أبوالقاسم قور - نقد تناسج ثقافات الفرجة لاريكا ايشت فيشر

الخرطوم _ اديس ابابا
"ان بناء نظرية جديدة لا يعنى هدم كوخ وبناء كوخ آخر محله .بل هى عملية أشبه بصعود الجبل من سفحه الى قمته .فكلما ارتقيت درجةً رأيت فضاءات جديدة ومساحات اوسع حتى تطل على المشهد العام " البرت انشتاين

لعل انفتاح المؤسسة الثقافية العربية عبر الهيئة العربية للمسرح على فضاءات مسرحية عوالمية رحبة يتيح فرصاً معرفية جديدة بغية مقاربة نظرية الدراما /المسرح /العرض/ الاداء/ الفرجة فى مسارات حوار الشمال والجنوب.

قد بات واضحاً ما يعانيه مثل هذا الحوار من مسارات عسكرية وتحالفات أطلسية ساحلة للكرامة الانسان ومدمرة لثقافته فى هذا الجزء من العالم.اذ لا زال الشمال يجيد نمذجة الغارات الناسفة للتنامى الوطنى للحرية الثقافية فى الجنوب. فالحقيقة القاطعة سوف لن يدعنا الغرب وشأننا أو على الأقل سوف لن يتحمل اختلافنا معه داخل اى مشروع داعم لادارة التنوع اوالتعدد اوالاختلاف الثقافى.لقد علمنا التاريخ انه ما ان يتعذر الحوار حتى ينقلب الشمال علينا فى غارات يتخلص فيها بضربة لازب من الحوار و الآخر .يتغمص الشمال فى غاراته اشكالاً و شخصيات مختلفة ومتعددة عسكرية واقتصادية وثقافية. فمرة يأتينا الغرب فى شكل معمر للارض فيستعمرنا ، ثم مرة يأتينا بفترة ما بعد الاستعمار دون اعتذار وتلك غارة ، وعندما اعلنت الامبراطورية الامريكية العسكرية الجديدة عن رغبتها فى استعمار العالم دشنت غزواتها علنا عن نهاية التاريخ والانسان الاخير وهى غارة منمذجة . ويستغل الشمال فشل الذهن العالمى فيكّون التحالفات الاطلسية بمكيدة نظرية الضرورة فى القانون الدولى وتلك غارة مفتوحة. والمسرح عندما يفقد (وظيفته) فى الشمال يتحول لغارات ثقافية نموذج بيتر بروك ...يقول جون الن فى كتابه ( تاريخ المسرح فى اوربا )..فالمسرح (ثايترون حيث نرى الدراما والمكان سويا هو فن اوربى) ..كذلك تشير البروفسير فيليس هارتونيل فى مؤلفها مختصر تاريخ المسرح ان المسرح فن اوربى ... كما تشير الاكاديميا الى ذلك ،لكن للعرب دراماتهم واحتفالتهم وقصائدهم وفرجاتهم ذات ااخصائص الدرامية........ولكل نظرية درامية اصولها الفلسفية ومرتكزاتها الفكرية وابعادها التاريخية والادبية ...فالضرورة والاحتمال منطق تطور الحدث تجريبيا وفقا لقانون الطبيعة لدى ارسطو ...وبنية الشعور مشروع البحث الناقد والكاشف لتقاليد الدراما الغربية من ابسن الى بريخت لدى ريموند وليامز .. ولقد بحث كولردج فى الايهام لبناء نظريته فى الدراما ...وبحث ت.اس. اليوت عن المعادل الموضوعى فى نظريته النقدية. واليوم تبحث الناقدة الاوربية الشهيرة اريكا فيشر عن مرتكزات فكرية وفلسفية و ابعاد ادبية وتاريخية لنظريتها (تناسج ثقافة الفرجة :نحو نظرية جديدة فى اداء الفرجة واعادة النظر فى المثاقفة)...لكل ذلك تحاول هذه الورقة تسليط الضوء النقدى باختصار على مجموعة من الاوراق جاءت جميعها مناقشة لموضوع تناسج الثقافات والحوار بين الشمال والجنوب وتتساءل عن مرتكزات هذه النظرية .. تشمل هذه ( الحويصلة) على قراءة فى الورقة التقديمية لخالد أمين وور قة بعنوان الصراع الابدى بين الفرجوى والمنطوق لكاتبها راضى شحاته وورقة لاستيفن باربر بعنوان تناسج ثقافة الفرجة وتوليد المعرفة الثقافية : الارشيف ، الاجساد ، الوسطية. وورقة أخرى لذوعية لمروة مهدى بعنوان تناسج ثقافات العرض جماليات الاداء / الفرجة.ثم ورقة لخالد جلال بعنوان (البنية المتحررة للمسرح بين صدام وحوار الحضارات ). بعض هذه الاوراق داعمة لورقة رائدة لاريكا فيشر ليشته بعنوان تناسج ثقافات الفرجة :نحو نظرية اعادة التفكير فى (مسرح المثاقفة). والبعض الآخر اجتراح رؤى تخص رؤاه الخاصة . ولقد اشتقلت باحثا عن المعنى العميق الايديولوجى والعلمى لهذه الاوراق بوصفها كنوز ..واتخذت عدة شقلى منهج متداخل بين البنيوية والتفكيك والمقارنة والمقاربة والمفارقة ..أقول اجمالا قد توصلت الى نقطتين شكلتا مسارين لمعظم هذه الاوراق

النقطة الاولى : وهى مغالطة المقارنة بين مسرح المثاقفة و تناسج ثقافات الفرجة ومدى استيعاب تناسج الثقافات لكافة عناصر البنية وهدم النسق تماما ...عكس المثاقفة التى تتيح تمظهرات العنصر داخل النسق الفرجوى كبنية

0النقطة الثانية :وهذه أشدتعقيدا وعواصة وتتمثل فى محاولة كنس آثار الاستعمار والبحث عن بديل للمصالحة الثقافية .وبين هذا وذاك قد ابلى كتاب الاوراق بلاءا حسنا فبينما تقول مروة مهدى " بشكل عام تعني نظرية تناسج الثقافات بمساحات التداخل المركبة بين الثقافات المختلفة، حيث تتداخل العناصر الثقافية المتنوعة مع بعضها البعض لتخلق سياقا إنسانيا يحمل سمات جديدة عن عناصره الأصلية. مما يعني أيضا تراجع الأسئلة المرتبطة بقضايا الهيمنة والمركزية لثقافة بعينها على حساب الثقافات الأخرى. ويجسد العرض المسرحي/الأدائي/ الفرجوي كحامل نموذجي للثقافات مثالا واضحا للتناسج الثقافي في الماضي والحاضر. حيث يفرز لقاء الثقافات الفرجوية أو ما يسمى أحيانا المثاقفة أو الملاقحة الثقافية في بعض الترجمات -هيئة جديدة كنتاج للتفاعل بين عناصر ثقافية وهويات إنسانية متنوعة، مما يضع علامات استفهام حول الكثير من الإشكاليات التي تواجه حقل البحث في مجال تفاعل الثقافات، مما يجبرنا على البحث عن إجابات مغايرة لما يخص الهوية الثقافية والأصل الثقافي والهيمنة الثقافية ". هذا قول واضح فى اتجاه هدم النسق بتحول العناصر المتداخلة الى جسد مرئى جديد ...وهذا امر مشكوك فيه ويحتاج الى نظر كما يقول الازهريون ..و كما يرى الدكتور راضى شحادة

"الصراع بين المنطوق المسموع وبين المرئي الفرجوي المشاهَد موجود منذ إطلاقنا اسم سمّيعة (audience) على الحاضرين المحتفلين بالمناسبة، وإطلاقنا اسم "المتفرّجين" أو "المشاهدين" بلفظتيهما العربيتين المعهودتين. هذا يدلّ على الترابط في العملية العرضية بين الفرجوي المرئي المشاهَد وبين المحكي المسموع، وليس صدفة أنّ حكواتينا، وهو أول ممثل عربي في تراثنا لُقِّب بالحكواتي، أي الذي يحكي وليس الذي يعرض، جاء " ..ولقد انتهى الى صك مفردة فى غاية الابداع الايقونى وهى (المشموع) مزج فيها بين مفردتين هما المسموع و المشاهد. وتمتاز وتنتمى ورقة شحاته الى الاحتفال العربى وتجارب الفرجة العربية واحتفالتها فهى ورقة أصيلة ..لينه ..رغم كثافة توليد المصطلحات فهى ورقة زاهية بفسفساء الفرجة العربية

يقول ادوارد سعيد فى كتابه النادر (الثقافة والامبريالية) "الامبريالية لم تنته ولم تتحول فجأة الى ماض " ( ادوارد سعيد : الثقافة والامببريالية1993).فالغرب الذى الذى يرقد هناك يفصله من المعرب العربى جبال اطلس والبحر الابيض.... كذلك يمكننا النظر الى مسرح المثاقفة غارة ثقافية ثم تستعرنموذج "التناسج الثقافى فى الفرجة" وتلك غارة كبرى. فان كان الحوار يعنى بالضرورة وجود آخر قد يكون له رأى مختلف فان مثل هذا الحوار سيكلف الغرب الثقافى الامبريالى كثيرا ، لذلك سيتبنى معادلات صفرية فى الحوار تنتهى الى هجمات عنيفة فى بؤر التوتر. واليوم يعانى الغرب ازمة اقتصادية ضاربة تجعله يبحث عن مصادر أخرى ، متخذا فى ذلك زرائع وأحابيل وحيل ذكية ومدهشة ... فالقانون الدولى سيجد سبله شرعاً نحو القوانين الو طنية ، ناسفا للسيادة الاقليمية ولربما جاء يوم لم يبق للدولة الوطنية غير ( قانون الاحوال الشخصية مثل الخطبة والزواج والطلاق ). . ان الدولة الحديثة الحقوقية من لدن توماس هوبز وجون لوك وجان جاك روسو الى نشوء عصبة الامم المتحدة والاعلان العالمى لحقوق الانسان ثم اتفاقيات ومعاهدات جنيف ، وتطور وثيقة الحقوق الدولية داخل الدساتير الوطنية عند نهاية التسعينينات كلها تؤكد عن عدم تكافؤ هذا الحوار المزعوم على سبيل تدعونا اسس باريس الى التمثيل النسبى بينما تدعونا رؤى تناسج الثقافات تذويب مثل هذا التمثيل. وفى هذه العجالة ولما كانت الهيئة العربية للمسرح قد سعت لتوفير هذا الملتقى من اجل المذاهنة والمداخلة الباحثة عن أفق يضمن الحوار شمال /جنوب من منظور ثقافى /مسرحى / فرجوى فهو جهد عظيم من اجل السلم والامن العالميين ، اذ لا ينبغى ان يكون الحوار فقط من اجل الحوار ، فعالمنا يعيش اسوء لحظات السلم العالمى والفشل الذهنى فالنجعل من هذا الحوار شيئا مفيدا متخطيا الترف الذهنى الى خانة الحلول وصناعة التعايش الثقافى السلمى . هنا اشير باننى اطلعت على اوراق لكل من اريكا فيشر ليشته وورقة تقديمية لامين خالد واستيفن فهى اوراق محتشدة بالمعلومات القيمة لكنها لم تجب على السؤال الاساسى ماهى وظيفة الحوار؟ما الهدف ؟ وكيف؟ ....فان كان المطلوب (فرجة التناسج الثقافى) فما هى وظيفة هذه الفرجة ؟ نعم ...فالهيئة العربية للمسرح تكون بذلك قد استهلت منظومة فارقة فى مطلع هدذا القرن الحادى والعشرين وتجشمت مسؤلية تاريخية كوسيط لحوار الشمال والجنوب عبر ملتقى فكرى كبير مثل هذا ..لكن ما الهدف من كل ذلك ؟. فالمشروع فى أصله يتطلب نقد الابستمولوجيا الغربية ومشروعها الثقافى الامبريالى و نقد العقل العربى الذى يعيش صدمة الاستعمار العائد ..ان معادلة حوار الشمال والجنوبة وملغومة ب(تروما ) الفترة الاستعمارية البغيضة ، وما أعقبها من فترة ما بعد كونيالية ، ثم كولونيالية عائدة تعمل على نظرية الحرمان والهيمنة وكافة نظريات النزاع الجزئية والكلية. كذلك يشكل العقل الافريقى منظومة الصدمة الاكثر فواجعية Devastating لا زالت اسواق العبيد والنخاسة فى زنجبار ، وممبسا ، وبعضها مثل ( بوكا مويا ) تقع على بعد 20 كلم فقط من جامعة درا السلام العريقة بتنزانيا. لكن ماهو العقل العربى من الخليج الى المحيط . على سبيل المثال عندما يسافر السودانيون والأثيبوبون الى جنوب ووسط افريقيا يقولون نحن ( ذاهبون الى افريقيا) .

تجدر الاشارة هنا الى الى ما أبتدر به السيد أمين مداخلته القيمة ، ودفوعة المائزة ، وحثه المبين لنا بلغتة الحانية فى ورقته التقديمية قائلا "أملنا أن ينخرط البحث المسرحى العربى فى هذا النقاش ، وأن يسعى الى تقوية حضور المسرح العربى فى خارطة المسرح الكونى" فالسؤال هو هل الكونية هى الأخرى تتبع للمركزية الاوربية ؟ اين مركز الكون ؟ لماذا لا ننظر الى المسرح غير الاوربى مسرحا كونيا وندعو الآخر الى حضوره ..وماذا يعنى امين بمفردة كونى ؟ هل يعنى Universality ؟ ثم يقول السيد أمين فى مقدمته "من اهم سمات التحول والدينامية داخل حقل الدراسات المسرحية فورة المفاهيم والمصطلحات ’ وجنوحها نحو ابتداع أخرى تروم تصحيح الاسس النظرية التى قامت عليها المفاهيم السابقة .هذا ما حصل مع مصطلح " مسرح المثاقفة " Intercultural Theater . وفى هذه المقاربة نتسائل بتؤدة عن ماهى الاسس النظرية التى قامت عليها المفاهيم السابقة؟ ...فان كان يعنى المفاهيم السابقة للدراسات المسرحية ، أقول تلك مسألة غائرة فى الفلسفة الغربية من لدن افلاطون وارسطواطاليس وهوراس قبل الميلاد تبحث عن وظيفة للشعر (راجع فن الشعر لارسطوطاليس وهوراس) . دون شك ذات السؤال مطروح عن الاسس النظرية التى أدت الى انبثاق مصطلح ( مسرح المثاقفة) فهى اسس راكزة فى سيرورة الهمينة ، والحرمان ، والنبذ الثقافى المنبثقة من المركزية الأوربية والثقافة الامبريالية وتجلياتها الاستعمارية الجديدة ...ان النسق الهيمونى الاوربى The Hegemonic European System ؟ هو نسق بالغ التعقيد ، متداخل النظم والعلامات والجزئيات والديناميات . لكل ذلك يمكننا النظر الى مزعمة ( مسرح المثاقفة) ومغالطة ( تناسج ثقافات الفرجة) بوصفهما عنصرين من عناصر نسق الهيمون الاوربى واحدى تمويهاته التى تحتاح منا الى تدقيق وفحص وسبر غور . فبينما ترجع الاسس النظرية والمرتكزات الفكرية الابستمية للنظرية الغربية الاوربية الى نظريات المعرفة فى الفلسفة الغربية ، كذلك تعبر منظومة ( تناسج ثقافات الفرجة ) عن مأزومية المؤسسة المسرحية الأوربية المتمركزة منذ مطلع القرن العشرين وبحثها اللاهث عن ملقح اسطورى ﻷرضها اليباب (البطل فى قصيدة الارض اليباب لدى ت .س .اليوت ياتى كل مرة مستعيرا شكلا جديدا لتلقيح الارض الخراب ، مرة فى شكل تريسياس ،ومرة فى هيئة طائر الفينيق ) ، اليوم يمكن النظر الى تجارب بيتر بروك وآخرين كغزوات من أجل الثقافة وبحث عن ملقح للمسرح الاوربى اليباب ....لقد مات المسرح الاوربى بنهاية الواقعيات وانعكاس الوضعية المنطقية فى مسرح ابسن وانطوان تشيخوف وجورج برناردشو وبريندلو ...اما مسرح العدم والعبث فهو تعبير عن ازمة وعزلة الانسان الغربى وهو يتخرك بين العدم الى العبث from absurdity to nothing . كما يقول التاريخ الغربى فى تبريره لغزو السودان ( من أجل المال والرجال) وكلمة الرجال هنا تعنى العبيد ...المركزية الاوربية لا تعترف لذلك لن تعتذر لنا .لقد افاض السيد أمين فى مقدمته مشيرا بلذوعية منقطعة النظير الى نقطة 0هامة قائلاً : لكن ارتهان المصطلح باشكال معينة من الممارسات المسرحية المتمركزة قد أحدث التباسات أثناء تداولة فى أوساط البحث المسرحى الدولى ، اذ اصبح يرمز لمثاقفة مهيمنة ومفروضة أكثر منها تلقائية ومتكافئة". فالحقيقة ان حوار الجنوب والشمال المزعوم محكوم عليه بالاعدام منذ نهاية القرن العشرين ومطلع هذا القرن الحادى والعشرين ( نهاية التاريخ : فوكاياما ) وصدام الحضارات لهنتيجنتون .ان النسق الهيمونى الاوربى لا يرى الآخر الا عبر ذاته ...فعندما يتحدث النسق الهيمنى الاوربى عن الآخر فهو يعنى الآخر المتمثل لذاته .لقد فضح مشروع حقوق الانسان فى تجلياته وآلياته الدولية عدم احتمال الهيمون الاوربى لحقوق الآخرين ...بل يسعى الهيمون العسكرى الاطلسى الى أن يجعل من الآخر حقاً له...لا يكتفى الهيمون الاوربى بحقوقه بل يسعى الى ان يجعل الاخر حقا من حقوقه . يعيش العالم اليوم نوعاً من الفشل الذهنى فى العدل والسلم وحقوق الانسان ، لكن السيد أمين يبحث بكل همة ونشاط عن وجود حالة تسمى ( تناسج ثقافات الفرجة) واصفاً لها بانها (مشروع بحثى حالم يسعى لتجاوز مركزية المسرحية الغربية من خلال تعميق النقاش حول مجموعة من الاسئلة العالقة التى تمخضت عن الخصومة المسرحية الشهيرة الموسومة ب ( حرب مسرح المثاقفة).. لكن الفشل الذهنى العالمى فى منظوماته الانسانية الكونية ومؤسساته الدولية مثل الامم المتحدة يؤكد استحالة هذا الحلم الذى يدعونا اليه المفكر أمين فى هذا البرد . ان عواصم الغرب الخمس التى أطلقت على نفسها اسم ( المجتمع الدولى ) International Community هى منجم الهيمنة الثقافية والعسكرية والسياسية .ويقينى ان مفردة interweaving التى ترجمت الى تناسج بالعربية هى عنصر من عناصر الهيمون الاوربى ،فهى كذلك دون شك كلمة حملات أوجه اذ تعنى الممازجة والجدل .وفى هذا السياق المشوب بالحزر جاءت ورقة السيدة اريكا فيشر بعنوان Interweaving Performance Cultures : Re-thinking "Intercultural Theater. لكن تجترح السيدة فيشر عنواناً أخراً أكثر جرأة وهو Towards a Theory of Performance beyond Post Colonialism . بالفعل كان ذلك اجتراح بالغ الأهمية خاصة ان الكاتبة لم تشرح ، ولم تعمد الى البحث عن الاصول والمرتكزات الفكرية والفلسفية لهذه النظرية الجديدة بيد انها افاضت فى ذكر الوقائع بسرد تاريخى رائع . قبل كل ذلك دعونى اردد ما قاله البروفسير نقوقى واثينقو فى كتابه Moving the Center The struggle for cultural Freedom "الثقافة هى منتوج تاريخ الشعب المعنى . لكنها الثقافة تعكس ذات التاريخ كما انها تشمل كافة نظم القيم التى يرى بها ذلك الشعب ذاته ومكانه فى الزمان وموقعه من التاريخ " .و باجراء مقارنة بين منظورين احدهما من الجنوب (نقوقى) والثانى من الشمال ( فيشر) نكتشف كل ذلك التصادم قى الفكرة فبينما ترى فيشر فهى تقول " بالاضافة الى ذلك ، أعتبرت مجموعة من الاعمال المسرحية الأخرى بين –ثقافية : مثل الانتاجية الشكسبيرية والبرشتية باسلوب الاوبرا الصينية التقليدية ، كما لوحظ فى مسرحية ماكبيث سنة 1984".يتحدث نقوقى عن نظم التفكير المحلى واثره على الوعى . اليوم يمكننا ان نرى المركزية الاوربية خلف مفردات ورقة اريكا. بالطبع لقد انتصرت الكاتبة للثقافة غير الاوربية وهى تقول " هل استخدم المصطلح الجديد من حيث هو وسيلة خفية للحفاظ على سلطة وهيمنة أوربا على آخرها" تزودنا ورقة اريكا فيشر بمزيد من أظهار منهج تقصى مأزومية الابستمولوجيا الغربية المعاصرة التى فرقت بين ال object والsubject . والسعى الحثيث للمثقف الاوربى الى ردم الهوة بين الobject والsubject فهى تعرف التناسج الثقافى قائلة " معروف ان التناسج الثقافى يشتقل على مستويين : مجموعة من خيوط حريرية تلتئم لتشكل ضفيرة ، والضفائر بدورها تنسج لتشكل قطعة من قماش ، والتى بدورها تتكون من ضفائر" ثم تذهب اريكا الى البحث عن ردم الهوة بين الشيئ والموضوع الى القول " والمهم فى كل هذا هو انه ليس من الضرورى التمييز والفصل بين كل هذه العناصر التى انصهرت لتعطينا المنتوج النهائى . انها مصبوغة ومضفورة ومنسوجة لتشكل أنماطا معينة دون السماح للمشاهد بأن يتتبع كل فرع الى أصله" . هذا الاطباق على التنوع والتعدد والبحث عن الشكل الواحد ، يثير اليوم السؤال الاكثر عمقا ...ما الهدف من هذا التشابه ، لماذا البحث عن اعدام التنوع والتعدد والاختلاف اليست هذه هى الامبريالية الثقافية ؟ التناسج الثقافى للفرجة يسعى الى توحيد العنصر داخل النسق فى البنية الواحدة ... ، وهو بهذا أشد وأدخل الى الثقافة الامبريالية من مشروع مسرح المثاقفة . وان كان قد ترجم المغرب كلمة Intercultural مثاقفة ترجمها الجزء الشرقى الناطق بالعربية من افريقيا الى تداخل ثقافى . لقد شكلت الهجرات العربية من المغرب العربى الى اواسط وشرق افريقيا تداخل ثقافى انثربولوجى انتهى الى تكوين مجموعات عربية افريقية بثقافات وعناصر متعددة ومتنوعة ومختلفة . لم تعهد تلك المجموعات الى اعدام التعدد والتنوع بين الثقافة الافريقية الزنجية والعربية الاسلامية. قد شهدت مجموعات من المفكرين الذين دافعوا عن ادارة التنوع الثقافى ...فى السودان مثلا الدكتور يوسف عيدابى فى تيار الغابة والصحراء .. فى كينيا المفكر على مزروعى ،جينيو اشيبى بنيجريا . استطاعت المجموعات الاثنية المختلفة ثقافيا ان توجد مساحة للتعايش الثقافى بينها فعاشت فى امن وسلام عبر التاريخ . لكن فى الحالات القليلة التى سعت فيها بعض تلك المجموعات الى اعدام وفشل ادارة التنوع بذنب الهيمنة نمى العنف بكل انواعه لينتهى الى الدمار والقتل والسحل . لعله من الضرورى الرجوع الى مقولات الفيلسوف اليابانى فى مؤلفه تسجاى يماموتا الذى فى مؤلفه Byound the violence الذى شمل عدد من البحوث لعدد من المفكرين مثل جاك دريدا فهو ( ان الفصل بين الsubject والobject يقود الى مساحة من ال separation حيث ينمو العنف Violence)

من الواضح ان ورقة اريكا فيشر ترقد عل نص خفى.لكن قد نحمله محملا حميدا ...ذلك حول ما يسمى نظرية ما بعد الاستعما ر وفترة ما بعد الاستعمار فهى تقول "بعد كل هذا يجب التأكيد فى نهاية المطاف على الملح المثالى (اليوتوبى)التاوى فى عمق مفهوم "تناسج ثقافات الفرجة " .تلعب الفرجات دورا جوهريا ف المجتمع :كل ما يحدث بشكل جماعى داخل الفرجة بين المؤدين وبين المؤدين والجمهور -قد يعكس ، او يندد وينبذ الظروف الاجتماعية المعيشة ،اويستشرف آفاق ظروف فى المستقبل" ...لكن السؤال هو هل يا ترى تعتقد فيشر فى ممارسة فرجوية للمصالحة Reconciliation وان كان ذلك هو ما تذهب اليه فيشر الا يمكننا القول قد سبقها لكل ذلك فى القرن الثالث قبل الميلاد ارسطوطاليس فى نظرية التطهير التى انتهت ضدها . لكنها تستشهد برؤية الفليلسوف الماركسى الالمانى ارنست بلوخ . الذ يزعم الى حد القول " التنبؤ من خلال الفنون بشيئ قد يصبح حقيقة اجتماعية فيما بعد . لا تتأسس تلك التوقعات على محتويات محددة وايديولوجيات...بل فقط على سيرورة التناسج التى تحدث أثناء العرض الفرجوى.هنا يتم الاحتفاء بالانتقال بين الثقافات من حيث هو حالة بينية ستقوم بتغيير اوالمجالات والذوات بشكل غير متوقع". تنتقل ليشته الى فترة مابعد ما بعد الاستعمار لتتناول رؤ عالم السياسة الافريقى postclo y Chille Bmembeفى مقولاته لذلك سوف انتقل

وتعتبر ورقة استيفن باربر ورقة محايدة تجترح منهجها بشيئ من الحذر فى الحوار بين الشمال والجنوب حيث يشير بشفافية علمية اكاديمية الى ذنوب سوء الفهم ضمن المحاور الاستعمارية من الجنوب الى الشمال ويشير الى رسالة انتونين ارطو عام 1934 عندما سافر الى شمال افريقيا للقيام بدور الامير عبد القادر فى فيلم عن الاستعمار الفرنسى للجزائر يقول بقى ارطو فى الصحراء وكتب الى صديق له من هناك عن تجربته فى استنبات الشمال فى الجنوب قائلا "اوربا بعيدة جدا لقد اختف الغرب المتحضر ....والصحراء الحقيقية ممتدة الى الافق ...لا شيئ" وكأنه يبكى مع المتنبيئ

اما الاحبة فالبيداء دونهم يا ليتها بيد دونها بيد .

الحقيقة ان مسرح القسوة ﻵرطو بيننا وبينه بيد فهو مسرح فقدان عضة الحياة وازمة الانسان الغربى المعاصر ، والعزلة اما نحن هنا لا زلنا نعيش الامل ونؤمن ان الحياة جميلة يجب تعميرها ...وتستحق ان نعيشها . فى افريقيا نغنى ونرقص فى الاحزان . وهنا اعيد زكر نموذج فلسفة الابنتو الافريقية والذى يعنى

وهو عكس مقولة ديكارتIAM BECAUSE WE ARE

I think because I'm

فى النهاية تخلص الدراسة هذه الى الآتى :

أولا :ان حوار تناسج الثقافات لا زال فى خطواته الاولى وهو مولود يحتاح الى رعاية ،وهو فى تحدى القبول لدى غير الاوربين خاصة العرب والافارقة ...ذلك للصدمة التاريخية بذنب الاستعمار ...لكن ربما أذا ما رتبط حوار تناسج الثقافات بمفاهيم المصالحه والاعتذار ربما شهد خلال القرن الحادى والعشرين تقدم كبير .

ثانيا :يظل البحث عن سؤال ما الهدف وماهى الوظيفة وكيف يمكن تحقيق تناسج ثقافات الفرجة واقعيا محكا لردم الهوة بين التنظير والتطبيق .

ثالثا : لا يمكن لاى نوع من الحوار التحقق دون معرفة الحقائق والاعتراف بالآخر الذى له رؤية مختلفة.

(انتهت)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى