رسائل الأدباء رسالة من الدكتور عبد الجبار العلمي إلى الأديبة الروائية السورية لينا كيلاني

الدار البيضاء في : 19 أبريل 2019

الصديقة الأديبة الروائية لينا كيلاني :
تحية صباحية مباركة ,
وبعد :
مقالك الأخير حول حريق نوتردام دو باري ، واعتبارك إياها تراثا إنسانيا يؤكد الموقف الإنساني الذي تقفينه من العالم ، فلا تمييز بين البشر ، وإنجازاتهم الخيرة هي لصالح الإنسانية جمعاء. رأيك في علاقة الأدب بالتاريخ والمكان رأي صحيح صائب ، فبعض الأعمال الأدبية توثق توثيقا دقيقا لأحداث تاريخية قد يطمسها المؤرخ الرسمي الذي يركز على ما يخدم السلطة القائمة أو يعمل على تحريف الحقائق . وروايات نجيب محفوظ تؤكد رأيك. فالثلاثية مثلا ، ترصد تحول المجتمع المصري من خلال ثلاثة أجيال ، فهي مرجع مفيد للمؤرخ وعالم الاجتماع.
يقول يوسف الشاروني : " استوحى أدبنا العربي المعاصر -فيما استوحى - تاريخنا المعاصر بحيث يمكن للمؤرخ ان يعتبره من وثائقه التي يرجع إليها كما يرجع إلى الصحف ومجموعة القوانين والقرارات الصادرة في فترة معينة " ( عن كتاب " رحلتي مع الرواية " ) . أما الأماكن فيخلدها الأدب ويرسخها في أذهان الأجيال.
وعندما زرت القاهرة مرتين كان مقصدي ، شأنك مع الأماكن التي زرتها أنت في البلاد الأوربية في إنجلترا واسكوتلاندا نتيجة قراءاتك في أعمال أدبية ذكرتها كرواية كولن ويلسون ( ضياع في سوهو) وبعض روايات أوسكار وايلد . زرت خان الخليلي وسيدنا الحسين وأزقة القاهرة المعزية، وحي السيدة زينب الذي كان هو و ضريحها المكان الذي دارت فيه أحداث رائعة يحيى حقي "قنديل أم هاشم " ، وجلست مرارا في مقهى الفيشاوي الذي كان يجلس به نجيب محفوظ ، ودخنت مثله الشيشة واحتسيت كؤوس الشاي الأخضر.
وعندما حللنا بالإسكندرية ، راودتني فكرة البحث عن بينسيون "ميرامار " الذي كان المكان الذي دارت فيه أحداث تحفته الروائية التي تحمل هذا الاسم.
إن الأدب حقا يخلد المكان ويرسخه في أذهان الأجيال بما كانت فيه من حركة وحياة. ورواية " المصري" للمغربي محمد أنقار قام صاحبها فيها بهذا الصنيع ، فصور بدقة متناهية أحياء مدينة تطوان العتيقة بكل تفاصيلها . أما كاتدرائية نوتردام ، فقد خلدها فيكتور هيجو في روايته " أحدب نودردام " بمعماره الروائي الذي يضاهي المعمار البنائي من طوب وحجر وحديد وخشب الذي التهمته ألسنة النيران في ليلة واحدة أو كادت.
شكرا على مقالتك الممتعة المفيدة . لقد ألفيت فيها متعة ومؤانسة أذهبت وحشتي هذا الصباح.
وتقبلي خالص مودتي وتقديري.
أخوك : عبدالجبار العلمي / المغرب.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى