنحها غير شيخوخة وحشية
-كانت افكاراً فصارت سلالم-
ورغم هذا ... وبعد هذا
فستأتي القوة الأكثر اندفاعاً , سيأتي الضوء وينشر بصيرته
وانا فرح بهذا الصوت
أهيئ الجهات , وأبعد الأمكنة . أكف عن التعثر وألمس
الجسد
أيها الشاب
إنك تتساقط ولا تعترف
إنك تأكل يوماً آخر
الى هذا تشير أعراضه , الى هذا يطوح فمه
لقد أبصرتهم
معرضين
ضيقة خصورهم , مدبرة رؤوسهم , وكان هذا يحدث
لقد أوصلتهم كلا الى ذراعه
ضيقة ابوابهم , ضيقة اطواقهم , شيقة ابصارهم ,
ضيقة اصواتهم
آه من هذا اللحد
لقد اوصلتهم ولأكثر من مرة
وفي كل مرة احمل المشهد ذاته في ثيابي
أقتني , وبلا حركة , الأفق في الحلم
لقد اوصلتهم , وهذا يشمل ما بدأته , وهذا يشير
الى الأغنية , وهذا يلجأ عادة الى مقبض الاغنية
لقد أحكمت وثاقي
ومن اجل هذا كنت أقبل , ولأستمرار هذا كنت أستكين
أحرر النزق مما يحتويه ويثقله
أكرر اعتباراً ضائعاً
أدلل على الإدبار لأتبع المنطلق
وا أسفاه !
سيغمر الضوء بصيرة كل شئ هنا
نلوذ بالأعوام من الأعوام
نلتقط بالعزف أياماً كانت لنا , عازفين عنها .
وداعاً أيتها الملائكة التي تأتي دائماً من النقيق
عزفنا على مزمور الحلكة طويلاً
عكرنا الأغنية برمتها – الأغنية الاجتماعية التي لا تصلح لشئ مطلقاً
وداعاً ايتها المنحدرات – إننا نحبك كثيراً
وداعاً ايتها الحقول – لقد اربكناك كثيراً
وداعاً ايها الهبوط الذي يتجه نحو الأعلى – لقد زلزلناك
وهذا يكفي
لنأت ... لنأت
السراويل على العشب
لن نكون بخير أبداً
الغار على الأحذية
أنا قادم الى الاستحواذ كله , ارتقي المشهد كله ,
لأسند المشهد كله . ترمْ... ترمْ ... ترمْ...
أطعم الافكار جثة , هذا هو الذي يتضح
خلاف ما هو عليه
أغسل الوعي بالضحية , مكتمل الدهشة
السراويل مع العشب , أنا وانت خطوة
الرجل المتوحد المحب
أنسبنا ينفض الوحل عن العصفور
أنسبنا ينكش الرغبة لنفس السبب
لعينيك علامة المصيدة , لعيني الخطأ الأثيري ,
نأسر الدفء الى ما لا نهاية
آه , آه
متى سيصغي ذلك الجواب ذو الوقع الحر ؟
متى سيشم رائحته ؟
متى سيتكئ الى ماهو خاص فيه ؟ متى سيقطع الجري
ويتأمل حاله ؟
الرجل الجاد
غير القابل للمضاعفة
سليل النظر واختلاله
غريمي
ذون القرن
الهوة
ها أنا أرتجلك ثانية
وهذا ليس الأفضل لي .
أقتطعك , أتلاشى بك , تلاشياً أتخيله , وكما ترى
لكن لا تصدق
الأشياء البسيطة أكثر قدرة على تفريقنا , بحيث لا يعود احدنا طوع الآخر
إن هذا يؤرجح القدرة كلها , ولا ينقذ الجسد من الحيوان
المتحفز أبدا
عادة أصنع ولأجلك الحركة لتفادي تحركك , مندفعاً
بالأصعب
راكلاً الوحش , مسقطاً فمه داخل فمي
أواه , أنه مشهد ولكن ليس أكثر كذباً من هولك
أنه مثل , ولكن ليس اكثر زهواً من ذكراك
انه على شكلك , مقترن بحافتك , وهذا ليس بحقيقي مطلقاً
فقط , أهرب إليك , أمضي بك ولا أزنك , وهذا ليس
بمعقول .
النسيان أكثر قدرة على جمعي , حيث لا يعود كلانا يشير الى ما نريد
أنكر حضوراً لا يتفادى فيه الواحد أوهامه
أستبدل الرأس بالتجاهل , أكسر تباهيه بما هو ملغي ,
أعطيه صباحاً مقتضباً , أخرجه , اقول هذا دوار
انه هدف وليس مهمة , وهذا فوق قوة كل احتماله
طموحي ان اكون انت
وليس غير هذا
لكن
في النظر الآخر , الخطأ المدندن , الانسجام الرخو ,
الرجفة المهترئة , الزمان الكفيف
دائماً ترى المومياء أمام مرأتها , تغرق أثداءها بالرقص
أنها دائماً تطرق , حين تطرق أمام مرآتها , مفتعلة النوم
الأبدي ,
المبتدئ من المراوحة , في ذات السمع المتشابه .
إنني أضع فكرتي في التناسق , ثم أحيد بها جانباً حتى
أفصلها .
إنني أثير مايقولها الرائي , أنسج بهذا كله , وأكف عن تقليم ذعره
بهذا كله
أوزعه وأشاكسه ، أكاشفه وأعتني بناره
وما من أيام أكثر رغوة من هذا
ترتدي سباتها , تجعل وكما تشاء الغرماء
ساعة للمراوغة
المومياء
الشفتان – الخفاش , الشهوة المعلبة
المؤرقة ,
المداهمة الخائبة للحواس ,
التطلع
الذي يشبه المواد
المعرفة بكل هذا
حقيقة مايقال حول كل هذا .
مرتبكاً ألاقيك في الجنوح
لنبدأ فعلاً غير مكتمل , تواصلاً غير مربوط
أُطرق حين تطرق أمام مرآتها , موسداً إياخا
في الليالي كلها أتبع ذلك الجواب
أغربه بأن نكون وحيدين , بلا ممرات , ساكتين ساعة التنبه ,
غاسلين الوعي بماء اللحظة
إنني أراه
أضمه , محاولاً فصله عن كل ما خلفه , خائفاً أن أجثو
وأغرقه .
لا تفلتفت . ستسمع فرحك في كل خطوة
إن لم تكن بها فمعي , وأمام كل حال
غير مكتفين بشئ , أشد اندفاعاً , ماحين كل ما خطوناه
متلمسين الجمرة , لها نارها , ونحن بها أدرى
بهذا كله أزرع المرآة , ضارباً على الطبل , مسكتاً هذا كله ,
واعياً هذا كله
موجهاً هذا كله , ضد هذا كله
إن لم تكن بي فمعها . ينبغي أن تنبش نارها دائماً ,
وليس هذا ماتبتغيه
أجل ... أجل , إنني هنا , أجل إنني محتدم , أجل
إنني ذو طموح .أجل , إنني ذو افكار
قصيرة النظر
إنني لا أطمح حقاً
إنها تغسلني ولا تعطيني تفسيراً , ولها شبيهها
وأنا سالك هذا , أحتوي هذا , ولا أنتقي غيري
ستشعلين ناراً , إنك جادة أكثر من سواك
إنك لا ترغبين بحياتك هذه , وأنا لا أتبعك منبهراً بوجودك
مؤلفاً هوة شبيهك , مكرراً وهم مظهرك ,
شاخصاً النهاية
إنني أراك , مبعداً عنك شهوتي , آه
إنه يمسك زمامه , ذلك المعتم , المضئ أبداً ,
الرجل ذو المجد
إنه يعرف أين يقود الأتجاهات , ويعرف أي منظر هو دفؤه ،
والأغنية الممجدة ليقظته , وهذا يكفي .
طفولة ولا أقسى منها وحشية غير الفرح . الزورق الذي
انطلق , وراح , ولم يقل الى هنا يكفي
إنه يتدفق
ولا يرينا غير ألفة إليها هفونا , ونحن الآن إليها نشخص
أيتها النهاية التي كرهناها , وإليها الآن نمشي آملين أن لا
نكون أبعد مما نرى ,
هذه نارها فلا تحجبيها
أسكتي , حالما تمس أطرافك هذه الصرخة التي من أجلها
انحنينا ,
وليهبط أحفاده مدوين , وهم أكثر اشراقاً , نحو مياههم
فلديهم القدرة .
أنه يمسك زمام خطاه , ذلك البرق
وعلى مائدتي مجنون آخر , لأجله أيقظت الموتى ,
ودفعتهم الى الظهيرة
حيث تتقاتل الهمم , وتردد العجائز أغنية الريح ,
قارعات على طبل القرف
أعولي أيتها المرأة , إنك لست بعاجزة
لرائحتك أنا حملت رائحة لا يهجسها إلا الأطفال
لأن الحقيقة أفضل لي من أن آسر فيه بسمة الثناء
إني لملاقيك أبداً
لاصقاً بذات يدي حافات مدن . إنها تستيقظ وتسلخ
عن صنوجها هدير أقدامها
إن موائدنا مليئة بالخلجات , لذا إليها أتينا
سأعطيك انسكابات لا أجمل منها غير الأخوة
أنضو عنك أشجاراً , وأغسلك حتى لا تكرهيني
ولكن قبل هذا
دعي كركرة هذا المجداف المعبود تتورم , والمسي
بها خشخشة روحك .
أنصتي لتهشم الطفولة
سأبصرك الضوء الذي إليه ركضنا , يهبط كما اعتاد
أن يمسك
بطرف لونه , ويمضي
كما اعتدت أن يغلقك ويمضي .
أيها الضوء الذي أوقد صباحنا , أيها الضوء
إن الدخان يتصاعد , ماذا نقول ؟
فك لجام أيامنا , الرائحة تفك لجامها ,
ومثل هوة فتحت شراعها
لا تسحب من تحتنا لونك
إليك ارتكنا
وعليك علقنا لهاثنا كله
لقد رأينا , واخترنا , وبدأنا , وما من شمس ثانية
كفى الآن ودعني
أيها السيد الممسك بزمام أموره بحنو , ياجنوني
لا شئ أكثر وضوحاً من هذه الأنقاض
إقتسمنا مع القصيدة الشحوب الذي سخرنا منه ,
إنه الآن نسغها
خيط من الدم يراوغ شبحي
أغلق الباب
هذا يكفي
الدخان يتصاعد من النار المدهشة
وهو الآخر يتساءل : ماذا نقول ؟
  • Like
التفاعلات: حيدر عاشور

تعليقات

شاعر من الزمن الجميل ...كل مفردة من جنائن ادم ..لها نقطة ضوء لكل أعمى وبصير..عقيل على فلتت زمانه...رحمه الله وأحسن اليه..
 
أعلى