سمير المحمود - إشكالية العلاقة بين المادة والوعي ما بين هيجل وماركس

اعتبرت الفلسفة الهيغلية أن الميزة الأساسية للإنسان هي الوعي بالذات وأن هذه السمة تجعله قادراً على الارتداد إلى ذاته وهي نفسها جوهر الفكر الذي يعني الانعكاس أو الارتداد وقد استعمل مفهوم الوعي لتأسيس فلسفة شمولية للتاريخ الذي هو المنتوج الأهم للعقل الإنساني وبناء على ذلك فإن تاريخ العالم من وجهة نظره هو جدل من جانب الروح لتصل إلى مرحلة الوعي الذاتي وهي المرحلة التي تكون فيها حرة عندما تسيطر على العالم..

وتقوم فلسفته المثالية على اعتبار الوعي سابقاً للمادة بينما تقوم النظرية الماركسية على اعتبار أن المادة سابقة للوعي على اعتبار أن المادة هي من تحدد مدارك الوعي وبالتالي يتطور الوعي بتطور المادة المحيطة بالإنسان فماركس يؤكد في كتابه “مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي” أنه ليس وعي الناس هو الذي يحدد وجودهم إنما وجودهم الاجتماعي هو الذي يحدد وعيهم..

ومن الجدير ذكره أن ماركس عندما كان شاباً كان أحد رواد حلقات عصبة الهيجليين ثم انشق عنها مؤلفاً فلسفته الخاصة به حيث عارض فلسفة هيجل الذي يرى أن الوصول إلى الوعي من المادة مستحيل، على أن هيجل مثلما كان يؤكد على أن الوصول إلى الوعي من المادة مستحيل كان يؤكد أيضاً أن استخلاص المادة من الوعي مستحيل حيث نظر إلى الوعي إلى أنه نتيجة للتطور السابق لجوهر أولي مطلق لا يشكل وحدة مطلقة للذاتي والموضوعي دون أي تمايز بينهما وعليه فالوحدة الأولية التي تشكل الأساس الجوهري للعالم بحسب هيجل هي وحدة الوجود والفكر حيث يتمايز الذاتي والموضوعي فكرياً فقط.


* نقلا عن:
إشكالية العلاقة بين المادة والوعي ما بين هيجل وماركس - صحيفة تشرين

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى