صفاء عبد المنعم - حصان أبيض.. قصة قصيرة

عندما فرغت من قراءة معظم التراث القصصى الشعبى منذ بدايته وحتى الآن ، ربما أكون قد تركت نصا مفتوحا هنا أو هناك لم أكمل قراءته ، ليس هذا تقصيرا منى ، ولكنه ربما لم يكن فى متناول يدى ، أنهيت حياتى ودفنتها عنوة بين الأوراق البيضاء والصفراء ، وحشرات الكتب ، ولكننى لم أندم يوما على ترك ساقى للريح كلما واتتنى فرصة للهروب من القيود العائلية أو الحرية ، خروجا عن المألوف والجاهز فى دولاب الحياة من العادات والتقاليد والعقائد والمعتقدات ، نفرت من كل ماهو ثابت ومتجذر فى الأعماق ، وكرهت بانلوب التى ظلت ولمدة عشرين عاما تحيك فستان عرسها نهارا وتفكه ليلا فى أنتظار وصول أدسيوس ، مدعية أنها لم تنتهى بعد من غزل فستانها ، وكرهت عودة أدسيوس مستريحا وهانئا مرتاح البال سعيدا بوجودها فى أنتظاره .
وعندما كنت اسمع لحن العذراء والموت لشوبان ، كنت أطير فرحا وأحلق فى الفضاء الواسع بجناحين كبيرين لحصان أبيض كبير يدعى بجاسيوس ، كان قديما يملأ أساطير الحب بهجة ، وكل أميرة من أميرات الحكايات ، كانت تحلم بالصعود على ظهره والهروب مع أمير الأحلام فى الحكايات القديمة .
ظل الحصان الأبيض هو الصورة المثلى لظهور فارس الأحلام فى الحكايات التى كانت تحكيها لنا جدتى قبل النوم .
تشدنى تلك الحكايات شدا نحو مصير ست الحسن والجمال ، والشاطر حسن يقف فى أنتظارها بحصانه الأبيض وينقذها من بيت أمنا الغولة ، ويذبح الدجاجة التى كانت تبيض بيضة ذهب .
وفى يوم من الأيام جاء الفارس ، وقام بذبح الدجاجة كى يفك طلاسم السحر ويهدد الغولة فى بيتها ويخطف ست الحسن على حصانه الأبيض .
كنت أنتظر كثيرا شروق الشمس ، وهى ترسل خيوطها الذهبية ، وتشق السجادة القطيفة السوداء وتنشر ضوءها ، وأنا مازلت أنتظر بحماس واسمع فالس الدانوب الازرق لشتراوس على إذاعة البرنامج الموسيقى كل مساء .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى